القاهرة - سمر حسين - صحة

يعاني البعض من النعاس المفرط خلال النهار، وقد يكون ذلك ناتجًا عن مجموعة من الأسباب الصحية والعوامل البيئية التي تتداخل مع إيقاع الجسم الطبيعي.
ومن المعروف أن النعاس هو نتيجة طبيعية للجسم عن الحاجة إلى الراحة بعد فترات طويلة من النشاط، إلا أن تكرار هذه الظاهرة قد يكون دليلًا على خلل في وظائف الجسم أو وجود اضطرابات صحية أخرى.
وقت النوم الطبيعي وتأثيره على الصحة
بحسب دراسة علمية نُشرت في مجلة «النوم الطبي» العالمية، تم تأكيد أن النعاس في النهار ليس أمرًا طارئًا أو عارضًا بل يمكن أن يرتبط بنمط حياة الفرد، حيث أشار الأطباء إلى أن النظام البيولوجي للجسم يميل إلى الاستعداد للنوم في ساعات محددة من اليوم، والتي غالبًا ما تكون في ساعات الليل، وأي تغيير مفاجئ في هذا الإيقاع قد يؤدي إلى شعور بالنعاس غير مبرر في النهار.
ومن خلال مراقبة الجسم، يبدأ في إفراز الهرمونات المسؤولة عن الاستيقاظ في ساعات الصباح الباكر، ولكن في حال تخطي تلك اللحظة، لا يحصل الجسم على النشاط المتوقع حتى لو نام الشخص لساعات إضافية.
العوامل الغذائية وأثرها على النعاس
بحسب ما صرح به الدكتور مكسيم أليكسييف، أخصائي طب الأعصاب وتقويم العمود الفقري، فإن التغذية تُساعد في تعزيز أو تقليل شعور الإنسان بالنعاس، وأشار إلى أن تناول وجبة عشاء مليئة بالكربوهيدرات قد تؤدي إلى الشعور بالخمول والنعاس في الصباح، إذ إن الهضم يتطلب طاقة، ما يؤثر على النشاط اليومي.
وأضاف أن الجفاف البسيط، حتى وإن كان غير ملحوظ، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تدفق الدم والأوكسجين إلى الدماغ، ما يزيد من الشعور بالنعاس.
نقص الفيتامينات والأمراض المزمنة
من جهته، يوضح الدكتور مكسيم أليكسييف أن نقص الحديد والفيتامينات، خاصة فيتامين D، يعد من الأسباب الرئيسية للشعور بالنعاس، حيث يسبب نقص الحديد تقليل قدرة الدماغ على أداء مهامه، ما يؤدي إلى الخمول والتعب، كما أن الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة في بيئات غير معرضة لأشعة الشمس، مثل المكاتب أو الغرف المغلقة، يواجهون خطر نقص فيتامين D، ما ينعكس سلبًا على نشاطهم في النهار.
الأمراض العصبية والهرمونية
تشير الدراسات إلى أن العديد من الأمراض العصبية والهرمونية قد تكون مسؤولة عن النعاس المفرط، فمثلًا، يعتبر نقص هرمون الغدة الدرقية من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بالنعاس، حيث يؤدي هذا الاضطراب إلى بطء عمليات الأيض ويقلل من النشاط العقلي.
كما أن الأمراض المعدية المزمنة أو غير الظاهرة، مثل تلك المرتبطة بالجهاز العصبي أو الروماتيزم، يمكن أن تكون السبب في الشعور المستمر بالتعب والخمول.
اضطرابات النوم.. ما الفرق بين النعاس والتعب؟
بحسب العديد من الأبحاث الطبية، يعتبر النعاس حالة منفصلة عن التعب، وفي حين أن التعب يشير إلى نقص في الطاقة والدافع نتيجة مجهود طويل، فإن النعاس يشير إلى الحاجة البيولوجية للنوم.
ويقول الدكتور مكسيم أليكسييف، في حالة النعاس، يشعر الشخص بحاجة ملحة للنوم، ولكن لا يشترط أن يكون مرهق جسديًا، بينما في حالة التعب، يكون الشخص قد مر بفترة من العمل الجاد أو النشاط البدني، ما يؤدي إلى نقص الطاقة والحاجة للراحة.
اضطرابات إيقاع النوم وأثرها على النهار
فيما يتعلق باضطرابات إيقاع النوم، تشير بعض الدراسات، إلى أن تغيير الإيقاع البيولوجي للجسم يمكن أن يكون سببًا رئيسيًا للنعاس الدائم، وعلى سبيل المثال، اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أو العمل بنظام الورديات قد يسبب اضطرابات في دورة النوم واليقظة، ما يؤدي إلى النعاس المفرط في النهار.
كما أن من بين أسباب النعاس في النهار اضطراب الخدار «Narcolepsy»، وهو حالة تجعل الشخص ينام بشكل مفاجئ في أوقات غير مناسبة.
الأدوية وتأثيرها على النشاط اليومي
وفي هذا السياق، أشارت الدكتور صفاء حمودة، استشاري الطب النفسي، في تصريح خاص لـ«الوطن»، أن الأدوية تعتبر من الأسباب المهمة التي تساهم في النعاس، خاصة تلك التي تتعلق بالعلاج بالمهدئات أو مضادات الاكتئاب.
حيث تسبب العديد من الأدوية، مثل مضادات الهيستامين أو الأدوية المخصصة لعلاج الاكتئاب، الشعور بالنعاس بشكل غير متوقع في أثناء النهار، ولذلك من المهم أن يستشير الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية الأطباء لتحديد تأثيراتها على نوعية حياتهم اليومية.
التغييرات البسيطة لتقليل النعاس
وأوضحت «حمودة» أنه يمكن للعديد من الأشخاص تحسين جودة نومهم وتخفيف النعاس المفرط في النهار، من خلال اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة:
- تنظيم ساعات النوم، فمن المهم أن يحافظ الشخص على روتين نوم ثابت في أوقات محددة يوميًا.
- تجنب القيلولة الزائدة، فالقيلولة القصيرة قد تكون مفيدة، لكن إذا كانت كثيرة قد تعوق النوم العميق ليلًا.
- التمارين الرياضية، إذ يمكن للنشاط البدني أن يحسن نوعية النوم ويزيد من طاقة الجسم.