الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من بيروت: برّأت محكمة الاستئناف السويسرية في مدينة موتينز، الثلاثاء، الرئيسين السابقين للاتحاد الأوروبي لكرة القدم "ويفا" ميشال بلاتيني، والاتحاد الدولي "فيفا" سيب بلاتر، من تهم الفساد، في القضية التي أطاحت بطموحات النجم الفرنسي لتولي رئاسة "فيفا" عام 2015.
ويأتي هذا الحكم ليؤكد قرار البراءة الأول الذي صدر عام 2022 عن المحكمة الجزائية الفيدرالية في بيلينزونا، بعد أن رفضت محكمة الاستئناف الاستثنائية طلبات الادعاء الذي طالب مطلع آذار (مارس) بسجن كل من بلاتيني (69 عامًا) وبلاتر (89 عامًا) لمدة 20 شهرًا مع وقف التنفيذ.
ورغم مرور نحو 10 سنوات من التحقيقات القضائية، لا تزال إمكانية تقديم استئناف أمام المحكمة الفيدرالية السويسرية قائمة، ولكن ضمن أسس قانونية ضيقة ومحددة.
خلال جلسات المحاكمة التي استمرت أربعة أيام، واجه بلاتيني وبلاتر مجددًا تهمة "الحصول بشكل غير قانوني" على مبلغ 2 مليون فرنك سويسري (1.8 مليون يورو) دُفع من حساب "فيفا" لصالح بلاتيني، وهو ما وصفه الادعاء بـ"الفاتورة المزورة".
وبينما اتفقت روايات الادعاء والدفاع على أن بلاتيني عمل مستشارًا لبلاتر بين 1998 و2002، بموجب عقد موقّع عام 1999 مقابل راتب سنوي قدره 300 ألف فرنك سويسري، إلا أن مطالبة بلاتيني في كانون الثاني (يناير) 2011 بمبلغ 2 مليون فرنك لاحقًا، أثارت الشبهات ودفعت إلى فتح الملف.
"اتفاق السادة"
دافع المتهمان عن نفسيهما مؤكدين أن الاتفاق الأصلي كان شفهياً، ويقضي بمنح بلاتيني راتبًا سنويًا يبلغ مليون فرنك، لكن الضائقة المالية التي مر بها "فيفا" حينها حالت دون الدفع الكامل.
وقال بلاتيني ساخرًا خلال المحاكمة إن بلاتر سأله أي عملة يفضلها للمليون: "روبل، بيسيتاس، ليرة؟"، فأجابه بلاتر: "مليون فرنك سويسري".
من جهته، اعتبر دومينيك نيلين، محامي بلاتيني، أن الهدف الحقيقي من الإجراءات القضائية التي بدأت عام 2015 هو منع موكله من الوصول إلى رئاسة "فيفا"، واصفًا ما جرى بأنه "اغتيال مهني" طال شخصية كانت في أوج مجدها الرياضي والإداري.
وطالب نيلين المحكمة بتعويض أخلاقي لبلاتيني، الذي دُمّرت مسيرته بسبب القضية.
الادعاء يُصر والشكوك قائمة
المدعي العام توماس هيلدبراند شدد على "التناقض" بين العقد الموقع عام 1999 والمبالغ المدفوعة لاحقًا، منتقدًا غياب الوثائق الرسمية والممارسات الإدارية السليمة. كما أشار إلى تقارير تدقيق تثبت أن "فيفا" لم يكن يعاني من عجز نقدي يمنعه من الالتزام بالعقد الرسمي.
واعتبر هيلدبراند أن القضية لا تتعلق بمدى مصداقية النسخ المختلفة من القصة، بل بقدرة الادعاء على إثبات الخداع، مؤكدًا أن عبء الإثبات لا يقع على الدفاع.
رغم ذلك، ارتأت محكمة بيلينزونا في حكمها الأول أن عناصر الاحتيال "لم تثبت باحتمالية تقترب من اليقين"، حتى وإن بدت ظروف الاتفاق المالي "غير معتادة".
وأبرز الدفاع أن بلاتر لم يستفد ماديًا من دفع المبلغ لبلاتيني، بينما كانت هناك طرق أسهل أمام الأخير للحصول على مكافآت رسمية.
كما أشار هيلدبراند إلى أن دعم بلاتيني لإعادة انتخاب بلاتر في أيار (مايو) 2011 يثير تساؤلات حول وجود علاقة مشبوهة بين الطرفين، رغم أن المحكمة لم تعتبر ذلك كافيًا لإدانتهما.
الباب لم يُغلق بعد
وبينما تتعزز البراءة القانونية لكلا الرجلين، فإن احتمال تقديم طعن أمام المحكمة الفيدرالية لا يزال قائمًا، ما يعني أن القضية – رغم أحكام البراءة المتتالية – لم تُقفل نهائيًا.