
منذ عدة سنوات إن لم تكن عقوداً من الزمن وفرنسا تعيش أوضاعاً سياسية غير مستقرة. فالأحزاب السياسية الفرنسية التقليدية مثل الحزب الديجولي والحزب الاشتراكي اللذين كانا فى العادة يتناوبان على السلطة في فرنسا لم يعد لها تلك المكانة والأهمية كما في السابق، وعلى العكس من ذلك فإن حزب اليمين المتطرف بزعامة عائلة لوبان قد أخذ خلال السنوات القليلة الماضية شعبية متزايدة على نمط الأحزاب الشعبوية الأخرى في الدول الغربية والتي أخذ نفوذها في الانتشار بدءاً من أمريكا ومروراً بإيطاليا والمجر وهولندا ومؤخراً في ألمانيا على ضوء الانتخابات الأخيرة. بالنسبة لفرنسا وبالرغم من تصاعد شعبية اليمين المتطرف ضمن حزب التجمع الوطني، إلا أن التقاليد السياسية الفرنسية ممثلة من ناحية في الإرث الديجولي ومن ناحية أخرى في الشعبية الواسعة لأحزاب اليسار قد مثلت عوامل رئيسية حالت ولعدة سنوات وحتى الآن دون وصول حزب اليمين المتطرف الى السلطة. الا أنه وإن لم يتمكن حزب التجمع الوطني من الوصول الى السلطة حتى الآن فإنه وبحكم تزايد شعبيته وتمكنه من الحصول على أكبر عدد من النواب في البرلمان الفرنسي استطاع من خلال ذالك أن يَحُول في عدة مناسبات دون تمكن حكومة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون من إدارة أمور البلد بيسر وسهولة. وقد اضطر الرئيس الفرنسي الى إجراء عدة تغييرات في رئاسة حكومته،
إلا أن الأمر حتى الآن لا يبدو سهلاً، حيث إن حزب اليمين المتطرف بحكم كونه يتمتع بعدد كبير من النواب في البرلمان الفرنسي استطاع أن يسقط الثقة عن رئيس إحدى وزارات ماكرون الأخيرة. وبالطبع فإن وضع الرئيس ماكرون لم يعد بالمريح، وشعبيته وفقاً لذالك أصبحت متدنية إن لم تكن ضعيفة جداً.ضمن هذه الظروف والأوضاع السياسية الفرنسية المضطربة يفاجأ الشارع السياسي الفرنسي يوم الاثنين الماضي بصدور حكم قضائي كان وقعه شبيهاً بوقع الزلزال، حيث أصدرت السلطات القضائية الفرنسية حكماً ضد مرين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني المتطرف وذلك بتهمة الفساد واختلاس الأموال العامة. وقد اشتمل حكم القضاء الفرنسي على عقوبات مشددة ضد مرين لوبان أولها السجن لمدة أربع سنوات، سنتان منها مع وقف التنفيذ، وكذالك غرامة مالية بمقدار مئة ألف يورو. إضافة الى ذلك والأهم هو منع مرين لوبان من الترشح للانتخابات لمدة خمس سنوات أي ما معناه أنها لن تتمكن من الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2027. وبالطبع فإن مثل هذا الحكم إذا تحقق فإنه سيقضي على مستقبلها السياسي، كما أنه سينهي حلمها المنتظر منذ عدة سنوات في الوصول الى رئاسة فرنسا. وبالفعل فإن مثل هذا الحكم القضائي شبيه بالزلزال السياسي، حيث أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الفرنسية وأن تداعيات هذا الحكم لم تنته بعد كما يبدو. طبعاً مرين لوبان لن تستسلم بسهولة وقد باشرت إجراءات الاستئناف الذي في الغالب لن يتم قبل بداية العام القادم أي أنه يمكن أن يعطيها الأمل وإن كان ضئيلاً في إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2027.
وخلال هذه الفترة سوف يعمل حزبها على حشد أنصاره للنزول الى الشارع استنكاراً للحكم القضائي وأيضاً لممارسة الضغوط على السلطة القضائية لعل وعسى أن تغير من أحكامها على الأقل خلال فترة الاستئناف.حسبما يبدو فإن الحكم الذي صدر كان أقسى من المتوقع وبالطبع فإن ردود الفعل سواء على صعيد أمريكا أو أوروبا كانت متعاطفة مع لوبان خاصة من قبل الأنظمة الشعبوية التي تتطلع الى فوز حزب متطرف آخر الى قائمة الأحزاب المتطرفة التي انتشرت في الدول الغربية بشكل سريع وخلال فترة وجيزة.على كل حال فإن الأزمة السياسية الفرنسية لم تنته بعد، ومهما تكن نتائج الاستئناف الخاص بالحكم القضائي الصادر ضد مرين لوبان فإنه من غير المؤكد أن المسألة سوف تنتهي عند هذا الحد، حيث سيظل الشارع السياسي الفرنسي منقسماً بين تصاعد شعبية حزب التجمع الوطني المتطرف وبين التقاليد السياسية الفرنسية المتأصلة لدى شريحة واسعة من التيارات السياسية التي تندرج تحت مسميات مختلفة من أنصار الأحزاب الديجولية والاشتراكية والوسط المعتدل ومختلف أطياف اليسار الفرنسي.
د. جاسم المناعي – الرئيس السابق لصندوق النقد العربي
صحيفة الخليج
اسماء عثمان
محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.
كانت هذه تفاصيل خبر الأزمة السياسية في فرنسا.. إلى أين؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.