الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | تعرف على الياباني الذي أصبح الأب الروحي للجودو في فرنسا وإرثه الخالد

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

ساهم كاوايشي ميكينوسوكي، بجهوده الرائدة، في نشر الجودو في فرنسا ودول أوروبية أخرى، وجعلها متاحة لغير اليابانيين. من خلال تطوير أسلوبه الخاص في التدريس وإدخال نظام تصنيف الحزام الملون، نجح كاوايشي في تحويل الجودو إلى رياضة عالمية تحظى بشعبية كبيرة. انضموا إلينا في هذا المقال لاستكشاف رحلته الملهمة، وكيف أثرت ابتكاراته في الجودو على انتشار هذه التقليدية اليابانية في جميع أنحاء العالم.

إرث ”كاوايشي ميكينوسوكي“ في الجودو الأوروبي

قبل ما يقرب من قرن، ساهم لاعب الجودو الياباني ”كاوايشي ميكينوسوكي“ في إدخال لعبة الجودو إلى أوروبا، حيث ازدهرت وانتشرت بشكل كبير. بعد أن تخلى عن بعض التقاليد، طور كاوايشي أسلوبًا تعليميًا مبتكرًا يُعرف بـ”طريقة كاوايشي“، مما جعل تقنيات الجودو والفنون الدفاعية أكثر سهولة بالنسبة للغربيين الذين يرغبون في تعلمها. كان تأثيره ملموسًا بشكل خاص في فرنسا، حيث يعتبر الأب الروحي للجودو الفرنسي. في هذا المقال، نستعرض إرث ”كاوايشي“ وكيف تطورت الفنون القتالية لتصبح رياضة دولية.

وُلِد ”كاوايشي“ في ريف محافظة هيوغو عام 1899، وكرّس نفسه للجودو منذ صغره. بعد تخرجه من جامعة واسيدا، عمل لفترة وجيزة مع حكومة بلدية طوكيو قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة. هناك، بدأ مسيرته كمدرب للجودو، وهو المسعى الذي قاده إلى أمريكا الجنوبية ثم إلى أوروبا عبر بريطانيا. وصل إلى فرنسا عام 1935 واستقر في باريس، حيث أسس ناديًا للجودو وبدأ في تدريس فنون القتال للسكان المحليين.

أدرك ”كاوايشي“ أن نقل الجودو بشكله التقليدي سيصعب على غير اليابانيين استيعابه. لذا، طور أسلوب تدريس مناسبًا لغير اليابانيين، يتضمن استبدال الأسماء اليابانية للتقنيات بمرادفات مرقمة باللغة الفرنسية، مثل ”رمية الساق 1“ لـ”أوسوتوغاري“ و”رمية الكتف 2“ لـ”سيؤيناغي“. كما ابتكر نظامًا لترتيب الأحزمة يتكون من سبعة ألوان: الأبيض، الأصفر، البرتقالي، الأخضر، الأزرق، البني، والأسود، بدلاً من الأحزمة البيضاء والسوداء البسيطة المستخدمة في اليابان. هذا النظام ساعد في تحفيز الطلاب وتسهيل عملية التعلم عليهم.

أصبح ”كاوايشي“ رمزًا للجودو في فرنسا وأوروبا، وساهمت طريقة تدريسه المبتكرة في ترسيخ الجودو كرياضة قتالية شعبية. بفضل جهوده، استطاعت الفنون القتالية اليابانية أن تجد مكانًا لها في الثقافة الأوروبية، مما ساهم في نشر الجودو على مستوى عالمي. إرث ”كاوايشي ميكينوسوكي“ يمتد ليشمل تأثيره العميق في تطوير الفنون القتالية ونشرها على نطاق عالمي. بفضل رؤيته وابتكاراته في أساليب التدريس، أصبح الجودو رياضة دولية تحظى بشعبية واسعة وتقدير كبير.

وفي تلخيص لنهجه غير التقليدي، أعلن ”كاوايشي“ في تصريحه الشهير قائلًا: ”الجودو مثل القمح أو الأرز. يجب تكييفه حسب منطقة“. وينبع نجاحه في المساعدة على ترسيخ الجودو في فرنسا وأماكن أخرى من شجاعته في التخلي عن التقاليد وتقديم أفكار فنون القتال بطريقة يمكن للأوروبيين أن يرتبطوا بها.

مهد رياضة دولية

خلال الحرب العالمية الثانية، بقي ”كاوايشي ميكينوسوكي“ في فرنسا المحتلة من قبل ألمانيا، لكنه اضطر بسبب الظروف إلى تقليص أنشطته التدريبية. ومع اقتراب نهاية الصراع، خشي أن يتم القبض عليه كمواطن ياباني من قبل قوات الحلفاء المتقدمة، ففر من باريس إلى برلين، حيث بقي لفترة من الوقت قبل أن يتبع طريقًا مستترًا للعودة إلى اليابان عبر سيبيريا ومنشوريا.

في فترة غياب ”كاوايشي“، استمر تلاميذه الفرنسيون في تدريب ونشر الجودو كمُعلمين. وعندما عاد ”كاوايشي“ إلى باريس في عام 1948، استأنف التدريس وأنشطته الأخرى. بعد فترة وجيزة، بدأت ”كودوكان“ في إرسال مدربيها إلى فرنسا، مما أدى إلى توتر الأجواء مع أتباع طريقة ”كاوايشي“، والتي اعتبرتها ”كودوكان“ نسخة مبسطة من الشكل التقليدي للفنون القتالية.

بالإضافة إلى هذا الانقسام، بدأ ”كاوايشي“ في فرض رسوم شهرية عالية على طلابه لتمكين مدربيه من كسب لقمة العيش من خلال تدريب الجودو، بينما أكدت ”كودوكان“ على وضع ممارسة مدربيها للعبة كهواية وليست مهنة مدفوعة الأجر. أدت هذه العوامل إلى انقسام الاتحاد الفرنسي للجودو، الذي تأسس في عام 1946، إلى فصيلين هما ”كودوكان“ و”كاوايشي“.

تأسيس الاتحاد الدولي للجودو في عام 1951 جمع لأول مرة الاتحادات المختلفة من جميع أنحاء العالم تحت هيئة حاكمة واحدة. في فرنسا، اندمج فصيلي ”كاوايشي“ و”كودوكان“ في عام 1956 تحت منظمة جديدة شملت فنون قتالية أخرى، مثل فن المبارزة ”الكندو“. بعد بضع سنوات، تنحى ”كاوايشي“ عن دوره القيادي، لكن جهوده ساعدت في تحويل الجودو إلى رياضة دولية يمارسها الملايين في جميع أنحاء العالم. في عام 1964، ظهرت لعبة الجودو لأول مرة كرياضة أولمبية رسمية في ألعاب طوكيو.

روح الجودو

نشأت رياضة الجودو كنوع من أنواع الدفاع عن النفس، ولكن شعبيتها في فرنسا وأماكن أخرى يمكن أن تُعزى إلى فلسفتها، التي عبر عنها مؤسسها ˮكانو جيغورو“ في صورة مفهومي (精力善用) (سيريوكو زينيو) (الكفاءة القصوى) و (自他共栄) (جيتاكو كيوإيه) (المنفعة المتبادلة). وقد لاقت فكرة أن الناس يمكنهم من خلال الجودو تحسين أنفسهم، ليس فقط على أرض النزال ولكن كذلك في الحياة اليومية، وكذلك خدمة المجتمع ككل، صدى لدى الممارسين في فرنسا وأماكن أخرى، مما دفعهم إلى تبني المبادئ الروحية للجودو بحماس.

مؤسس الجودو، ˮكانو جيغورو“. (© مكتبة البرلمان الوطني/ صور كيودو)
مؤسس الجودو، ˮكانو جيغورو“. (© مكتبة البرلمان الوطني/ صور كيودو)

ومن الجوانب الأساسية الأخرى للجودو التأكيد على مرونة كل من العقل والجسد. وقد تم توضيح ذلك في عرض قدمه ˮكاوايشي“ في فرنسا قبل الحرب والذي شارك فيه السفير الياباني في فرنسا، ˮسوغيمورا يوتارو“. الذي كان أحد ممارسي الجودو المهرة، حيث كان يقيم في مدرسة يديرها ˮكانو“ وكان يعمل قائدًا لنادي الجودو في جامعة طوكيو الإمبراطورية (جامعة طوكيو الآن).

وبعد العرض، تحدث سوغيمورا مع صحيفة ˮلي فيغارو“ الفرنسية الرائدة، قائلاً بنظرة ثاقبة أن ˮالمرونة أكثر قيمة من القوة. فالمرونة ضرورية في كل شيء وهي الشرط الأساسي للحفاظ على السلام“. وبصفته دبلوماسيًا، كان يعتقد أن المرونة الأساسية للجودو يمكن أن تساهم في السلام العالمي. ورأى أنه حتى في أوقات الصراع العسكري، يظل الأمل قائما في إمكانية تهدئة الأعمال العدائية واستعادة السلام إذا ابتعد الجانبان عن المواقف المتصلبة وبقيا منفتحين على التوصل إلى اتفاق من خلال الحوار بدلا من العنف.

تماشيا مع الروح الأولمبية

كما كانت فلسفة الجودو متوافقة مع المثل العليا للنبيل الفرنسي ˮبيير دي كوبرتان“ (1863-1937)، مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة. حيث كان كوبرتان يؤمن بالقيمة التعليمية للرياضة، وهي الفكرة التي صاغها أثناء سفره عبر بريطانيا في أعقاب هزيمة فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية. وقد دمر الصراع البلاد وألقى بظلاله على المجتمع. ولكن في بريطانيا، رأى كوبرتان التأثير الإيجابي للرياضة في المدارس العامة على التلاميذ. وكان مفتونًا بالطريقة التي يشارك بها الطلاب البريطانيون في الرياضة، حيث كانوا يبتكرون وينفذون قواعدهم الخاصة بينما يعاملون خصومهم باحترام، وهي المهارات التي من شأنها أن تخدمهم كبالغين في المجتمع.

وأقنعته التجربة بقوة التعليم الرياضي في إلهام الشباب في فرنسا. وعلى نطاق أوسع، أصبح يرى الرياضة كوسيلة لتعزيز التفاهم بين الثقافات وتعزيز السلام، وهي الفكرة التي أصبحت أساسية لفلسفة الألعاب الأولمبية.

وقد أعجب ˮكوبرتان“ بـ ˮكانو“، وفي عام 1909 تواصل مع مؤسس الجودو من خلال السفارة الفرنسية في اليابان لدعوته ليصبح أول عضو ياباني في اللجنة الأولمبية الدولية. وبصفته رئيسًا لمدرسة طوكيو العليا، شارك ˮكانو“ وجهة نظر ˮكوبرتان“ حول قيمة الرياضة في التعليم. وعند انضمامه إلى اللجنة الأولمبية الدولية، ذكر ˮكانو“ في خطاب النوايا أنه كما ساعدت الألعاب الأولمبية القديمة في تشكيل روح الشعب اليوناني، فإن الألعاب الأولمبية الحديثة ˮتنسق قلوب وعقول الأمم في جميع أنحاء العالم، وتساهم في تقدم الحضارة العالمية والحفاظ على السلام“. كما دعم ˮكانو“ دعوات ˮكوبرتان“ للدول لمراعاة التقليد القديم المتمثل في الهدنة الأولمبية أثناء الألعاب المقدسة لتعزيز السلام العالمي والصداقة من خلال الرياضة.

الاحتياج المستمر للسلام

اليوم، تفتخر فرنسا بأكثر من 500 ألف ممارس للجودو، وهو رقم يفوق بكثير عدد ممارسي الجودو في اليابان. ويعرض موقع الاتحاد الفرنسي للجودو بكل فخر مدونة الأخلاق الخاصة بالفنون القتالية، والتي تتألف من ثماني قيم هي: اللباقة والشجاعة والإخلاص والشرف والتواضع والاحترام وضبط النفس والصداقة. وتدعو هذه المثل العليا ممارسي الجودو إلى احترام خصومهم وغيرهم، وعدم الغرور، والتحكم في عواطفهم، والتصرف بكرامة وعدالة - وهي المبادئ التي تتضمنها أيضًا روح اللعب النظيف في الألعاب الأولمبية. وترفع فلسفة الجودو من شأن هذه الرياضة إلى ما هو أبعد من مجرد هواية يمارسها المرء من أجل المتعة. وإدراكًا لقيمتها، أخذ الشعب الفرنسي الجودو والأفكار التي تروج لها على محمل الجد.

فرنسا تحتفل بفوزها بالميدالية الذهبية على اليابان في مسابقة الفرق في أولمبياد طوكيو 2021. (© جيجي برس)
فرنسا تحتفل بفوزها بالميدالية الذهبية على اليابان في مسابقة الفرق في أولمبياد طوكيو 2021. (© جيجي برس)

وقد توفي ˮكاوايشي“ في باريس في الثلاثين من يناير عام 1969. وبعد عدة سنوات من وفاته، منحه الاتحاد الفرنسي للجودو، تقديراً لإنجازاته وامتناناً لإسهاماته في هذه الرياضة، أعلى مرتبة وهي ˮالدان العاشر“.

وفي خضم الصراعات المستمرة في أوكرانيا وغزة، فإن عودة الألعاب الأولمبية إلى موطن كوبرتان في باريس تشكل فرصة لإعادة النظر في إرث كاويشي وللبشرية للتأمل في رسائل السلام التي تجسدها روح الألعاب الأولمبية وفلسفة الجودو.

(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة الموضوع: ˮكاوايشي ميكينوسوكي“ (في الوسط) ينظر إلى تلميذه، لاعب الجودو الفرنسي ˮجان دي هيرت“، أثناء استلامه الكأس لفوزه بالفئة المفتوحة في بطولة أوروبا للجودو عام 1951. © ويكيميديا كومنز)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | تعرف على الياباني الذي أصبح الأب الروحي للجودو في فرنسا وإرثه الخالد لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا