الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من عمان: كشف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم السبت، عن إجرائه محادثة هاتفية مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، حيث ناقش خلالها إمكانية نقل أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الدول المجاورة، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة والحرب المستمرة التي أنهكت القطاع. وتابع "إذا كان العرض مناسبا، فسأفعل ذلك مرة أخرى".
مقترح ترامب
وخلال حديثه مع الصحفيين على متن طائرة الرئاسة، قال ترامب إنه طلب من العاهل الأردني، الشريك الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة، قبول المزيد من الفلسطينيين داخل المملكة الأردنية، مشيرًا إلى أن قطاع غزة يعيش في وضع كارثي يستدعي اتخاذ قرارات جريئة. وأضاف ترامب: "قلت له إنني أحب أن تتولى المزيد، لأنني أنظر إلى قطاع غزة الآن وأرى أنه في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية".
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يعتزم التحدث أيضًا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول الأمر ذاته، موضحًا أن الوضع في غزة يتطلب حلاً جذريًا لاستيعاب العدد الكبير من السكان المتضررين. وقال ترامب: "أنت تتحدث عن مليون ونصف المليون شخص، ونحن فقط سنزيل هذا الأمر برمته"، معتبرًا أن الحرب المستمرة في المنطقة قد أسفرت عن أضرار لا يمكن إصلاحها بسهولة.
كما أضاف أنه يعتقد أن الحل الأمثل يتمثل في التعاون مع الدول العربية المجاورة لبناء مساكن جديدة في مواقع بديلة يمكن للفلسطينيين العيش فيها "بسلام"، على حد تعبيره. وأشار إلى أن الإسكان المحتمل قد يكون حلاً "مؤقتًا" أو "طويل الأمد"، حسب الظروف التي ستتطور لاحقًا.
ردود الفعل
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الجانب الأردني أو المصري حول ما جاء في تصريحات ترامب.
وفي سياق متصل، أفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" بأن المكالمة الهاتفية التي جرت بين الملك عبدالله وترامب لم تتناول مسألة نقل الفلسطينيين، إذ أكدت الوكالة أن الأردن يستضيف بالفعل أكثر من 2.39 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى الأمم المتحدة، ما يشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد والبنية التحتية الأردنية.
يذكر أن الملك عبدالله الثاني سبق أن أعلن في عدة مناسبات أن فكرة نقل الفلسطينيين إلى الأردن تُعتبر "خطًا أحمر"، مؤكدًا أن الحل الوحيد يجب أن يكون عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية.
وفي مصر، لطالما أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي عن رفض بلاده القاطع لأي مخطط لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، معتبراً أن هذا يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
الأزمة الإنسانية
تأتي تصريحات ترامب في وقت يشهد فيه قطاع غزة أوضاعًا مأساوية نتيجة الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي استمرت على مدار 15 شهرًا، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتشريد الملايين.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية أدت إلى تدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بنحو 60% من مباني القطاع، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، فيما دُمرت حوالي 92% من المنازل، ما أجبر سكان القطاع على التنقل والنزوح المستمر. وتشير الإحصائيات إلى أن نحو 90% من سكان غزة أصبحوا مشردين داخليًا، حيث اضطر البعض إلى النزوح أكثر من عشر مرات خلال الأشهر الأخيرة.
تناقضات
تُعد تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى الدول المجاورة خروجًا عن السياسة التقليدية للولايات المتحدة، التي لطالما أكدت التزامها بحل الدولتين كخيار أساسي لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتخشى القيادة الفلسطينية منذ فترة طويلة من محاولات إسرائيلية لفرض التهجير القسري على سكان غزة، وهي الخطوة التي لطالما نفتها إسرائيل رسميًا، لكنها تحظى بدعم بعض الفصائل اليمينية المتشددة في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ويشير مراقبون إلى أن تصريحات ترامب قد تثير المزيد من التوترات السياسية في المنطقة، خاصةً أنها تتناقض مع الجهود الدولية المستمرة لتحقيق حل سياسي دائم يُرضي جميع الأطراف.
موقف إسرائيل
على الرغم من أن إسرائيل لم تصدر أي تعليق رسمي على تصريحات ترامب الأخيرة، إلا أن بعض الأطراف اليمينية داخل الحكومة الإسرائيلية لطالما دعت إلى حل يشمل نقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة كوسيلة لتفريغ غزة من سكانها.
في المقابل، تؤكد القيادة الإسرائيلية على التزامها بالحلول الأمنية المباشرة لضمان سلامة المستوطنات والمناطق الحدودية، بينما ترفض بشكل رسمي أي خطة ترحيل قسري قد تُثير إدانات دولية واسعة.
ردود الأفعال الدولية
من جانبها، أعربت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية عن قلقها إزاء الحديث المتكرر عن تهجير الفلسطينيين، مشددةً على أن الحلول يجب أن تأتي ضمن إطار احترام القانون الدولي وحقوق اللاجئين الفلسطينيين، مشيرةً إلى أن عمليات النزوح القسري تعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
مستقبل غزة
يبقى مستقبل قطاع غزة غامضًا، إذ يرى المحللون أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الأوضاع الإنسانية.
ويرى مراقبون أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في دعم جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي شامل، يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، ويمنحهم الاستقرار على أراضيهم بعيدًا عن مخاطر التهجير القسري.