الارشيف / اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | كيف سيكون شكل الوباء العالمي القادم: علماء يحاولون التنبؤ به والاستعداد له ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

كثيرة هي مسببات الأوبئة والأمراض المعدية، لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن البعوض بما ينقله من أمراض وفيروسات معدية يأتي على رأس قائمة الحيوانات البرية الأشد فتكاً ببني البشر متقدماً بفارق كبير على الأفاعي السامة وأسماك القرش الفتاكة. ومع تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري العالمي، تصبح العديد من الأماكن بيئة ملائمة لزيادة أعداد البعوض الذي يهدد حياة ملايين البشر. ولما كان لنا في التاريخ عبرة، فسوف نلقي الضوء على بعض الأمراض المعدية التي ساعد البعوض على تفشيها في أماكن متفرقة من العالم في الماضي القريب.

حمى الضنك تضرب طوكيو

في عام 2014، أصبحت طوكيو بمثابة بؤرة لتفشي الأمراض الاستوائية، وكأنه مشهد من فيلم عن الكوارث. ففي الخامس والعشرين من أغسطس/آب، دخلت فتاة مراهقة المستشفى وهي تشكو من الحمى والألم في جميع أنحاء جسدها. وبعد إجراء الفحص بواسطة الخزعة من قبل المعهد الوطني للأمراض المعدية، تم التأكد من إصابة الفتاة بحمى الضنك. كما أصيب طالبان آخران من نفس المدرسة بالعدوى. ولم يكن أي من الثلاثة قد سافر إلى الخارج، بل أصيبوا جميعاً بحمى الضنك بعد أن لدغهم البعوض أثناء مشاركتهم في أنشطة خارج المنهج الدراسي في حديقة يويوغي الواقعة وسط طوكيو.

تصدر تفشي حمى الضنك في عام 2014 عناوين الأخبار، وكان أول تفشي لحمى الضنك في اليابان قد حدث منذ حوالي 70 عامًا. يزور حديقة يويوغي، التي تستضيف مجموعة متنوعة من الفعاليات، أكثر من 5 ملايين شخص كل عام، وتقع بالقرب من المناطق التجارية في شيبويا وهاراجوكو. استجابةً للحادث، قامت حكومة مدينة طوكيو بإغلاق الحديقة، ورش المبيدات الحشرية، فضلاً عن إزالة المياه من النوافير في محاولة للحد من أعداد البعوض.

عامل يرش مبيداً حشرياً في حديقة يويوغي للوقاية من حمى الضنك في عام 2014. (© جيجي برس)
عامل يرش مبيداً حشرياً في حديقة يويوغي للوقاية من حمى الضنك في عام 2014. (© جيجي برس)

تبع ذلك ظهور المزيد من الحالات المصابة، حيث بلغ إجمالي عدد المحافظات التي أبلغت عن حالات الإصابة بحمى الضنك 19 محافظة، تمتد إلى أقصى الشمال حتى أوموري وإلى أقصى الجنوب حتى كوتشي، خلال شهرين حتى 15 أكتوبر/ تشرين الأول. وأصيب 162 شخصًا في جميع أنحاء البلاد، 108 منهم في طوكيو، ولكن لحسن الحظ لم تظهر أعراض خطيرة على أي منهم.

تنتشر حمى الضنك عن طريق بعوضة النمر الآسيوية (Aedes albopictus) وبعوضة الحمى الصفراء (Aedes aegypti)، التي تعيش في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية. يصاب البشر عندما يدخل فيروس حمى الضنك إلى الجسم عن طريق لعاب البعوض، وينتقل الفيروس عندما تتغذى البعوضة على دم شخص مصاب ثم تلدغ شخصًا آخر غير مصاب. أنا نفسي أُصبت بحمى الضنك مرة واحدة في تايلاند. حيث بدأت الأعراض بحمى سريعة الظهور، ثم تطورت إلى صداع وغثيان، وأخيراً ظهور طفح جلدي. تُعرف حمى الضنك أيضًا باسم ”حمى كسر العظام“ بسبب ما تسببه من آلام لا تُطاق في المفاصل.

لقد عرف البشر حمى الضنك منذ أكثر من ألف عام، حيث تعود أقدم السجلات إلى الصين في القرن العاشر. خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، انتشر المرض إلى الفلبين وتايلاند، ثم إلى بقية جنوب شرق آسيا. وفي نهاية المطاف، وصلت حمى الضنك إلى الولايات المتحدة. لقد كانت اليابان مسرحًا لتفشي المرض في كوبه وأوساكا وهيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تم الإبلاغ عن حوالي 200 ألف حالة، بعد أن جلب الجنود العائدون من جنوب شرق آسيا الفيروس إلى اليابان. جدير بالذكر أن منتزه يويوغي يستضيف العديد من المهرجانات الدولية ذات الطابع الآسيوي وطابع دول أمريكا الجنوبية، لذا فمن المحتمل أن يكون الفيروس قد جلبه زائر قادم من إحدى تلك المناطق. وقد شهدت السنوات العشرون الماضية ارتفاعًا عالميًا في حالات حمى الضنك. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تم الإبلاغ عن حوالي 500 ألف حالة في عام 2000، ولكن في عام 2024، تم الإبلاغ عن 8 ملايين حالة بحلول شهر مايو/ أيار، في حوالي 130 دولة. جدير بالذكر أن هذا المرض ينتشر بشكل خاص في فيتنام وبنجلاديش وتايلاند وأجزاء أخرى من آسيا، على الرغم من أن 0.06% فقط من حالات الإصابة تنتهي بالوفاة.

ولعل أحد أسباب ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك هو ظهور البعوض الذي يتمتع بـ ”مقاومة فائقة“ للمبيدات الحشرية، حيث يقول المعهد الوطني للأمراض المعدية في اليابان إن الأمر يتطلب 1000 ضعف الجرعة المعتادة من البيرثرويد لقتل البعوض شديد المقاومة. كانت البيرثرويدات، المادة الفعالة في لفائف البعوض، فعالة للغاية في مكافحة البعوض. يُعتقد أن البعوض شديد المقاومة هو نتيجة لطفرة جينية.

الفيروسات لا تعرف حدوداً

تم الإبلاغ عن فيروس غرب النيل، وهو مرض متوطن في أفريقيا، في منطقة سكنية بمدينة نيويورك في 23 أغسطس/ آب 1999. إذ تم نقل ثمانية أشخاص إلى المستشفى يشكون من أعراض التهاب الدماغ بما في ذلك الحمى والصداع الشديد، توفي منهم سبعة. بعد ذلك، تم تسجيل حوالي 59 حالة أخرى في نيويورك، بين مجموعة من المرضى تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 95 عامًا. وقد أعلنت حينها إدارة الصرف الصحي في مدينة نيويورك أن الحالات كانت ناجمة عن الالتهاب الدماغي الحاد الناتج عن الإصابة بفيروس غرب النيل.

انتشر المرض لاحقًا إلى بقية الولايات الأمريكية، بما في ذلك واشنطن العاصمة. ووفقًا للإحصاءات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، فإنه اعتبارًا من نهاية عام 2023، بلغ الإجمالي التراكمي للحالات المصابة بفيروس غرب النيل 59,151 شخصًا منذ بدء جمع البيانات في عام 1999، توفي منهم 2958 شخصًا. يعد فيروس غرب النيل، المتوطن الآن في الولايات المتحدة، السبب الرئيسي للإصابة بالتهاب الدماغ، وهو مرض تتورط في بدايته العديد من الفيروسات، ولا يوجد لقاح لفيروس غرب النيل. يُقدر أن إجمالي عدد المصابين في الولايات المتحدة بلغ حوالي 7 ملايين، على الرغم من أن 80% من الحالات كانت بدون أعراض. وقد ​​انتشر الوباء لاحقًا إلى كندا وأمريكا الوسطى والجنوبية.

في نفس الوقت الذي كان فيه المصابون بفيروس غرب النيل يهرعون إلى مستشفيات مدينة نيويورك، كانت شوارع نيويورك مليئة بجثث مئات الغربان. لاحقًا، ظهرت تقارير عن نفوق جماعي للطيور البرية والأسيرة، وحتى الخيول الأليفة، مما تسبب في حالة من الذعر بين السكان. تم عزل فيروس غرب النيل من الحيوانات النافقة، وتمكن علماء الأوبئة من إثبات أن الفيروس انتقل من هذه الحيوانات إلى البشر.

ينتمي فيروس غرب النيل إلى نفس عائلة التهاب الدماغ الياباني. وينتقل عن طريق بعوض الحمى الصفراء وبعوض النمر الآسيوي، وهذا البعوض يتغذى على دم الطيور ثم ينقل الفيروس إلى البشر. تم العثور على فيروس غرب النيل في أكثر من 220 نوعًا من الطيور في الولايات المتحدة، بما في ذلك الغربان والعصافير. ولا يزال من غير المعروف كيف تمكن الفيروس من التسلل إلى مدينة كبيرة مثل نيويورك، لكن الملاحظ هو أنه قبل تفشي المرض في نيويورك، تم تسجيل حالات تفشي في إسرائيل وتونس، لذا فمن المرجح أن يكون الفيروس قد انتقل إلى نيويورك من واحدة من تلك الدول.

البعوضة هي الأشد خطراً على حياتنا

وفقًا للجمعية الطبية البيطرية الأمريكية، فإن الحيوان البري الذي يتسبب في معظم الوفيات البشرية هو البعوض. وعلى هذا النحو، تظل هذه الحشرة على رأس قائمة أخطر عشرة حيوانات في العالم، متقدمة بفارق كبير على الثعابين السامة وأسماك القرش. في كل عام، يُعزى مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم إلى الفيروسات التي ينقلها البعوض. ولا ننسى أن بعوضة واحدة فتكت بالإسكندر الأكبر الذي استسلم جسده لمرض الملاريا. كما توفي نوغوتشي هيديو، عالم البكتيريا الذي كان على دراية جيدة ببيئة البعوض، بسبب الحمى الصفراء، التي تنقلها بعوضة الحمى الصفراء.

تعتبر بعوضة الحمى الصفراء شديدة الخطورة، لأنها ناقل ليس فقط للحمى الصفراء، ولكن أيضًا لحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، والعديد من الفيروسات الأخرى التي لا يوجد علاج لأي منها. ولكن كيف ظهر البعوض الاستوائي الذي ينتمي في الأساس للمناخات الاستوائية في وسط مدينة كبيرة في أقصى الشمال مثل طوكيو؟ والإجابة هي أن المدن مليئة بالأماكن التي تصلح لتخزين المياه الراكدة واحتضان يرقات البعوض، مثل قنوات الري الراكدة، والمصارف المسدودة، والعلب الفارغة، والإطارات. في الماضي، كان زوار القبور اليابانية يضعون عملات معدنية من فئة 10 ين في المزهريات حتى تذوب أيونات النحاس في الماء، مما يمنع يرقات البعوض من الفقس. ولكن للأسف لم تنتقل هذه العادة الحكيمة إلى الأجيال اللاحقة.

علاوة على ذلك، وبفضل ظهور الجزر الحرارية الحضرية، أصبحت المدن اليابانية الآن بيئة أكثر ملاءمة للبعوض. وكانت حالات الأمراض التي ينقلها البعوض تبلغ ذروتها بين منتصف يوليو/ تموز وأوائل سبتمبر/ أيلول، ولكن في السنوات الأخيرة، أصبحت الحالات تُسجل في أواخر ديسمبر/ كانون الأول. وبالتالي يبدو جلياً أن هناك حاجة أيضاً إلى النظر في آثار الاحتباس الحراري العالمي. ووفقاً لوزارة البيئة، فإن نطاق تواجد بعوض النمر الآسيوي الذي يحمل حمى الضنك يتوافق إلى حد كبير مع المناطق التي يبلغ متوسط ​​درجة حرارتها 11 درجة مئوية أو أكثر. وعليه، يبدو أن استمرار الاحتباس الحراري العالمي من المرجح أن يزيد من نطاق تواجد البعوض.

في الخمسينيات من القرن العشرين، تم تحديد الحد الشمالي لنطاق انتشار بعوض النمر الآسيوي على أنه محافظات فوكوشيما وتوتشيغي وإيباراكي. ولكن بحلول عام 2010، تم رصد البعوض في أكيتا وأوموري. وفي حين لم يتم رصد بعوض النمر الآسيوي في هوكايدو بعد، فإن تقرير وزارة البيئة يتوقع أن يصل هذا النوع إلى أقصى محافظة شمالية بحلول عام 2100.

نطاق تواجد بعوض النمر الآسيوي

كيفية الاستعداد لما هو آت

وفقاً لسيمون أنتوني المتخصص في الأمراض المعدية الناشئة في جامعة كاليفورنيا (دافيس)، فإن الفيروسات المسببة للأمراض التي يبلغ عددها نحو 5400 فيروساً والتي تم تسجيلها حتى الآن ليست سوى قمة جبل الجليد. فكل نوع من أنواع الفقاريات التي يبلغ عددها نحو 62 ألف نوع على وجه الأرض يحمل فيروسات متوطنة. وعلى أساس هذا العدد، فقد يكون هناك نحو 3.6 مليون فيروس مختلف. وبالتالي فإن هناك وفرة في مسببات الأمراض المحتملة التي تسبب أمراضاً تنتقل عن طريق الحيوانات.

عندما سُئل روبرت وبستر، وهو خبير في أبحاث الإنفلونزا ومدير سابق لمركز التعاون مع منظمة الصحة العالمية بشأن بيئة فيروسات الإنفلونزا في الحيوانات والطيور الدنيا، عما إذا كان من الممكن أن نشهد وباءً آخر مثل الإنفلونزا الإسبانية، كانت إجابته كالتالي: ”ليس السؤال ما إذا كان ذلك سيحدث، بل متى سيحدث“.

(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: بعوضة النمر الآسيوية الناقلة لحمى الضنك.© بول ستاروستا/صور غيتي)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | كيف سيكون شكل الوباء العالمي القادم: علماء يحاولون التنبؤ به والاستعداد له ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا