الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من بيروت: هل تفعلها تل أبيب وتحتل أراض سورية في "غفلة من الزمن والتاريخ"؟ وهل تتجرأ الدولة العبرية على سوريا وسط انشغال الجميع بترتيب الأوضاع في الداخل السوري، وفي ظل الفراغ السياسي والعسكري الحالي؟ يبدو أن "الظرف التاريخي" قد يمنح تل أبيب فرصة "لتغيير الجغرافيا".
ويبدو أن إسرائيل بميولها التوسعية، والاستيطانية قد تفعل ذلك، على الرغم من تأكيداتها أن وجودها في المنطقة العازلة مع سوريا هدفه تأمين نفسها ضد أي هجمات لأي جماعات مسلحة، خاصة أن الصورة ليست واضحة بعد في الداخل السوري.
ووفقاً لتقرير "سكاي نيوز" فإن إسرائيل هي الطرف الأكثر تلهفاً على تحقيق بعض المكتسبات من الأوضاع الحالية، فقد قامت روسيا بتسليم إسرائيل مرصدا للتجسس على جبل تل الحارة في درعا، كما سلمتها موقعين في ريف درعا، وفقاً لما أكده مراسل "العربية" في سوريا.
وفي السياق، فرض الجيش الإسرائيلي حظرا للتجول على سكان خمس بلدات تقع ضمن المنطقة العازلة في جنوب سوريا، المحاذية للجزء الذي تحتله الدولة العبرية من هضبة الجولان منذ العام 1967.
أطماع تل أبيب في سوريا
مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانسحاب الجيش السوري من العديد من المناطق الحدودية، بدأت إسرائيل بخطوات غير مسبوقة لتوسيع وجودها في سوريا، حيث سيطرت قواتها على منطقة جبل الشيخ السورية وأعلنت عن إنشاء منطقة عازلة.
هذه التطورات تثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل وخططها المستقبلية في ظل الفراغ الأمني والسياسي.
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن قوات "وحدة شيلداغ" سيطرت على منطقة جبل الشيخ السورية دون مقاومة تُذكر.
وفي خطوة لافتة، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي احتلال هذه المنطقة وإنشاء منطقة عازلة تخضع لرقابة الجيش الإسرائيلي على الحدود مع سوريا.
وأصدر أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تحذيرًا عاجلًا للسكان في جنوب سوريا، داعيًا أهالي القرى والبلدات التالية إلى ملازمة منازلهم: أوفانية، القنيطرة، الحميدية، الصمدانية الغربية، القحطانية.
وأشار أدرعي إلى أن القتال الدائر في المنطقة "يجبر جيش الدفاع على التحرك"، مؤكدًا أن الجيش "لا ينوي المساس بالسكان المدنيين".
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سقوط الأسد بأنه "يوم تاريخي"، مؤكدًا أن "إسرائيل لن تسمح لأي قوة معادية بترسيخ نفسها على حدودها".
حماسة المستوطنات في الجولان؟ أم أكثر من ذلك؟
هذا التصريح ترافق مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن نشر قوات إضافية في المنطقة العازلة لضمان حماية المستوطنات في هضبة الجولان.
ورغم أن إسرائيل أعلنت أن هذا الوجود مؤقت، تحليل "سكاي نيوز"، أشار إلى أن "إسرائيل لها تاريخ في تحويل الخطوات المؤقتة إلى دائمة".
والسيطرة على منطقة جبل الشيخ تمثل "إنجازًا استراتيجيًا مجانيًا" لإسرائيل، خاصة أنها منطقة شهدت معارك دامية في حروب سابقة بين سوريا وإسرائيل.
أهداف إسرائيل في سوريا.. أمن أم توسع؟
تبرر إسرائيل تحركاتها الأخيرة بالقول إنها تهدف إلى حماية المستوطنات في الجولان ومنع تسلل المجموعات المسلحة إلى أراضيها. ومع ذلك، تشير التطورات إلى أن الخطوات الإسرائيلية تتجاوز مجرد الدفاع إلى تعزيز نفوذها الإقليمي.
تبلغ مساحة المنطقة العازلة التي سيطرت عليها إسرائيل نحو 235 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل حوالي 60% من مساحة قطاع غزة، هذه السيطرة الواسعة تمت دون أي مقاومة تُذكر، مما دفع نتانياهو إلى التفاخر سياسيًا بأن إسرائيل حصلت على هذه الأراضي دون إطلاق رصاصة واحدة.
وقد لا تلتزم اسرائيل بخط المنطقة العازلة فقط، بل ربما تمتد سيطرتها إلى مناطق أعمق داخل الأراضي السورية إذا رأت أن هناك نقاط ضعف أمنية في المناطق المحاذية.
انسحاب الجيش السوري من جبل الشيخ
انسحاب الجيش السوري من منطقة جبل الشيخ أفسح المجال أمام إسرائيل للتوسع بسرعة، مستغلة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد. جيش الاحتلال الإسرائيلي حذر سكان خمس بلدات سورية جنوبية من مغادرة منازلهم، ما يعكس سيطرة إسرائيل الكاملة على المنطقة الحدودية.
مع ذلك، أشار تحليل "سكاي نيوز" إلى أن "تهديد الفصائل المسلحة في هذه المناطق يبدو مبالغًا فيه"، إذ لم تكن هناك مواجهات عسكرية حقيقية أو تهديد مباشر يستدعي هذه الخطوة. القرار الإسرائيلي باحتلال جبل الشيخ يبدو أنه اتخذ مسبقًا كجزء من خطة استراتيجية لضمان تفوق إسرائيل على الساحة السورية.
والتوسع الإسرائيلي في سوريا يثير مخاوف عديدة بين الدول المجاورة، خصوصًا الأردن ولبنان. وجود إسرائيل على الحدود السورية بشكل موسع قد يعيد تشكيل الخارطة الأمنية والسياسية في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التوسع يعكس رغبة إسرائيل في استغلال اللحظة التاريخية بعد سقوط الأسد لتعزيز نفوذها الإقليمي.
وبشكل عام فإنه في ظل الفراغ الأمني والسياسي في سوريا، تواجه المنطقة تحديات كبيرة قد تؤدي إلى صراعات جديدة أو ترتيبات سياسية غير مسبوقة، فهل ستتوقف إسرائيل عند حدود المنطقة العازلة، أم أنها تخطط لتوسيع سيطرتها مستغلة الفوضى والفراغ السياسي والعسكري؟".