اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | خلايا ”البيروفسكايت“ المرنة: كيف سيقود الابتكار الياباني ثورة الطاقة النظيفة في العالم؟

  • 1/5
  • 2/5
  • 3/5
  • 4/5
  • 5/5

تعتبر الألواح الشمسية المرنة واحدة من التقنيات الواعدة التي قد تُحدث ثورة في جهود إزالة الكربون. ومع أن هناك تحديات عديدة ما زالت بحاجة إلى معالجة قبل أن تُطرح هذه التكنولوجيا بشكل واسع في الأسواق، إلا أن الشركات اليابانية تعمل بجد لتحديد أهداف طموحة للتسويق التجاري. بينما تركز الأنظار على الصين ومنافسين عالميين آخرين، يبدو أن اليابان مصممة على أن تكون في طليعة الابتكار في هذا المجال، لتصبح رائدة في عالم الطاقة المستدامة. فما هي الاستراتيجيات التي ستتبناها اليابان للتفوق في سوق الألواح الشمسية المرنة؟

فجوة الكفاءة

نجح فريق من العلماء بقيادة البروفيسور مياساكا تسوتومو من جامعة توئين في يوكوهاما في تطوير التكنولوجيا الأساسية وراء الخلايا الشمسية المصنوعة من ”بيروفسكايت“، وهي بديل مرن وخفيف الوزن للخلايا السليكونية القياسية المحصورة بين ألواح زجاجية ثقيلة. وتعد اليابان من كبار منتجي اليود الذي تستخدمه هذه الخلايا الجديدة لتوليد الكهرباء. ونظراً لأن البلاد تتمتع أيضاً بخبرة تقنية كبيرة، فإن الحكومة تريد تبني سياسة صناعية للاستثمار في الألواح من الجيل التالي من خلال إعانات البحث والتطوير.

موراكامي تاكورو من المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا. (© موتشيدا جوجي)
موراكامي تاكورو من المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا. (© موتشيدا جوجي)

لكن لا تزال هناك تحديات تعوق تحقيق الاستفادة التجارية الكاملة من التكنولوجيا الشمسية. من أبرز هذه التحديات هو كفاءة الألواح في تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء. وكما يشرح موراكامي تاكورو من المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا (AIST) ”كلما كانت الخلايا الشمسية أصغر، ازدادت كفاءتها في توليد الطاقة“. ويشير إلى أنه قد تم تسجيل كفاءة تصل إلى 24% - 25% للألواح الشمسية المرنة، ولكن هذه النسبة تعتمد على استخدام خلايا صغيرة جدًا، لا يتعدى طول جانبها بضع ملليمترات فقط. ولكن عندما يتم تكبير حجم الألواح لاستخدامها في المنتجات التجارية، تزداد المقاومة الكهربائية وتتشكل عيوب صغيرة داخل المادة، مما يقلل من قدرتها على توليد الكهرباء.

حاليًا، تبلغ الكفاءة الفعلية للألواح الشمسية المرنة حوالي 15% للألواح التي تنتجها شركة ”سيكيسوي للكيماويات“ بمساحة 30 سنتيمترًا مربعًا، وتصل إلى 16.6% للألواح التي تنتجها ”توشيبا“ بمساحة 703 سنتيمترات مربعة. وفقًا للمعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا، فإن ألواح البيروفسكايت الحالية أقل كفاءة في توليد الكهرباء مقارنةً بألواح السيليكون التقليدية.

الحفاظ على الجفاف

الألواح الشمسية المرنة أيضًا شديدة الحساسية للرطوبة، مما يمثل تحديًا كبيرًا. فعلى سبيل المثال، إذا لمس شخص طبقة توليد الكهرباء أو تنفس عليها قبل أن تكون مغطاة بغشاء واقٍ، يتغير لونها فورًا وتصبح غير صالحة للاستخدام.

جودة الغشاء الحاجز الذي يحمي الألواح تعتبر قضية جوهرية في هذا السياق. كما يوضح موراكامي: ”قد يبدو الأمر مفاجئًا، لكن في يوم واحد فقط، تمر عشرات الغرامات من الماء عبر متر مربع من غشاء البولي إيثيلين تريفثاليت المستخدم في الزجاجات البلاستيكية“. لكن بالنسبة للألواح الشمسية المرنة، من الضروري تقليل نفاذية الماء إلى 1/100،000 من هذا الرقم لتحقيق الحماية المطلوبة والكفاءة العالية للألواح.

مختبر المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا (يسار)، والذي يتم الحفاظ عليه عند نسبة رطوبة 1% بواسطة مزيل رطوبة كبير في غرفة أخرى (يمين). (© موتشيدا جوجي)
مختبر المعهد الوطني للعلوم الصناعية المتقدمة والتكنولوجيا (يسار)، والذي يتم الحفاظ عليه عند نسبة رطوبة 1% بواسطة مزيل رطوبة كبير في غرفة أخرى (يمين). (© موتشيدا جوجي)

يُعتبر الفيلم الواقي الخاص المستخدم في الألواح الشمسية المرنة ”السبب الرئيسي لارتفاع التكاليف“، وفقًا للسيد أساتاني تسويوشي من شركة توشيبا لأنظمة وحلول الطاقة، حيث لا تزال الشركات تكافح لإيجاد طرق لتقليل تكلفته. تعد الرطوبة تحديًا كبيرًا، حيث يمكن أن تتسرب من خلال الفجوات الصغيرة في المادة اللاصقة التي تربط أغطية الفيلم. تسعى شركة سيكيسوي للكيماويات إلى حل هذه المشكلة باستخدام تقنية ختم خاصة لمنع تسرب الرطوبة.

إن الألواح الشمسية المرنة، على عكس الألواح المصنوعة من السيليكون والمغطاة بالزجاج، والتي تتمتع بعمر افتراضي يصل إلى 25 عامًا، يجب أن تعمل في ظروف بيئية قاسية مثل المطر، الرياح، وأشعة الشمس المباشرة. حاليًا، تدوم الألواح الشمسية المرنة لمدة تصل إلى 10 سنوات فقط. ومع ذلك، وضعت شركة سيكيسوي للكيماويات هدفًا طموحًا لتمديد متانتها إلى 20 عامًا، وتسعى إلى تحقيق هذا الهدف بحلول العام المقبل.

التعلم من أخطاء الماضي

مع تقدم التكنولوجيا الحالية للألواح الشمسية المرنة، تخطط شركة سيكيسوي للكيماويات لإطلاق منتجها في عام 2025، بينما تهدف توشيبا إلى إطلاق منتجاتها بين السنة المالية 2025 والسنة المالية 2030. هذا التسرع نابع من المنافسة الشرسة مع الشركات الأجنبية، حيث تسعى اليابان إلى الاستحواذ على الريادة المبكرة في هذا السوق. على سبيل المثال، قامت الشركة الصينية «داتشنغ مايكرو نانو تكنولوجيز» ببناء خط إنتاج رئيسي في عام 2023، بينما تخطط شركة ناشئة من جامعة أكسفورد لبدء الإنتاج الضخم في عام 2025.

على الرغم من أن المنتجات الأجنبية قد لا تتنافس بشكل مباشر مع تلك التي تنتجها الشركات اليابانية، إلا أن الصناعة في اليابان تدرك تمامًا أنها لا تستطيع تأجيل إطلاق منتجاتها حتى تكون مثالية، خشية أن تتعرض لتأخر تقني ومنافسي. اليابان لديها تجربة سابقة مريرة في هذا المجال، فقد كانت الرائدة عالميًا في تصنيع الألواح الشمسية السيليكونية بين عامي 2000 و2007، حيث سيطرت على أكثر من 50٪ من السوق. ومع ذلك، منذ عام 2008، بدأت المنتجات الصينية الرخيصة تسيطر على السوق، مما أدى إلى انخفاض كبير في حصة اليابان، حيث يتم الآن تصنيع جميع الألواح السيليكونية تقريبًا في الصين، حتى تلك المستخدمة في اليابان نفسها.

هذا التاريخ يجعل الشركات اليابانية تدرك أهمية التحرك بسرعة والمنافسة بقوة لتجنب خسارة ريادتها مرة أخرى.

الحصة الدولية لسوق الألواح الشمسية المصنوعة من السيليكون

تتمتع الشركات اليابانية بميزة تقنية كبيرة في تطوير الخلايا الشمسية الجديدة، ولكن وفقًا لما قاله موريتا تاكيهارو، الذي يرأس مشروع الألواح الشمسية في شركة سيكيسوي للكيماويات، فإن هذه الميزة التقنية وحدها ليست كافية. موريتا يحذر من تكرار الخطأ الذي حدث مع الألواح الشمسية السيليكونية، حيث فقدت اليابان ريادتها لصالح الصين بسبب نقص الدعم الحكومي المستهدف. وأكد قائلاً: ”لمنع حدوث ذلك مرة أخرى، تحتاج الحكومة إلى تعزيز الدعم للإنتاج الضخم، الأمر الذي لم يتم بشكل كافٍ في السابق“.

يشير موريتا إلى أن التنافسية المستقبلية لليابان في مجال الألواح الشمسية لن تعتمد فقط على التفوق التكنولوجي، بل أيضاً على القدرة على تحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة. لذا، يشدد على ضرورة أن تلعب الحكومة دوراً حاسماً من خلال دعم مالي واستثماري يركز على الإنتاج الكبير، ما يمكن الشركات اليابانية من مواجهة المنافسة الدولية الشرسة، وخاصة من الصين، التي استفادت بشكل كبير من الدعم الحكومي لمنتجاتها ذات الأسعار المنخفضة.

دعم الطاقة الشمسية؟

بينما تبدو المواد الخام للألواح الشمسية المرنة رخيصة نسبيًا، فإن تكاليف أخرى تتراكم مثل تكلفة الفيلم الحاجز وغيره من المواد اللازمة، بالإضافة إلى الاستثمارات الرأسمالية المطلوبة للإنتاج على نطاق واسع. وبالنظر إلى أن تطوير متانة وكفاءة هذه الألواح لا يزال مستمرًا، فإن الشركات قد تضطر إلى بيع منتجاتها بخسارة للتنافس مع الألواح الشمسية المصنوعة من السيليكون الأرخص تكلفة.

وفقًا لما قاله ساكوراي يوسوكي، الذي يقود مجموعة استراتيجية في شركة توشيبا لأنظمة الطاقة والحلول، تسعى الشركات اليابانية إلى دخول أسواق جديدة تكون فيها مرونة الألواح الشمسية، التي يمكن تركيبها في أماكن لا يمكن تركيب الألواح السيليكونية فيها، ميزة رئيسية. حاليًا، تركز الشركات على الأسواق المتخصصة حيث يمكن بيع هذه الألواح بأسعار تعكس تكاليف الإنتاج. الفكرة هنا هي أن مع زيادة الطلب وتوسع الإنتاج، يمكن تقليل التكاليف تدريجيًا.

ومع ذلك، تعتقد الحكومة اليابانية أن هذه الاستراتيجية لا تكفي لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. فقد أبدت الحكومة عدم رضاها عن التركيز على الأسواق المتخصصة فقط، وأكدت على ضرورة تحقيق انتشار واسع للألواح الشمسية الجديدة في إطار الخطة الأساسية للطاقة التي تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. وتضع هذه الخطة أهمية قصوى على تعظيم استخدام مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك الألواح الشمسية من الجيل القادم. ومن الجدير بالذكر أن إنتاج معظم المواد اللازمة، بما في ذلك اليود، يتم داخل اليابان، مما يعزز من منظور أمن الطاقة، وهو عامل مهم في رؤية الحكومة لتعزيز الطاقة المتجددة في المستقبل.

إمدادات الطاقة حسب البلد

يشير المصدر إلى قلقه بشأن التوجيهات الحكومية التي قد تتطلب استثمارات كبيرة في الألواح الشمسية المرنة حتى في القطاعات التي قد لا تكون مربحة في البداية، قائلاً: ”اتباع هذه التوجيهات قد يؤدي إلى الدخول في اللون الأحمر“. هذا يعني أن الشركات قد تضطر إلى تحمل الخسائر في المراحل الأولى لتلبية متطلبات الحكومة الهادفة إلى الانتشار الواسع للتكنولوجيا الجديدة.

ولمواجهة هذه التحديات، طلبت الصناعة، بالتعاون مع الحكومات المحلية، من الحكومة المركزية تقديم دعم مالي بما في ذلك الإعانات لتشجيع العملاء وزيادة الطلب على هذه التكنولوجيا المتطورة.

وفقًا لتقرير وكالة جيجي برس، تعمل وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة على تأمين 255.5 مليار ين ضمن ميزانيتها للسنة المالية 2025 بهدف بناء شبكة إمداد محلية للخلايا الشمسية من نوع البيروفسكايت، إضافة إلى غيرها من المنتجات المبتكرة التي تساهم في تحقيق هدف إزالة الكربون. يشير هذا التمويل إلى دعم الحكومة اليابانية للبحث والتطوير والإنتاج المحلي لهذه التكنولوجيا بهدف تعزيز الاستقلالية وتحقيق التزامات اليابان الدولية المتعلقة بالاستدامة والطاقة المتجددة.

النضال من أجل السوق الدولية.

في مايو/أيار، قامت وكالة الموارد الطبيعية والطاقة في اليابان بتشكيل مجلس عام خاص لتعزيز استخدام الخلايا الشمسية من الجيل التالي. يضم المجلس مجموعة متنوعة من الجهات المعنية، بما في ذلك مصنعي الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مجموعات الأعمال مثل اتحاد الأعمال الياباني وغرفة التجارة والصناعة اليابانية. كما يشارك في المجلس شركات كبرى مثل جي آر، إلى جانب شركات من قطاعات الهندسة المعمارية والإسكان والعقارات. وهناك أيضًا أكثر من 100 حكومة محلية معنية، تمتلك العديد من المرافق العامة التي يمكن أن تُستخدم لتركيب الألواح الشمسية الجديدة.

في المرحلة الأولى، ستقوم الشركات المصنعة بالتركيز على السوق المحلية في اليابان. ولكن على المدى الطويل، فإن السوق الدولية هي التي ستكون المعركة الرئيسية. وفقًا لتقديرات شركة فوجي كيزاي، المتخصصة في البحوث الاقتصادية، يُتوقع أن تصل قيمة السوق اليابانية للألواح الشمسية المرنة إلى 23.3 مليار ين بحلول عام 2040. لكن السوق الدولية ستكون أكبر بكثير، إذ تصل إلى حوالي 2.4 تريليون ين، وهو ما يعادل أكثر من 100 ضعف حجم السوق المحلية، مما يبرز الأهمية الكبيرة للتنافس في الأسواق العالمية.

أوضح موراكامي من المعهد الياباني للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة أن إطلاق الجيل التالي من الألواح الشمسية ليس الهدف النهائي، بل يجب أن يكون جزءًا من عملية تطوير مستمرة. وقال: ”لن يكون الأمر مجرد إطلاق الجيل التالي من الألواح الشمسية والتوقف عند هذا الحد ــ بل يتعين علينا أن نستمر في تطوير التكنولوجيا“. وأشار إلى أن التوسع المطرد في الأسواق الخارجية ضروري لتحقيق فوائد الإنتاج الضخم، مما سيساعد على خفض الأسعار بشكل ملحوظ.

وأضاف موراكامي أن الشركات اليابانية تتمتع حاليًا بميزة تكنولوجية في الساحة الدولية، ولكن هذه الميزة قد تتلاشى إذا توقفت اليابان عن الابتكار. وحذّر من أن الشركات الصينية قد تستولي على السوق، كما فعلت سابقًا مع الألواح السيليكونية، مما قد يؤدي إلى تراجع مكانة اليابان في هذه الصناعة المستقبلية.

(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في 29 أغسطس/آب 2024، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان الرئيسي: تعمل وكالة الموارد الطبيعية والطاقة التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة على ترويج الألواح الشمسية المرنة. © ماتسوموتو سويئتشي من Nippon.com)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | خلايا ”البيروفسكايت“ المرنة: كيف سيقود الابتكار الياباني ثورة الطاقة النظيفة في العالم؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا