الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: قبل خمسة أعوام، وتحديداً في 3 كانون الثاني (يناير)، قُتل قاسم سليماني بأمر مباشر من دونالد ترامب "الرئيس الأميركي وقتها"، وكان هذا الحدث نقطة تحول في تطورات الشرق الأوسط، حيث صاحبته سلسلة من الهزائم لإيران، وأظهر كيف أن إزالة شخص يمكن أن تؤثر على نظام وحتى على منطقة بأكملها، وهو الأمر الذي حدث بعد اغتيال سليماني وفقاص لتحليل لموقع "إيران انترناشيونال".
كان سليماني من أهم أعمدة سياسة هذا النظام في الشرق الأوسط. لم يكن قائدًا عامًا للحرس الثوري فقط، لكنه كان أهم قائد في الحرس الثوري. لم يكن رئيسًا للجمهورية، لكن تأثيره على السياسة الإقليمية لإيران كان أكبر من تأثير أي رئيس جمهورية.
وتظهر الوقائع التي حدثت بعد مقتله، خاصة الهزائم المتتابعة لطهران وحرسها الثوري في الشرق الأوسط، كيف أن قرار ترامب في 3 يناير (كانون الثاني) 2020 قد غيّر موازين القوى في المنطقة.
كان قتل سليماني قرارًا جريئًا من ترامب حيث شرح الجنرال ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية وقتها، تفاصيل هذه العملية في كتابه "نقطة الذوبان".
أوباما تراجع عن قتله
ووفقًا لما قاله ماكينزي، كان سليماني في مرمى القوات الأميركية سابقًا، لكن باراك أوباما، تراجع عن قتله خوفًا من العواقب. ومنح أوباما، من خلال سياساته المهادنة، فرصة لسليماني ليصبح شخصية مؤثرة في الشرق الأوسط، ولكن ترامب أنهى هذه الأسطورة بقراره الأكثر جرأة.
ويوضح ماكينزي أن القوات التابعة لإيران التي كانت تحت أمر سليماني شنت حوالي 19 هجومًا على القواعد الأميركية في العراق عام 2019. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2019، أدى الهجوم على قاعدة أميركية في العراق إلى مقتل أحد المقاولين الأميركيين، ما دفع إلى وضع خطة لقتل سليماني، التي نُفذت في النهاية.
كان قتل سليماني واضحًا في قدرته على إضعاف طهران في الشرق الأوسط. بجانب توجيه ضربة كبيرة للحرس الثوري، وقد كانت هذه رسالة واضحة إلى إيران مفادها أنه إذا سعت إلى تصعيد التوترات، فإن أفضل استراتيجية لتقليص هذه التوترات هي زيادة الضغط والضربات المتبادلة. فكان قتل سليماني مثالًا على هذه الاستراتيجية.
هزائم متتالية لإيران
وبعد مقتله، تسارعت هزائم إيران وقواتها العميلة في المنطقة. كان ضعف حماس، وحزب الله، وغيرها من القوات بالوكالة لطهران في الشرق الأوسط من نتائج هذا الفعل.
وقد تتابعت هذه الهزائم لدرجة أن خامنئي كان يحاول التقليل من تأثيرات قتل سليماني، لكن الحقيقة هي أن إيران لم تتمكن أبدًا من إيجاد بديل لسليماني، وانهار وضعها في الشرق الأوسط.
نتانياهو وإيران
وفي السنة الماضية، غيّرت قرارات نتانياهو من معادلات الشرق الأوسط من خلال تصعيد عمله ضد طهران وقواتها بالوكالة. وكان من بين القرارات الخاطئة لإيران تشجيع حماس على الهجوم في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ما دفع إسرائيل إلى تكثيف ضرباتها ضد قوات طهران بالوكالة.
وقد أدى ذلك إلى هزيمة حماس، وضعف حزب الله، وحتى سقوط بشار الأسد في سوريا. وبالتالي، انهارت شبكة قوات إيران بالوكالة في الشرق الأوسط، وتعرضت مكانتها لضربة شديدة.
اغتيال القيادات.. من ترامب إلى نتانياهو
وتُظهر مقارنة قرارات ترامب في قتل سليماني وقرارات مشابهة من نتانياهو لقتل قادة الحرس الثوري وقادة حماس وحزب الله، أن الإرادة الحاسمة ضد طهران يمكن أن تُحدث تغييرات جوهرية في المنطقة.
واليوم فإن تأثيرات هذا القرار واضحة في ضعف النظام الإيراني وقواته بالوكالة في الشرق الأوسط.