اخبار العالم

جاستن ترودو: ما قصة حلبة الملاكمة التي أوصلته إلى رئاسة الوزراء؟

  • 1/6
  • 2/6
  • 3/6
  • 4/6
  • 5/6
  • 6/6

الرياص - اسماء السيد - أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، استقالته الأثنين، من زعامة الحزب الليبرالي الحاكم، لينهي بذلك مسيرة في الحكم استمرت لسنوات شهدت خلالها كندا تحولات هامة على مختلف الأصعدة.

وتحدث ترودو إلى الصحفيين، معلناً أنه ينوي التنحي عن منصبه كزعيم للحزب الليبرالي ورئيس للوزراء، لكنه سيبقى في منصبه حتى يتم اختيار بديل.

وواجه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أزمة سياسية داخل حزبه الليبرالي، حيث تزايدت الدعوات لاستقالته بعد سلسلة من الأحداث المؤثرة:

منتصف ديسمبر/ كانون أول 2024: استقالة مفاجئة لنائبة رئيس الوزراء، كريستيا فريلاند، التي كانت تشغل أيضاً منصب وزيرة المالية، بسبب خلافات مع ترودو بشأن كيفية التعامل مع الحرب التجارية المحتملة مع الولايات المتحدة.

أواخر ديسمبر/ كانون أول 2024: تزايد الدعوات من داخل الحزب الليبرالي لاستقالة ترودو، حيث أشار النائب شاندرا آريا إلى أن العديد من زملائه يرون أن الوقت قد حان لتنحي رئيس الوزراء.

6 يناير / كانون ثاني 2025: صحيفة "ذا غلوب آند ميل" الكندية تشير إلى أن ترودو قد يعلن استقالته من قيادة الحزب الليبرالي هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه.

وجاء توقيت الاستقالة بعد سلسلة من التحديات التي واجهها الحزب في استطلاعات الرأي، إضافة إلى الانتقادات المتزايدة لسياسات ترودو الاقتصادية والاجتماعية.

متى وكيف أصبح رئيساً للوزراء؟

أكد ترودو في حديثه للصحفيين اليوم، عدة مرات أنه "مقاتل".

ولنفهم ماذا يقصد، فإن أي شخص يتابع السياسة الكندية في العقد الماضي سيشاهد ترودو وهو يمارس الملاكمة في الحلبة، وخاصة في وقت مبكر من توليه منصب رئيس الوزراء.

ولكن الأكثر شهرة هو أن مباراة الملاكمة الخيرية ساعدت في إطلاقه كزعيم ليبرالي.

في عام 2012، كانت المعركة ضد أحد أعضاء مجلس الشيوخ المحافظين بمثابة علامة فارقة في طريقه إلى السلطة، حيث أدى فوزه في الحلبة إلى إطلاق الحديث بين اللاعبين الأقوياء الليبراليين حول إمكانياته القيادية.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يتفادى لكمة أثناء التدريب في حلبة الملاكمة
Reuters

بعد عام تقريباً، في عام 2013، توج زعيماً للحزب. وفاز حزبه في الانتخابات العامة بعد عامين، مما جعله رئيسًا للوزراء.

تولى جاستن ترودو رئاسة الوزراء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بعد فوز الحزب الليبرالي بأغلبية ساحقة في الانتخابات. خلال فترته الأولى، ركز على تعزيز السياسات الليبرالية، بما في ذلك زيادة الإنفاق على البنية التحتية، وتحسين نظام الضرائب لدعم الطبقة الوسطى.

أحد أبرز إنجازاته كان إدخال تشريع لإضفاء الشرعية على استخدام الماريجوانا الترفيهية، مما جعل كندا من أوائل الدول التي تتخذ هذا القرار. كما أطلق خطة وطنية لمكافحة تغير المناخ، تضمنت فرض ضريبة على الكربون في جميع المقاطعات.

على صعيد الحقوق الاجتماعية، كان لترودو دور كبير في تعزيز حقوق الأقليات ومجتمع الميم (LGBTQ+). قاد أيضاً جهوداً لتحسين العلاقات مع السكان الأصليين، رغم الانتقادات التي وُجهت له بسبب بطء تنفيذ بعض وعوده المتعلقة بهذه الفئة.

موقفه من السكان الأصليين

حظي جاستن ترودو بإشادة واسعة بسبب اعترافه بمعاناة السكان الأصليين ومحاولاته تحسين أوضاعهم. خلال فترة حكمه، قدم اعتذارات رسمية عن الانتهاكات التي تعرض لها السكان الأصليون في المدارس الداخلية، وأطلق برامج لتعويض الناجين وأسرهم.

كما قام بزيادة التمويل لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية في مجتمعات السكان الأصليين. ومع ذلك، واجه انتقادات بسبب استمرار مشاريع أنابيب النفط التي تعارضها بعض مجتمعات السكان الأصليين.

"الولاية الأمريكية 51"

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن
Reuters

تميزت علاقة جاستن ترودو بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بالتوتر والاختلافات السياسية. رغم توقيع اتفاقية التجارة الحرة الجديدة (USMCA)، كانت هناك خلافات كبيرة حول التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصلب والألومنيوم الكندي.

وحدثت أزمة سياسية عندما وصف ترامب ترودو بأنه "غير صادق" بعد قمة مجموعة السبع في عام 2018. ورغم هذه التوترات، تمكن ترودو من الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع الولايات المتحدة.

في إحدى تصريحاته المثيرة للجدل، قال ترامب - نهاية عام 2024- إن "كندا ربما تكون الولاية 51 للولايات المتحدة"، ما أثار استياء واسعاً في كندا. رد ترودو على هذا التصريح بشكل دبلوماسي لكنه وصف بـ"الحازم"، مؤكداً على استقلال كندا وسيادتها، قائلاً: "كندا دولة ذات سيادة تفخر بتعاونها مع الولايات المتحدة، لكنها ستظل دائماً تتخذ قراراتها بناء على مصلحة مواطنيها أولاً".

حظر بيع الأسلحة لإسرائيل ودعم لأوكرانيا

على الساحة الدولية، تبنى جاستن ترودو سياسات داعمة للتعددية وحقوق الإنسان. كان من أبرز المدافعين عن استقبال اللاجئين السوريين، حيث فتحت كندا أبوابها لأكثر من 25,000 لاجئ في عام 2015 وحده.

لعب دوراً بارزاً في تعزيز التحالفات مع دول مجموعة السبع، وساهم في مفاوضات جديدة لاتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك (USMCA) بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية نافتا.

ومع ذلك، وُجهت له انتقادات بسبب تعامله مع أزمات دولية مثل الصراع في الشرق الأوسط والتوترات بين الدول الكبرى، حيث رأى البعض أن مواقفه لم تكن حازمة بما يكفي.

وكان ترودو من بين أبرز الداعمين الدوليين لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. منذ بداية النزاع في 2022، إذ أبدت الحكومة الكندية بقيادة ترودو التزاماً قوياً بمساعدة أوكرانيا عسكرياً وإنسانياً. كندا قدمت مساعدات مالية ضخمة لأوكرانيا، شملت دعم اللاجئين الأوكرانيين، وتوفير أسلحة ومعدات دفاعية، بالإضافة إلى فرض عقوبات شديدة على روسيا وقيادتها.

في عدة مناسبات، أكد ترودو أن دعم كندا لأوكرانيا سيكون غير مشروط "طالما أن روسيا تستمر في عدوانها"، مشيراً إلى أهمية حماية الديمقراطية والقيم الإنسانية. كما أشار إلى أن كندا ستستمر في توفير المساعدة العسكرية والتقنية، بما في ذلك التدريب للقوات الأوكرانية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو
Reuters

هذا الموقف جعل ترودو أحد أبرز القادة الغربيين الذين دعموا أوكرانيا بشكل قوي، إلا أنه في الوقت نفسه تعرض لانتقادات داخلية من بعض الجماعات التي كانت تتساءل عن تكلفة هذه المساعدات على الاقتصاد الكندي.

موقف ترودو من حرب غزة كان مثار جدل على الصعيدين المحلي والدولي. خلال الصراع الذي اندلع في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أظهرت الحكومة الكندية دعماً واضحاً لإسرائيل، حيث أدانت الهجمات التي شنتها حركة حماس على المدنيين الإسرائيليين واعتبرتها "عمل إرهابي". في المقابل، دعا ترودو إلى الحفاظ على القانون الدولي وحقوق الإنسان في وقتٍ كان فيه الوضع الإنساني في غزة يزداد تدهوراً. وعبرت الحكومة الكندية عن قلقها من سقوط المدنيين في كلا الجانبين.

أما بالنسبة للمذكرات الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من المحكمة الجنائية الدولية في شأن ارتكاب جرائم حرب في حرب غزة ، فقد تجنب ترودو إصدار تصريحات قاطعة حول الموضوع.

مد وجزر في العلاقات مع الصين والهند

كانت علاقة جاستن ترودو بالصين معقدة ومتقلبة. في البداية، سعى لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع بكين، لكن توترت العلاقات بشكل كبير بعد اعتقال المديرة المالية لشركة هواوي، منغ وانزهو، في فانكوفر عام 2018 بناءً على طلب من الولايات المتحدة.

وردت الصين باعتقال اثنين من الكنديين بتهم تتعلق بالأمن القومي، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية كبيرة. ورغم إطلاق سراح منغ في 2021، ظلت العلاقات بين البلدين متوترة.

وتفاقمت التوترات عندما اتهم الرئيس الصيني، شي جين بينغ، جاستن ترودو بتسريب حديث خاص للإعلام خلال قمة مجموعة العشرين عام 2022. هذا الاتهام أدى إلى مواجهة علنية بين الطرفين، حيث شدد ترودو على أهمية الشفافية واحترام الحريات الإعلامية. ظلت العلاقات بين البلدين مشحونة وسط استمرار الخلافات حول قضايا حقوق الإنسان والأمن.

وواجه جاستن ترودو انتقادات بسبب تعامله مع العلاقات مع الهند. وخلال زيارته للهند في عام 2018، تعرضت الزيارة لانتقادات بسبب مزاعم حول ضم عضو من حركة انفصالية سيخية ضمن وفد ترودو.

ورغم محاولاته لتحسين العلاقات الاقتصادية مع الهند، ظلت العلاقات متوترة بسبب قضايا سياسية وأمنية مرتبطة بالجالية السيخية في كندا.

في سبتمبر/ أيلول 2024، تصاعدت التوترات بشكل كبير بعد أن اتهمت الحكومة الكندية الهند بالتورط في مقتل زعيم سيخي كندي على الأراضي الكندية. أدى هذا الاتهام إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين، حيث نفت الهند بشدة الاتهامات ووصفتها بأنها لا أساس لها. زادت هذه الأزمة من تعقيد العلاقات التي كانت تعاني أصلاً من توترات سياسية.

أُسرة سياسية

وُلد جاستن ترودو في 25 ديسمبر 1971 في العاصمة الكندية أوتاوا. نشأ في منزل سياسي بارز، حيث كان والده، بيير إليوت ترودو، رئيس وزراء كندا الأسبق وشخصية بارزة في السياسة الكندية.

والدته، مارغريت ترودو، كانت شخصية عامة مثيرة للجدل بسبب طبيعة حياتها الاجتماعية وعلاقتها بالإعلام. جده من جهة الأب، تشارلز ترودو، كان رجل أعمال. أما جده من جهة الأم، جيمس سنكلير، فكان عضواً في البرلمان الكندي.

تزوج جاستن ترودو من صوفي غريغوار، وهي مذيعة وصحفية كندية، في عام 2005. لدى الزوجين ثلاثة أطفال: كزافييه، إيلا-جريس، وهادرين، الذين يعيشون حياة خاصة بعيدة عن الأضواء.

وانفصل الزوجان في أغسطس/آب 2023/ في إعلان غير متوقع وضعا به نهاية لزواجهما الذي دام 18 عاماً.

صورة لجاستن ترودو وهو في الرابعة عشرة من عمره في ديسمبر 1986
Getty Images

وحصل جاستن ترودو على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة مكجيل، ثم أكمل شهادة أخرى في التعليم من جامعة كولومبيا البريطانية. قبل دخوله عالم السياسة، عمل مدرسًا.

ورغم عدم امتلاكه خلفية عسكرية، كان لترودو اهتمام كبير بالقضايا الأمنية والدفاعية. خلال فترة حكمه، أشرف على تحديث الجيش الكندي وزيادة الإنفاق الدفاعي كجزء من التزامات كندا تجاه حلف الناتو.

5561c81e90.jpg

Advertisements

قد تقرأ أيضا