اكتسبت المناظر الليلية المتلألئة بأضواء النيون في أوساكا، إلى جانب خيارات تناول الطعام والتسوق المتنوعة، طابعًا جديدًا تمامًا عندما تمت مشاهدتها من الماء. فقد أصبحت قناة دوتونبوري والرحلات النهرية التي تقام فيها وجهة مفضلة لدى السياح، حيث يستمتعوا بمشاهدة المدينة من زاوية مختلفة وسط أجواء ساحرة. الرحلات النهرية لم تمنح الزوار فرصة للاسترخاء فحسب، بل أضفت بُعدًا مميزًا على التجربة السياحية في أوساكا، إذ حولت المشهد الليلي إلى لوحة متحركة من الألوان والإثارة.
مغامرة فريدة
كانت مدينة أوساكا في فترة إيدو (1603-1868) واحدة من أهم المراكز التجارية في اليابان، بفضل شبكتها الواسعة من القنوات المائية التي لعبت دورًا حيويًا في نقل المواد الغذائية والبضائع. هذه القنوات جعلت أوساكا تُلقب بـ”مطبخ اليابان“، حيث كانت الشرايين المائية الرئيسية التي تربط المدينة ببقية البلاد.
على مر السنين، تم ردم معظم هذه القنوات التي كانت ذات أهمية كبيرة خلال فترة إيدو. ومع ذلك، لا يزال نهران بارزان يشهدان على ماضي المدينة البحري: نهر هيغاشي-يوكوبوري ونهر دوتونبوري. تم بناء نهر هيغاشي-يوكوبوري في أواخر القرن السادس عشر، ويعبر المدينة من الشمال إلى الجنوب على امتداد حوالي 3 كيلومترات، قبل أن يتحد مع نهر دوتونبوري. أما نهر دوتونبوري، فقد اكتمل بناؤه في عام 1615، ويمتد لمسافة 2.7 كيلومترًا إضافية، ليواصل دوره كمحور أساسي في مشهد المدينة.
اليوم، لا يزال هذان النهران من المعالم المهمة في أوساكا، ليس فقط كتذكير بتاريخها التجاري الغني، ولكن أيضًا كمواقع سياحية شهيرة تساهم في الحفاظ على تراث المدينة المتصل بالمياه.
دوتونبوري شوتينغاي الوجهة الرئيسية للتسوق في المنطقة. (© Nippon.com)
تعتبر ”منطقة دوتونبوري“ في أوساكا واحدة من أكثر المناطق حيوية وجذبًا للسياح في اليابان، حيث تمتد جنوبًا من قناة دوتونبوري الشهيرة، وتعد من أهم وجهات التسوق والترفيه في البلاد. في السنوات الأخيرة، تحولت أوساكا إلى وجهة سياحية رئيسية، ويتوقع أن تستقطب حوالي 14 مليون سائح من خارج اليابان بحلول نهاية عام 2024، مما يعزز مكانتها كمركز سياحي عالمي. إلى جانب المعالم السياحية، يشتهر ”طعام أوساكا الشهي“ بكونه أحد عوامل الجذب الرئيسة. يعتبر ”تاكوياكي“، كرات الأخطبوط الشهيرة، رمزًا ثقافيًا للمدينة، وغالبًا ما يقوم السياح بنشر صورهم وهم يتناولون هذا الطبق بجانب قناة دوتونبوري، خاصة مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وتُساهم اللوحات الإعلانية الكبيرة والمميزة للمطاعم في إضفاء طابع خاص على المنطقة، مما يجعلها نابضة بالحياة ويعزز من تجربة السياح.
تجمع أوساكا بين سحر التاريخ القديم وحيوية الحداثة، مما يجعلها وجهة ممتعة وغنية بالتجارب الفريدة للسياح من جميع أنحاء العالم.
تتنافس اللوحات الإعلانية للمطاعم على جذب السياح(© Nippon.com)
مع مرور الوقت، أصبح جسر إبيسو واحدًا من أشهر المواقع لالتقاط الصور في أوساكا، حيث يجذب السياح من جميع أنحاء العالم بفضل موقعه المميز بالقرب من لوحة ”رجل غليكو“ الشهيرة. هذه اللوحة الإعلانية التي تحمل صورة الرجل الرياضي، وهو يرفع ذراعيه في وضعية الانتصار، تُعتبر من أيقونات المدينة وترمز إلى حيوية أوساكا وجاذبيتها.
في الماضي، كان جسر إبيسو معروفًا بسمعته السيئة، حيث كان يعتبر موقعًا يرتاده الباحثون عن فتيات الليل، ما جعل المنطقة غير محبذة لدى بعض السكان المحليين. ومع ذلك، تغيرت الصورة بشكل كبير على مر السنين، إذ أصبحت المنطقة اليوم وجهة سياحية مميزة، يتدفق إليها السياح نهارًا وليلاً لالتقاط أجمل الصور التذكارية مع خلفية إعلان ”رجل غليكو“ المضيء.
هذا التحول يعكس قدرة أوساكا على إعادة تعريف وتطوير نفسها، حيث أصبحت المنطقة رمزًا للحيوية الحديثة وجذبًا سياحيًا لا مثيل له في المدينة.
تضيء اللافتة بعد 30 دقيقة من غروب الشمس. يقلد الزوار ”وضعية غليكو“ الشهيرة: الجري بأيدي مرفوعة بعد تحقيق النصر (© Nippon.com)
تنتشر محلات التاكوياكي الشهيرة على امتداد قناة دوتونبوري، بالإضافة إلى وجود العديد من المقاهي في الهواء الطلق(© Nippon.com)
رحلة نهرية مميزة بنكهة أوساكا
مسار دوتونبوري هو ممشى نهري يمتد على جانبي قناة دوتونبوري شرق وغرب جسر إيبيسو، ويتميز بجماله الحيوي الذي يعكس الأجواء الساحرة لمدينة أوساكا. يعد هذا المسار وجهة مفضلة لدى السكان المحليين والسياح على حد سواء، حيث يمكنهم التنزه والاستمتاع بمناظر المدينة الليلية المبهرة التي تزداد سحرًا بفضل اللوحات الإعلانية المضيئة والمطاعم التي تصطف على طول القناة.
أحد أبرز معالم هذا المسار هو عجلة فيريس العملاقة التي تعلو متجر دون دونكي هوتي، المتجر الشهير الذي يجذب المتسوقين بأسعاره المنخفضة وتشكيلته المتنوعة من المنتجات. تقع نقطة انطلاق الرحلة النهرية لنهر دوتونبوري أسفل العجلة، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بجولة نهرية مريحة ومبرمجة كل 30 دقيقة على مدار اليوم، ما يوفر لهم فرصة لرؤية المدينة من زاوية مختلفة والاستمتاع بالمناظر الخلابة لقناة دوتونبوري الشهيرة.
يمكنك بلوغ رصيف يازيمون باشي للقيام بالرحلة النهرية عبر نهر دوتونبوري، بمجرد العثور على عجلة فيريس ذات اللون الأصفر الزاهي (© Nippon.com)
تستغرق الرحلة النهرية في دوتونبوري حوالي 20 دقيقة، حيث يستمتع الركاب خلالها بمناظر منطقة التسوق المزدحمة المحيطة بالقناة. مع تزايد الطلب على هذه الرحلات، تمت زيادة عدد الجولات اليومية لتلبية الإقبال المتزايد، خاصة من قبل السياح القادمين من كوريا، تايوان، هونغ كونغ، والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب الزوار من دول أخرى.
تعد الرحلة فرصة فريدة لرؤية دوتونبوري من منظور مائي، حيث يمكن للركاب الاستمتاع بمشاهدة المباني المضيئة، واللوحات الإعلانية الشهيرة، مثل رجل غليكو. كما يمكن الاستفادة من ”بطاقة أوساكا المذهلة“ لدفع ثمن هذه الرحلة، وهي بطاقة سياحية تتيح خصومات خاصة على وسائل النقل والمرافق الترفيهية في أوساكا، مما يجعل الرحلة أكثر متعة وراحة للسياح.
تنطلق المركب في جولتها الدائرية على مسافة 1 كيلومتر بين جسري نبيونباشي وأوكينيوا باشي. (© Nippon.com)
من الممتع الإبحار بمحاذاة القناة، والمرور أسفل جسور منخفضة لدرجة يمكنك ملامستها أثناء العبور. (© Nippon.com)
خلال إحدى الرحلات النهرية، يحاول مرشد سياحي إضفاء أجواء من المرح والترفيه على الركاب باستخدام لهجة أوساكا المحلية المميزة. وفي خضم حديثه يقوم بالاشارة إلى لافتة كتب عليها شكرا باللهجة المحلية ويعلمهم طريقة نطقها ”أوكيني ōkini“ والتي تعني xie xie باللغة الصينية وkamsahamnida باللغة الكورية. ويشجع الركاب على استخدامها بكثرة خلال جولاتهم، مشيراً إلى طابع السكان المحليين الذين يتصفون بالتودد واللطف في تعاملهم مع الأجانب، وخلال حديثه يقوم بالتلويح للمارة القريبين من القناة، في حين ينادي أصحاب المطاعم على الركاب طالبين منهم زيارة مطاعمهم لاحقاً. ما يضفي طابعاً محلياً فيه الكثير من الحيوية والحماس.
يتابع المرشد جولته بتعريف الركاب بالجسور التسعة التي يمر أسفلها المركب، مركزاً على جسر ”إيبيسو“ الذي يشبه في تصميمه المستدير ”الاوكونومياكي“ وهو طبق لذيذ يشبه الفطيرة. كما أن سلالمه والدرابزين مزخرفة بنقوش تشبه الملاعق التي تستخدم في تحضير الاوكونومياكي.
درابزين الجسر تشبه صفاً بلا نهاية من المعالق(© Nippon.com)
يزداد حماس الركاب مع الاقتراب من إعلان ”غليكو“ الشهير، حيث يتوقف المركب لالتقاط الصور (© Nippon.com)
تزداد شعبية الرحلات النهرية في دوتونبوري بشكل ملحوظ في الليل، حيث يضفي التباين بين الظلام الذي يغمر المنطقة أسفل الجسور والأضواء المتلألئة التي تنعكس على سطح الماء وعلى جانبي القناة جوًا ساحرًا يخطف الأنفاس. المشهد الليلي المضيء يضيف جاذبية خاصة للرحلة، مما يجعلها تجربة لا تُنسى.
عادةً ما تنتهي الرحلة بابتسامات عريضة على وجوه الركاب، تعبيراً عن الاستمتاع والتجربة الفريدة التي خاضوها. كما عبرت إحدى السياح من كوريا عن فرحتها قائلةً إن صور الرحلة ستجعل أصدقاءها يستشيطون غيرة عندما يشاهدون مدى جمال المناظر الخلابة التي التقطتها خلال جولتها.
تخلق الأضواء الملونة ليلاً أجواء خاصة (© Nippon.com)
خلال الصيف يتم تزيين جوانب القناة بحوالي 1300 فانوس ورقي. (© بيكستا)
نهضة فينيسيا الشرق
على الرغم من الاكتظاظ السياحي الذي تشهده أطراف دوتونبوري اليوم، فإن مياه النهر كانت تعاني من التلوث الشديد بسبب مياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية. هذا التلوث كان واضحًا خاصة خلال فترة النمو الاقتصادي الكبير في اليابان، التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية واستمرت حتى أوائل القرن الواحد والعشرين.
في حادثة غير مألوفة، قفز مشجعو فريق ”نمور هانشين“ إلى مياه القناة الملوثة احتفالًا بفوز الفريق ببطولة الدوري المركزي في عام 2003. هذه الواقعة أثارت القلق والرعب في قلوب السكان المحليين، الذين كانوا قلقين من آثار تلوث المياه على صحة هؤلاء المشجعين. فقد أظهرت تلك اللحظة كيف يمكن أن تتداخل الأنشطة الرياضية مع القضايا البيئية، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحسين جودة المياه في هذه المنطقة الحيوية.
قيام حوالي 5300 شخص من مشجعي فريق نمور هانشين بالقفز في نهر دوتونبوري، احتفالاً فوز الفريق ببطولة الدوري المركزي في 15 سبتمبر / أيلول 2003. (© جيجي برس)
خلال نفس الفترة التي قفز فيها المشجعون في المياه الملوثة، بدأت حكومة أوساكا تنفيذ مشروع طموح لتنظيف مياه القناة، بهدف استعادة بريق لقب ”فينيسيا الشرق“ للمدينة. تم بناء بوابات مائية أعلى وأسفل القناة، التي تفتح وتغلق وفقًا لحركة المد والجزر، مما سمح بإدخال المياه النظيفة من نهر أوغاوا، الذي كان يُعرف سابقًا بنهر يودو. كما تم اتخاذ تدابير فعالة لوقف تصريف مياه الصرف الصحي في القناة، مما ساعد على تحسين جودة المياه مع مرور الوقت.
أدى هذا التحسن إلى عودة الحياة المائية إلى القناة، حيث أصبحت البيئة مناسبة لعيش أسماك المياه العذبة، وأُعيدت الحياة أيضًا إلى الأنواع المهددة بالانقراض، مثل ثعبان البحر الياباني. علاوة على ذلك، سمحت عملية التحكم في مستوى المياه بتشغيل القوارب السياحية، حيث أُطلقت أول رحلة عبر نهر تومبوري عام 2005. أصبحت هذه الرحلات تجربة مميزة لمحبي التنقل عبر المياه، ورمزًا لإحياء القناة.
اليوم، يمكن للزوار الاستمتاع بتناول الأكلات المحلية الشهية التي جعلت من أوساكا تُعرف بلقب ”مطبخ اليابان“، والاستمتاع بتجربة فريدة من خلال التنقل عبر ممراتها المائية المتجددة. تساهم هذه الأنشطة في تعزيز السياحة، وتربط الزوار بتاريخ المدينة العريق وجمالها الطبيعي.
يقوم المرشد أو المرشدة بالعزف على البوق خلال المناسبات الخاصة. (© Nippon.com)
لمزيد من التفاصيل قم بزيارة الموقع الرسمي لرحلة نهر تومبروي
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. البحث والكتابة: فريق التحرير في Nippon.com)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | أوساكا من زاوية جديدة: رحلات القنوات البحرية تلقى نجاحاً كبيراً بين السياح الوافدين لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.