في قلب مدينة نارا اليابانية، يقف تمثال بوذا العظيم شامخًا داخل قاعة دايبوتسودن، التي تُعَدُّ واحدة من أكبر المباني الخشبية في العالم. يبلغ ارتفاع القاعة 48 مترًا، وطولها 57 مترًا، وعرضها 50 مترًا، وتُعَدُّ هي والتمثال من الكنوز الوطنية لليابان. هذا المعلم التاريخي، الذي بُنِيَ في فترة نارا (710-794)، لا يجذب الزوار المحليين فحسب، بل يستقطب أيضًا السياح من جميع أنحاء العالم، الذين يأتون للتأمل في عظمته والتمتع بالتراث الثقافي العريق الذي يمثله.
المعاني الخفية التي يحملها تمثال بوذا العظيم
يُعد تمثال ”بوذا العظيم“ في نارا واحدًا من أعظم الإنجازات الثقافية في اليابان وأكبر تمثال برونزي لبوذا في العالم. يبلغ ارتفاعه حوالي 15 مترًا ويزن نحو 250 طنًا، ما يجعله تحفة هندسية وفنية استثنائية. يُعرف التمثال رسميًا باسم ”روشانابوتسو“ ويُمثل بوذا في هيئة مهيبة مليئة بالوقار، وقد أصبح رمزًا لمعبد توداي-جي، الواقع في مدينة نارا.
تم بناء معبد توداي-جي في عهد الإمبراطور شومو (701-756) خلال فترة نارا (710-794) كجزء من مبادرة تهدف إلى الصلاة من أجل السلام الوطني وازدهار البلاد. يمثل التمثال روح العصر الذي شهد انتشار البوذية وتأثيرها الكبير على الثقافة والمجتمع الياباني.
اليوم، يُعتبر معبد توداي-جي المعبد الرئيسي لطائفة كيغون البوذية، التي تستند تعاليمها إلى نصوص ”كيغون-كيو“ (الكتاب المقدس في الديانة البوذية)، حيث يُصور ”روشانابوتسو“ بوصفه مركز الكون، ما يعكس نظرة كيغون الفلسفية العميقة للعالم بوصفه شبكة مترابطة من الكائنات والأحداث. يجذب المعبد ملايين الزوار سنويًا، ليس فقط كمعلم ديني، بل أيضًا كرمز من رموز التاريخ والثقافة اليابانية التي تجاوزت حدود الزمن.
تحمل وضعيات اليد في التماثيل البوذية دلالات رمزية عميقة تعبر عن تعاليم بوذية مختلفة ومشاعر روحية موجهة نحو الكائنات الحية ففي حالة تمثال ”بوذا العظيم“ في نارا نجد وضعيتين بارزتين حيث تظهر وضعية سيموي-إن عندما يرفع بوذا كفه نحو الشخص الآخر على مستوى الصدر مما يرمز إلى إزالة الخوف وطمأنة الكائنات الحية ويعكس رسالة الأمان والسكينة التي تتبناها البوذية أما وضعية يوغان-إن فتتجسد في توجيه الكف إلى أعلى مشيرة إلى الاستعداد لسماع أمنيات ورغبات الآخرين ومعبرة عن التعاطف العميق والرغبة في فهم الآخرين وتلبية احتياجاتهم وهاتان الوضعيتان تعدان من أكثر الوضعيات شهرة وانتشارًا في التماثيل البوذية حيث تشكلان رمزًا للرحمة التي تعد من القيم الأساسية في الديانة البوذية كما تجسد هاتان الوضعيتان العلاقة بين بوذا ومتبعيه حيث يقدم الطمأنينة والاستماع كتجليات للعطف الإلهي.
تم صنع التمثال البرونزي الضخم لبوذا باستخدام تقنية الصب التي تضمنت صهر النحاس وصبه داخل قوالب، حيث تطلب المشروع حوالي 500 طن من النحاس و440 كغ من الذهب و2.5 طن من الزئبق واستغرق إنجازه تسع سنوات. في تلك الحقبة، كان إنتاج الذهب المحلي محدودًا، مما دفع إلى التفكير في استيراده. ومع ذلك، أثناء بناء التمثال، تم اكتشاف عرق غني بالذهب في منطقة أودا بمقاطعة موتسو (ما يُعرف الآن ببلدة واكوياتشو في محافظة ميياغي)، وهو ما اعتبره الإمبراطور شومو حدثًا استثنائيًا ناتجًا عن ”بركات الإله بوذا“. وتعبيرًا عن امتنانه، قام الإمبراطور بتغيير اسم تلك الحقبة من ”تيمبيو“ إلى ”تيمبيو كانبو“ بمعنى ”كنز تيمبيو“.
أما الزئبق، فقد استخدم كمذيب لطلاء التذهيب الذي أضفى على التمثال لمعانًا ذهبيًا باهرًا، وهو مشهد من الصعب تخيله اليوم بعد مرور أكثر من 1300 عام. لقد كان التمثال في ذلك الوقت رمزًا للحرفية والإيمان، حيث عكس التفاني والجهود الهائلة التي بذلها الحرفيون والعمال لتحقيق هذا الإنجاز الفريد.
وأُقيم حفل رفع الستار عن تمثال بوذا العظيم في التاسع من أبريل/نيسان من عام 752، وكان حدثًا ضخمًا في تاريخ اليابان. ووفقًا لكتاب ”شوكو نيهون غي“ (تاريخ اليابان)، فإن ”احتفال سايكاي“ كان واحدًا من أكبر الاحتفالات التي شهدتها البلاد منذ انتقال البوذية إلى الشرق. قاد الإمبراطور شومو تايشو شخصيًا هذا الاحتفال، حيث شارك فيه 100 من المسؤولين المدنيين والعسكريين و10000 كاهن. وكان الحفل مفعمًا بالأغاني والرقص والموسيقى، مما جعله مناسبة مبهرّة بكل المقاييس.
كما قام الراهب بوداي سينَّا (704-760)، الذي كان من الهند، بتنقيط عيني بوذا العظيم باستخدام فرشاة، وهي الفرشاة التي لا تزال محفوظة ككنز في معبد شوسوين، التابع لوكالة البلاط الإمبراطوري.
تعرضت قاعة بوذا العظيم للدمار جراء الحروب خلال فترة كاماكورا (1180-1336) وفترة المقاطعات المتحاربة (1467-1615)، مما أدى إلى تضرر تمثال بوذا العظيم. ومع مرور الوقت، تم إعادة بناء رأس تمثال بوذا العظيم في فترة إيدو (1603-1868)، في حين ظل الجزء الأصلي من تمثال بوذا العظيم، بما في ذلك البطن والساقين وبتلات اللوتس في قاعدة التمثال، محفوظًا منذ فترة نارا.
وقد نُقش على كل بتلة من بتلات اللوتس الثمانية والعشرين 22 صورة للبوداسف، وهي شخصيات تسعى لتحقيق البوذية لصالح جميع الكائنات الحية. في مركز كل بتلة، توجد صورة شاكانيوراي، مؤسس الديانة البوذية. أسفل هذه النقوش، تم تصوير العوالم الثلاثة في الكون، وهي عالم الرغبات، وعالم الألوان، وعالم عديم الألوان، بالإضافة إلى جبل سوميرو، الذي يعتبر مركز العالم البوذي. تعكس هذه النقوش بعضًا من تعاليم ”كيغون-كيو“ (الكتاب المقدس في الديانة البوذية)، والذي يصف العالم البوذي الواسع الذي لا حدود له. وفي قمة هذا العالم، يتربع بوذا العظيم (روشانابوتسو).
نقش بطريقة كيبوري (النقش باستخدام الإزميل) موجود على بتلات اللوتس. ويصور بوداسف يستمع إلى وعظ من شاكانيوراي الذي يجسد روشانابوتسو. وعرش اللوتس يوجد في مكان مرتفع وهو غير مرئي للزائرين، لذلك يتم عرض نسخة طبق الأصل على مستوى الأرض.
يقال إن روشانابوتسو يشع نورًا عظيمًا ينير كل العوالم، وينقذ الكائنات الحية بذلك النور.
وهذا سبب مقنع لضخامة تمثال ”بوذا العظيم“ في نارا.
اكتملت قاعة بوذا العظيم الحالية في عام 1709. يقال إنه كان هناك وقت تم فيه ترك تمثال بوذا العظيم تحت المطر بعد احتراقه وقبل إعادة بنائه
روشانابوتسو
- الارتفاع: 14.98 مترًا
- الفترة: من فترة نارا إلى فترة إيدو
- مكان الحفظ: معبد تودايجي
- التعيين: كنز وطني (اسم التعيين: تمثال برونزي جالس لروشانابوتسو)
(النص الأصلي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: روشانابوتسو، المعروف باسم ”نارا نو دايبوتسو سان“ (بوذا العظيم في نارا)، محفوظات معبد تودايجي، تصوير: مودا توموهيرو)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | تمثال بوذا العظيم في نارا: رحلة عبر الزمن إلى قلب التاريخ الياباني لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
"