الرياض - كتب موسى القحطاني -
يعيش السعوديون الذكرى الثامنة لاختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، الذي بويع في ليلة "27 رمضان" عام 2017 بمكة المكرمة في قصر الصفا، ومنذ حمل الأمير الشاب منصب ولاية العهد ينظر الكثيرون إلى بٌعد دلالات الاختيار ورمزيته، لتجسد لحظة استثنائية فاصلة في تاريخ السعودية بمبايعة قائد استثنائي الفكر والتنفيذ.
والشاهد في دلالات الاختيار يؤكد حكمة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، كونه أمين سر الأسرة، والعارف ببواطن الحكم ليدفع بترسيخ استقرار البلد وضمان نهضته ونمائه بأمير شاب عمل طويلاً في مفاصل الدولة، وسبر أغوار أنظمتها بعمله في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء السعودي، علاوة على قربه من والده.
وبمجرد اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد بأمر الملك، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية انطلاقًا من مبادئ نظام الحكم في السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، في إطار أوامر ملكية أقرها العاهل السعودي، بدأت السعودية اتخاذ خطوات إصلاحية اقتصادية واجتماعية جعلت الرياض توسع دائرة حضورها الدولي بتأثير فاعل.
وحصل الأمير محمد بن سلمان أعلى نسبة تصويت تشهدها هيئة البيعة منذ إنشائها، إذ اختير بأغلبية بعد أن عُرض القرار على هيئة البيعة لظروف خاصة، إذ بلغت الأصوات 31 صوتاً من 34 ما يبرز لحمة الأسرة المالكة، ورغبتهم في مستقبل مزدهر للبلاد.
وما إن تحل ذكرى بيعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كل عام حتى يجد السعوديون فرصة استذكار المنجزات الجوهرية التي بلور رؤيتها بفلسفة الابتكار والتجديد، في إطار الرؤية التنموية رؤية 2030.
إذ عززت الأعوام الثمانية منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد البلاد فرص الريادة في إطار رؤية 2030، إذ رسم سياساتها وبرامجها التنفيذية بمستهدفات واضحة ما جعلها تبشر بمنجزاتها سريعاً قبل حلول عام تحقيقها.
"السعودية.. أعظم قصة نجاح"
ويبرز في الإطار ذاته مثلاً على صعيد المستهدفات التي تحققت لتصبح السعودية أعظم قصة نجاح في القرن الـ 21، إذ إنه بعد مرور أكثر من منتصف رحلة "رؤية السعودية"، أبرزت مؤشرات الأداء من المستوى الأول والثاني تقدماً ملحوظاً نحو مستهدفاتها لعام 2030، وتجاوزت بعض المؤشرات مستهدفاتها، إذ تعد نحو 87% من مبادرات الرؤية مكتملة وتسير على المسار الصحيح.
كما كشف تقرير "رؤية السعودية 2030" لعام 2023، عن تعاظم قيمة الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة بنحو 2.09 تريليون ريال إلى 2.81 تريليون ريال لعام 2023، مقارنة بعام 2016 عند إطلاق الرؤية، فيما تخطت الأصول مستهدف العام 2022 البالغ 2.7 تريليون ريال.
توفير خيارات السكن
في سياق متصل بنتائج الرؤية في عامها الثامن، حقق قطاع الإسكان العديد من الأرقام التي تعزز توافر الخيارات السكنية لمختلف فئات المجتمع، إذ استلمت 66 ألف أسرة سعودية منازلها، وأُطلقت أكثر من 24 ألف وحدة سكنية حتى نهاية شهر أغسطس، كما بلغت نسبة تملك المواطنين مساكنهم 63.74%.
إصلاحات متقدمة
إلى ماهو أبعد من ذلك، نجحت الإصلاحات التي قادها الأمير محمد بن سلمان إلى تحقيق مراكز متقدمة في إطار تعزيز مكانة المملكة كقوة اقتصادية رائدة في المنطقة والعالم، إذ استضافت قمة مجموعة العشرين في عام 2020، كما فازت بتنظيم نسخة استثنائية من معرض إكسبو العالمي في عام 2030، فضلاً عن استضافة السعودية لبطولة كأس العالم 2034، إذ تشكّل أول نسخة تشهد مشاركة 48 منتخبًا، تٌنظم في دولة واحدة.
أسرع اقتصادات العالم
كل تلك الإصلاحات جعلت الاقتصاد السعودي يشهد حالة ازدهار ونمو، وهو الأمر الذي بدوره أكد صندوق النقد الدولي بأن موقف المملكة المالي يتسم بالقوة، مشيداً بالتقدم الذي أحرزته في تنفيذ الأجندة الإصلاحية لرؤية السعودية 2030، منوهاً أن السعودية كانت أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً في عام 2022.
نمو الأنشطة غير النفطية
وفي إطار دعم سياسة التنوع الاقتصادي، برزت قطاعات متنوعة تقلص الاعتماد على النفط، إذ عزز هذا النوع من القطاع غير النفطي مواصلة نموه، إذ ارتفع الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بنسبة 4.3%، في العام المنصرم، ما يعكس استمرار جهود تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قال إن السعودية حقّقت منجزات جوهرية كثيرة في هذه الرحلة العظيمة، ومن نماذج هذه الأنشطة غير النفطية في المملكة، إذ سجلت أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ50 في المائة في العام الماضي، مما يعزز استدامة النمو وشموليته ويحقق جودة عالية في التنوع الاقتصادي.
صندوق الاستثمارات العامة
في حين تمضي السعودية بثقة في مواصلة رحلة تحقيق مستهدفاتها وفق منهج شامل وتكاملي يقوم على المراجعة الدقيقة وترتيب الأولويات، فإنه جدير بالذكر دور صندوق الاستثمارات العامة، إذ يملك الصندوق محفظة استثمارية متنوعة تركز على الفرص الواعدة محلياً وعالمياً بقيمة أصول تصل إلى نحو 3.47 تريليون ريال.
جذب المقار الإقليمية
وبدوافع رغبة السعودية نحو زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى اقتصاد المملكة، شرعت الرياض أبوابها أمام المستثمرين الراغبين في اقتناص الفرص الحالمة في السعودية معلنة عن برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، إذ يضيف البرنامج نحو 67 مليار ريال (18 مليار دولار أمريكي) للاقتصاد المحلي، ويوفر نحو 30 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030، لتختار 600 شركة إقليمية الرياض مقرًا إقليميًا لها.
تصنيف السعودية الائتماني
كذلك الحال تأكيداً لكل هذه الإنجازات، رفعت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز (S&P) تصنيف السعودية الائتماني بالعملات المحلية والأجنبية إلى "A+" مع نظرة مستقبلية "مستقرة"، وأوضحت الوكالة في تقريرها بأن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني مع نظرة مستقبلية مستقرة، يأتي نتيجة لتقدم السعودية المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي وتطوير رأس المال المحلي.
وبذلك كله، تعزز هذه المعطيات حظوظ الاقتصاد السعودي، وتكرس فرص استثمار مكامن القوة لدى السعودية، فمنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 تمنح إنجازاتها الحصانة للأجيال القادمة من التقلبات والتغيرات، بفضل رؤية الأمير محمد بن سلمان التي جعلت البلاد أعظم قصة نجاح في القرن الـ 21، ويؤكد ما ذهب إليه في حواره الشهير مع مجلة ذا أتلانتيك بأن "كل الإمكانيات العالمية في السعودية".