شهد الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة تحولاً غير مسبوق مع صعود شركات التكنولوجيا الكبرى إلى قمة المشهد الاقتصادي، حيث أصبحت هذه الشركات محركاً رئيسياً للابتكار وقوة مهيمنة تعيد تشكيل الأسواق وخيارات المستهلكين. مع نهاية عام 2024، تجاوزت القيمة السوقية المجمعة لأكبر عشر شركات تكنولوجيا 20 تريليون دولار، وهو ما يعكس الهيمنة المتزايدة لهذه الشركات على الاقتصاد العالمي. هذه الهيمنة تتجلى في تأثيرها الكبير على حركة الأسواق المالية وصنع القرارات الاستثمارية العالمية، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية في صلب هذا التحول.
* الذكاء الاصطناعي، الذي كان قبل عقود مجرد فكرة نظرية، أصبح اليوم القوة الدافعة وراء هذه الثورة التقنية. تعتمد الشركات الكبرى مثل “إنفيديا” و”أبل” و”مايكروسوفت” على الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وتعزيز الابتكار في منتجاتها وخدماتها. شركة “إنفيديا”، على سبيل المثال، شهدت نمواً في إيراداتها بنسبة 126 % خلال عام واحد، مدفوعة بالطلب المتزايد على معالجاتها المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي .
* وفي الأفق، تبدو الحوسبة الكمومية كالثورة التقنية المقبلة (من المتوقع أن تصل قيمتها السوقية إلى 4375 مليون دولار بحلول عام 2028)، حيث تعتمد هذه الحوسبة على مبادئ الفيزياء الكمومية لمعالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة تفوق بكثير إمكانيات الحوسبة التقليدية.
* البيانات الضخمة تعد العمود الفقري لهذه التحولات (من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق البيانات الضخمة العالمية نحو 400 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030) إذ تعتمد عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية لتحليل السلوكيات واتخاذ القرارات بشكل أسرع وأكثر دقة. هذا الاعتماد المتزايد على البيانات أدى إلى تغييرات جذرية في طريقة عمل الشركات، لكنه أثار أيضاً مخاوف حول الخصوصية وأخلاقيات استخدام هذه البيانات، خاصة مع توسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي ظل هذه التغيرات، تظهر تحديات جديدة تتعلق بتركيز القوة الاقتصادية في أيدي عدد محدود من الشركات الكبرى، ما قد يؤدي إلى نشوء فقاعات اقتصادية أو تأثيرات سلبية على سوق العمل.
* وعلى النقيض من هذا السباق العالمي المحموم، يبدو العالم العربي متأخراً في مواكبة هذه الثورة التقنية. رغم أن بعض الدول العربية خاصة الخليجية منها بدأت في تبني استراتيجيات طموحة لتطوير الذكاء الاصطناعي ودمجه في خططها الاقتصادية، إلا أن معظم الدول الأخرى لا تزال تعاني من ضعف في البنية التحتية التكنولوجية، وانخفاض الإنفاق على البحث العلمي، الذي لا يتجاوز في كثير من الأحيان 1 % من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن نقص الكفاءات المؤهلة وعدم وجود رؤية واضحة للاستثمار في التقنيات المستقبلية يزيدان من صعوبة اللحاق بالركب العالمي.
* ومع ذلك، يمتلك العالم العربي إمكانيات كبيرة إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح. كما يمكن للدول العربية أن تستفيد من بناء شراكات استراتيجية مع القوى التكنولوجية الكبرى لنقل المعرفة وتوطينها كما تفعل قطر والإمارات والسعودية إضافة إلى تشجيع الابتكار وإنشاء مراكز بحثية مشتركة بين الدول.
البيانات التي نشرها موقع “ستاتيستا” تسلط الضوء على أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. فقد شهد الإنفاق العالمي على هذه التقنية نمواً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية، مع توقعات بأن يتجاوز أربعة أضعاف مستواه الحالي بحلول عام 2030. في عام 2020، بلغ الإنفاق العالمي نحو 93 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 827 مليار دولار بحلول نهاية العقد. هذه الأرقام تعكس تسارع وتيرة التحول الرقمي العالمي، لكنها تطرح تساؤلات حول مدى جاهزية الدول العربية للاستفادة من هذا التحول.
* إن الفجوة التكنولوجية بين العالم العربي والدول المتقدمة تتطلب جهوداً جماعية لتقليصها. الاستثمار في التعليم التقني، وتحفيز الابتكار، وتعزيز التعاون الإقليمي يمكن أن يضع الدول العربية على خريطة الاقتصاد الرقمي. ومع دخول عام 2025، يبقى السؤال: هل سيتمكن العرب من تجاوز تحدياتهم البنيوية واستثمار الفرص التي توفرها الثورة التقنية؟ الإجابة ستعتمد على الإرادة السياسية والالتزام بتحقيق تحول جذري في أولويات التنمية.
* وفي الختام، فإن نجاح العالم العربي في اللحاق بالركب التكنولوجي يعتمد بشكل أساسي على قدرته على بناء بيئة ملائمة للنمو الرقمي. يتطلب ذلك استثماراً أكبر في التعليم التكنولوجي والبحث العلمي، فضلاً عن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. إن الفجوة الحالية ليست سوى تحدٍ يمكن تحويله إلى فرصة إذا توافرت الإرادة السياسية، وإذا كانت الدول العربية قادرة على اتخاذ خطوات جادة نحو التحول الرقمي المستدام.
د. خالد وليد محمود – الشرق القطرية
كانت هذه تفاصيل خبر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في 2025.. أين يقف العالم العربي؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.