محمد اسماعيل - القاهرة - كتبت-هند عواد:
في سجن "بريكستون" الذي يقع جنوب لندن في عام 1988، كان المراهق جيمي لورانس صاحب الـ17 عاما يقبع في أحد الزوايا، بعدما حكم عليه بالسجن بعد سرقة قاعة السنوكر، وكانت الجريمة حينها هي السبيل الوحيد لجيمي، لدفع الفواتير مع عودة والده ووالدته إلى جامايكا، وبقائه وشقيقته في كرويدون (إحدى مدن إنجلترا)، ولم يكن ليصدق إذا أخبره أحد السجناء أن قطعة مستديرة من المطاط يمكنها أن تغير حياته.
ولكن الحقيقة أن جيمي لم يسجن لمرة واحدة فقط، وبعد قضاء 3 سنوات في السجن خرج لمدة 3 أشهر فقط، وفي مايو 1991 وقع مرة أخرى في مخالفة قانونية، وحكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات بتهمة السرقة العنيفة وبدا أن حياة لورانس قد تم رسمها، ومع ذلك كان انتقاله إلى معسكر "HMP Camp Hill" في جزيرة وايت، بداية خلاصة عن طريق كرة القدم.
وعلى غير المتوقع بالنسبة إلى "مجرم" يقضي مدة عقوبته في السجن وعلى طريقة فيلم "كابتن مصر"، سمحت له السلطات حينها، باللعب لفريق كاوز سبورتس المحلي، مباراة واحدة والعودة إلى السجن بعدها، ويتذكر الأمر في فيلم وثائقي نشره الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في عام 2012، قائلا: "لم يكن هناك أمن، كنت سأخرج في الساعة 10 صباحًا يوم السبت وألعب المباراة ثم أعود إلى الداخل بحلول المساء".
وكانت هذه المباراة نقطة التحول في حياة لورانس، إذ أنه بعدما خرج من السجن، عرض عليه الدولي الإنجليزي السابق تيري بوتشر، عقد لمدة عام واحد، وكان يعتمد على ظهوره في الأسابيع التالية بخوض لقاء ضد ميدلسبره.
وبعد سبعة عشر شهرًا من إطلاق سراحه، شارك لورانس لأول مرة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادي ليستر سيتي، وتمكن من الفوز معه بكأس الرابطة عام 1997، وبعدها انتقل إلى برادفورد سيتي، وخاض اللاعب الذي بدأ مسيرته داخل السجن، أكثر من 40 مباراة دولية مع جامايكا.
وقال لورانس (54 عاما حاليا) في الوثائقي: "أول مباراتين لي في الدوري الإنجليزي الممتاز كانتا ضد كريستال بالاس ومانشستر سيتي، والناس يرتكبون الأخطاء يوما بعد يوم، وأتمنى فقط أن ينظر إلى الناس كمثال لكيفية إخراج نفسك من هذا الوضع".
واعتزل جيمي لعب كرة القدم عام 2005، ولكن لم تكن تلك الأيام جيدة بالنسبة له، وأصيب بنوبات شديدة من الاكتئاب والخمر، وبدا أن عودته إلى الجريمة واردة، وعانى من قلة الأموال، إلا أن أحد أصدقائه المقربين الذي كان يقضي عقوبة طويلة مدتها 30 عاما، كان سببا في نجاته، بعدما قال له: "افرز نفسك، وإلا سينتهي بك الأمر في الزنزانة المجاورة لي"، واستجاب لنصيحته وأسس أكاديمية لكرة القدم، وبعدها اتجه إلى العمل كمدربا للياقة البدنية في غانا تحت قيادة جرانت مدرب تشيلسي السابق.
وبعد 22 عاما من سجنه مرتين، يستعد جيمي لورانس مدرب اللياقة البدنية في منتخب زامبيا حاليا، إلى مباراتين في تصفيات أفريقيا المؤهلة إلى كأس العالم 2026.
لمشاهدة الفيلم الوثائقي..