اخبار الخليج / اخبار الإمارات

الشيخ زايد.. وفاء واحتفاء بذكرى رائد العمل الإنساني

الشيخ زايد.. وفاء واحتفاء بذكرى رائد العمل الإنساني

ابوظبي - سيف اليزيد - إنَّ من أرجى ما يتقرب به العبد المؤمن إلى الله تعالى بذل الخير للناس، والسعي في قضاء حوائجهم ومساعدتهم وخدمتهم، وكان رسول الله ﷺ قدوة للخلائق في أعمال البِرِّ والإحسان، فما من بِرٍّ أو عملٍ صالحٍ، إلا وسبق إليه، وما من فضل إلا وحث عليه وبيّن ثواب فاعله، قال: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ»، وقال أيضاً: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».
وهكذا كان فقيد الأمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رائد العمل الإنساني، الذي انتقل إلى رحاب الله مساء 19 من شهر رمضان عام 1425 هـ، وقد عاش حياته مقتدياً بالنبي، عليه الصلاة والسلام، في أقواله وأفعاله، وامتدت مكارمه إلى كل الناس شرقاً وغرباً في مختلف أنحاء العالم، فأحبه العالم أجمع، قال، ﷺ: «أحبُّ ‌الناسِ ‌إلى ‌الله ‌أنْفَعُهم لِلنَّاسِ».
وبما أن التاريخ يسطِّر شهاداته، كما أن ذاكرة الشعوب وأجيالها، لا تنسى أولئك القادة العظماء الذين أسسوا لشعوبهم وللعالم، دولاً قوية البنيان، راسخة الأركان، هانئة بالإيمان والعدل والتسامح والإحسان، فإن في مقدمة هؤلاء القادة العظماء، القائد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. فاللهم ارحم والدنا الشيخ زايد، وإخوانه شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، واجعل ما قدموا لشعبهم وأمتهم والإنسانية جمعاء من خير عميم في موازين حسناتهم يا رب العالمين. 
كما أن العمل الإنساني خلق كريم يحبه الله تعالى، وسجية إنسانية يتخلق بها أولو الفضل، ومنهم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي ترك رصيداً لا ينضب من الخير، وجعل من دولة الإمارات رمزاً للعطاء العالمي، تمتد أياديها البيضاء إلى شعوب العالم كافة. وللعمل الإنساني تأثيرٌ كبيرٌ على الفرد والمجتمع، ويساعد بكلّ صوره وأشكاله في إبراز ما للإسلام من وجهٍ مشرقٍ، ودورٍ فعَّال في صناعة الحياة وبناء الحضارة، وهذا ما تجسده مكارم زايد الخير، طيَّب الله ثراه، فقد كان رائداً في العمل الإنساني، محباً للعطاء وإغاثة المحتاج، فكم كفل أيتاماً، وآوى مشردين، وأطعم جائعين، وكسا فقراء ومحتاجين، وكم أسعد أرامل وأعان ضعفاء، وقضى حاجات للبؤساء والمحرومين، مما جعل له مكانة كبيرة في قلوب الناس، فتسابق إلى حبّه أهل الدنيا كافة، وصار اسمه يتردّد بكل امتنان وتقدير بين شعوب العالم كلها. قال ﷺ: «أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- سُرُورٌ تُدخِلُهُ على مُسلِمٍ، أو تَكشِفُ عنهُ كُربةً، أو تَقضِيَ عنهُ دَيْناً، أو تَطرُدَ عنهُ جُوعاً، ولَأَنْ أمْشِيَ مع أخٍ في حاجةٍ، أَحَبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ -يعني مسجدَ المدينةِ- شهراً». 
ويقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً)، «سورة الكهف: الآيات 107 - 108».
ونحن نعيش في هذه الأيام المباركة، نستذكر فضل مكانة الإمام العادل، بالأدلة، ومنزلته في جنات الفردوس، فالشيخ زايد، طيب الله ثراه، قائد وقدوة، وسيرة ومسيرة، وبقاء آثاره من الصالحات الباقيات بعد وفاته تسجلها له الملائكة، ونحن وفاءً له نخلد ذكراه، التي خلدها التاريخ، وعلا ذكره في نفوس البشرية.
قال جل ذكره: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ)، «سورة يس: الآية 12». وقال عز من قائل: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ)، «سورة النجم: الآيات 39 - 41». وعن عوف بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم»، (صحيح مسلم، 1855).. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه»، (سنن ابن ماجه).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ، قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، (صحيح مسلم).
 وقد دعا مجلس الوزراء الشعب الإماراتي إلى جعل يوم (19) من شهر رمضان المبارك «يوم العمل الإنساني الإماراتي» وفاءً وعرفاناً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وهذه الذكرى ستبقى ماثلة في وجداننا، فالأفذاذ من أمثال زايد الخير والعطاء لن يطوي التاريخ ذكراهم، فهو مؤسس دولة، وربان وطن، وحكيم نافذ البصيرة والبصر. وقد كان القائد المؤسس، أحد صناع التاريخ المعاصر، مما يحتم علينا اتخاذ سيرته، طيب الله ثراه، منهجاً في الإنجازات الوطنية والإنسانية، وفي تقدم الحياة وتطويرها.
وهذه الأعمال الخيّرة لا تزال مستمرّة بفضل الله تعالى، فدولة الإمارات العربية المتحدة ترتقي في سُلّم البناء والعطاء، وتستمر في تحقيق إنجازاتها العظيمة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ونائبيه وإخوانه حكام الإمارات وولي عهده الأمين، الذين اتصفوا بتلك الخصال الحسنة التي ورثوها عن زايد الخير، فساروا على دربه وخطاه في فعل الخير وإعانة المحتاجين. 

إنجاز عظيم وخير عميم
لقد أقام الشيخ زايد، وإخوانه حكام الإمارات، دولة الاتحاد التي ننعم في مرابعها إخوة مترابطين، وهو إنجاز عظيم وخير عميم، فالاتحاد أهم إنجاز القادة، وكان القائد المؤسس، طيب الله ثراه، يقول: «أؤمن بضرورة مشاركة الشعب في تحمل المسؤولية وفي الشورى.. إن هدفنا في الحياة هو تحقيق العدالة والحق، ومناصرة الضعيف على القوي.. إن الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال، وليست المال والنفط، ولا فائدة في المال، إذا لم يسخر لخدمة الشعب».
هكذا ستبقى يا زايد الخير والعطاء، يا رمز الأصالة والانتماء في قلوبنا حياً، وألسنتنا تلهج بالدعاء لك، رحمك الله وأنزلك في جنات الفردوس.

نعمٌ تستوجب الشكر
أسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، دولة عظيمة حظيت بنعم كثيرة منها الأمن والاستقرار - يقول الله سبحانه وتعالى: (... وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)، «سورة النحل: الآية 114»، ويقول عز من قائل: (... فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 69». وقال تبارك وتعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، «سورة قريش: الآية 3 - 4»، وقال الله عز وجل على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام في دعائه لبلده وأهله: (... رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَداً آمِناً...)، «سورة إبراهيم: الآية 35».
وقال رسول الله ﷺ: «من أصبح منكم آمناً في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا». (سنن الترمذي، 2346).
ويتوجب شكر الله تعالى على جميع نعمه، ونعمة الاستقرار والازدهار من أعظم النعم التي يجب علينا المحافظة عليها، والبر والوفاء والولاء للوطن وقيادته الرشيدة، حماية للمكتسبات وحفاظاً على الخيرات، فالوطن أمانة في أعناق الجميع، وعلى كل فرد تحمل مسؤولياته. وقد أمرنا الله تعالى أن نشكره على نعمه، ومن صور شكر نعم الله أن نذكرها ونتحدث بها، وقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه ﷺ بذلك: (وأما بنعمة ربك فحدث)، «سورة الضحى: الآية 11».

Advertisements

قد تقرأ أيضا