شكّلت زيارة الموفد السعودي الى لبنان برئاسة يزيد بن فرحان محطّة أساسية في ملف الرئاسة وجلسة يوم الخميس التي يفترض أن تعقد بدورات مفتوحة حتى إنتخاب الرئيس. واللافت أن السعودية لم تكن حاضرة على الساحة اللبنانية خلال السنوات الماضية ويبدو أن الحماسة للشأن اللبناني عادت لديها، خصوصا في ظلّ الكلام عن دعمها ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون ولو ليس بالعلن، وفي وقت يتواجد فيه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في لبنان لمتابعة الملف اللبناني.

"زيارة الموفد السعودي تعكس تغيّر بمقاربة الرياض تجاه لبنان خصوصا وأنه في السنوات الماضية حصل ابتعاد وعدم انخراطها بهذا الملف". هذا ما تراه الكاتبة والمحللة السياسية روزانا بو منصف عبر "النشرة"، لافتة الى أنه "ومنذ العام 2017 حصلت جهود من أميركا وفرنسا لاعادة إنخراط السعودية في لبنان وعدم ترك الساحة للنفوذ الايراني، المقاربة بدأت ليس بالأمس، والسعودية عضو مؤثّر وهي تريد من اللبنانيين أن يعكسوا خياراتهم".

بدوره الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة رأى وجود "إحتمال كبير لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة يوم الخميس المقبل لأنّ الرئيس الذي سينتخب هو "رئيس المواصفات" التي يفترض أن يمتلكها وتؤهّله لتطبيق القرارات الدوليّة، الاشراف على تطبيق قرار وقف اطلاق النار، ضمان الحدود الدوليّة، تشكيل حكومة انقاذ سياسي وإقتصادي"، لافتا الى أن "هذه المواصفات يريدها المجتمعين الدولي والسعودي وهذا ما عبرا عنه خلال زيارة هوكشتاين والموفد السعودي الى لبنان". بدورها بو منصف تشير الى أن "هناك مواصفات حددتها اللجنة الخماسية تنطبق على العماد جوزاف عون"، ولكنها تلفت الى أن "القوى السياسية ليست متوافقة الان على شخصية سياسية، والقوى المسيحية متوافقة على المرشح جهاد أزعور والثنائي الشيعي لا يزال يمسك بورقة الرئاسة في جيبه وهي الورقة الوحيدة بين يديه".

"الخيار السياسي الثاني البارز اليوم هو جهاد أزعور وهو مقبول لأنه يحظى بإجماع مسيحي". هنا تشير روزانا الى وجود "عدة سيناريوهات لجلسة الخميس، والساعات المقبلة حاسمة من أجل السعي لبناء إجماع على قائد الجيش، ولكن إذا لم يتوافقوا عليه يمكن الذهاب الى شخصية سياسية تحظى بموافقة دولية"، وبالتالي تتوقع أنه "إما يتم الذهاب الى طرح العماد جوزاف عون من الدورة الاولى ويحظى بأكثر من 100 صوت على الأقل وبالتالي لا يكون هناك حاجة لتعديل الدستور لانتخابه أو لا يطرح إطلاقاً"، وتضيف: "إذا لم يكن العماد جوزاف عون عندها يفترض الذهاب الى شخصية عليها توافق داخلي وتستطيع الحصول على 65 صوتاً ويكون لديها دعم خارجي، وهنا القوى السياسية حتماً ستحاول "اللعب" لايصال مرشحها". أيضاً يشدّد أسعد بشارة على ضرورة عدم الاستهانة بزيارة الموفدين الدوليين، معتبراً أن "هوكشتاين حمل الى رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحاً معيناً"، لافتا الى أنه "إذا نضج الانتخاب فإن الأميركيين سيتعاطون معه على هذا الأساس ولكن لن يتعاطوا مع رئيس يكون من المرحلة السابقة"، معتبرا أن "العماد جوزاف عون يتمتع بالمواصفات الملائمة والتي يريدها المجتمع الدولي". تعود روزانا لتشير الى "وجود جهد دولي يوضع في لبنان، وإذا أصيب الخارج بخيبة أمل فإن المجتمع الدولي سيهمل لبنان وقضاياه في المستقبل".

حتى الساعة لا أحد يمكن أن يجزم إذا كانت جلسة الخميس المقبل ستنتج رئيسا للجمهورية، ولكن الحراك الدولي يشير الى ذلك مع العلم أنه وحتى هذه اللحظة لم تحظَ أي شخصية بتوافق عليها...