تام شمس - الخميس 20 مارس 2025 12:50 مساءً - في عصرنا الحالي، يشهد العالم المالي تحولاً جذرياً، فبينما ظلّ النظام المصرفي التقليدي ركيزة المعاملات المالية العالمية، يواجه القطاع اليوم موجةً من الابتكار اللامركزي التي تتحدى بطء إجراءاته وارتفاع تكاليفه. وهنا يأتي دور "أثار"—التطبيق المُصمّم لدمج مزايا العالمين، من خلال تقديم حلول دفع رقمية متطورة، ومعاملات سريعة التسوية، وحلول إقراض متطورة.

ولكن، كيف تحوّلت هذه الرؤية إلى واقع؟ لمعرفة ذلك، أجرينا مقابلة مع "أميرة سُليمان"، القوة الدافعة وراء "تايم غارديان - آثار" (Athar)، لإلقاء الضوء على الإلهام والتحديات والطموحات التي شكّلت هذه التطبيق الفريد.

أميرة سليمان - المؤسّسة والرئيسة التنفيذية لشركة Time Guardian-Athar

بدأنا حديثنا بسؤال أميرة عن تجربتها المهنية في المؤسسات المالية الكبرى، وكيف أثّرت على رؤيتها لإنشاء "آثار"، فأجابت قائلة:

"كشفت لي خبرتي في التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية المقدّمة للأفراد عن أوجه القصور في الأنظمة المالية التقليدية، بدءاً من بطء التسويات ووصولاً إلى ارتفاع رسوم المعاملات. وقد نشأت فكرة "آثار" من الحاجة إلى الربط بين التمويل التقليدي والتمويل اللامركزي، مما يسمح لنا بتقديم حلول مدفوعات رقمية سلسة وتسويات فورية وخيارات إقراض متطورة للعُملاء. كما أن فهمنا للقيود التنظيمية وإدارة المخاطر المؤسّسية ساعدنا في تصميم حل مالي متوافق وقابل للتوسع."

وأضافت أميرة: "لم يكن الإلهام وراء آثار مجرد فرصة تجارية، بل استجابةً لفجوة جوهرية في الخدمات المالية. فقد كشف صعود الأصول الرقمية واعتماد العملات المشفرة عن نقصٍ في الجسور السلسة والاتصال الفعّال بين التمويل التقليدي والتمويل اللامركزي. فبالرغم من هيمنة المؤسسات المالية الكبرى على قطاع المدفوعات، لا تزال الشركات التي تعتمد على العملات المشفرة بحاجة إلى حلول دفع وإقراض أكثر كفاءة وسهولة. وقد وُجد 'أثار' لسد هذه الفجوة— من خلال تقديم تسويات فورية، وتقليل العقبات أمام التجار، وتمكين نظام مالي لامركزي متوافق مع الأطر التنظيمية."

الأمان والخصوصية في التمويل اللامركزي.. تحديات لا يمكن تجاهلها

يُعدّ الأمان والخصوصية من أكبر التحديات التي تواجه قطاع المدفوعات الرقمية، نظراً للمخاطر المرتبطة بالاختراقات الإلكترونية والثغرات التقنية. وعند التطرّق إلى هذا الموضوع، شدّدت أميرة قائلة:

"في عالم التمويل اللامركزي، يجب التعامل بحزم مع المخاوف الأمنية، مثل الثغرات في العقود الذكية، ومخاطر السيولة، والامتثال التنظيمي. ولهذا السبب، يُعطي 'أثار' الأولوية لأمان المُستخدمين، من خلال عمليات تدقيق صارمة للعقود الذكية، وتشفير مؤسّسي عالي الأمان، بالإضافة إلى الالتزام باللوائح المالية.. يتمثّل هدفنا بتوفير بنية تحتية قوية وآمنة تُمكّن التجار والمستخدمين من إجراء المعاملات بثقة بعيدًا عن المخاطر الشائعة في المنصات المالية اللامركزية."

ثورة البلوكشين.. هل تعيقها التعقيدات التقنية؟

يرى الكثيرون أن تبنّي تكنولوجيا البلوكشين يواجه تحديّاتٍ عدّة بسبب تعقيداتها التقنية، لذا أردنا معرفة كيف يختلف "أثار" عن غيره، وما النهج الذي يتبعه لتبسيط هذه العملية، فأوضحت أميرة قائلة:

"لربط التمويل التقليدي بالتمويل اللامركزي، يجب أن تكون مدفوعات العملات المشفرة بسيطة كالمعاملات التقليدية. ولهذا السبب، يُبسّط 'أثار' المعاملات عبر توفير تكاملات سهلة مع أنظمة نقاط البيع (PoS)، وتحويلٍ سلس بين العملات الرقمية والورقية، وحلول إقراض تلقائية في التمويل اللامركزي. نحن نجعل الوصول إلى هذه الخدمات أسهل عبر حلول جاهزة للتشغيل، مما يتيح للتجّار قبول المدفوعات الرقمية بسهولة تعادل استخدام بطاقات الائتمان."

وعند الحديث عن تبنّي التجّار لهذه التكنولوجيا، أشارت أميرة إلى أبرز التحديات، وقالت: "يتمثّل التحدّي الأكبر في تبنّي العملات المشفرة في تقلب الأسعار، وتأخر التسويات المالية، وصعوبة التحويل الفوري إلى العملات الورقية."

"أثار" والشراكات المالية.. تعاون أم منافسة؟

في ضوء خبرتها في إدارة شراكاتٍ استراتيجيّة مع مؤسساتٍ كبرى، مثل أدنوك، والاتحاد للطيران، وميت لايف، خلال مسيرتها المصرفية، تساءلنا عمّا إذا كان "أثار" يسعى إلى بناء شراكات مماثلة مع المؤسسات المالية، أم أنه يهدف إلى البقاء مستقلاً عن النظام المصرفي التقليدي. وحول هذا الأمر، أوضحت أميرة قائلة:

"لا يسعى 'أثار' إلى تعطيل المؤسسات المالية، بل إلى التعاون معها، إذ أن 'أثار' مُصمّم للعمل جنباً إلى جنب مع المؤسسات المالية التقليدية، وليس لاستبدالها. نحن نبحث بنشاط عن شراكاتٍ مع البنوك، ومقدّمي خدمات الدفع، وشركات التكنولوجيا المالية لتوسيع نطاق حلول التمويل اللامركزي. وتتيح لنا هذه الشراكات مساعدة المؤسسات على تقديم منتجات مالية جديدة—مثل الإقراض المدعوم بالعملات المشفرة، والتسويات الفورية، والمدفوعات عبر الحدود—دون تعطيل نماذج أعمالها الحالية."

نموذج أعمال "أثار".. استدامة مالية أم ثورة في المدفوعات؟

دائمًا ما يتساءل المهتمّون بالتمويل اللامركزي عن مدى استدامة نماذج الأعمال في هذا المجال، خاصّةً مع التحدّيات المُرتبطة بالتقلبات السوقية والتكيف مع الأطر التنظيمية. وأردنا معرفة كيف يحقق "أثار" التوازن بين الابتكار والاستدامة المالية، فأوضحت أميرة قائلة:

"يولد 'أثار' إيراداته من خلال رسوم معاملات التجار، وعوائد الإقراض اللامركزي، وتوفير السيولة. ومن خلال الشراكة مع مقدمي خدمات الدفع، نقدم للشركات بدائل منخفضة التكلفة للبنية المالية التقليدية، مع ضمان استدامة الحلول عبر نماذج مشاركة الإيرادات القابلة للتوسع... بشكلٍ أساسيّ، ينصبّ تركيزنا على جعل المدفوعات والإقراض المدعومين بالتمويل اللامركزي متاحين ومستدامين اقتصاديًا للتجار والمستهلكين على حد سواء."

وبالنظر إلى المستقبل، رسمت أميرة رؤية طموحة قائلة: "في غضون خمس سنوات، نرى 'أثار' كالبنية التحتية الأساسية للتمويل اللامركزي، مُتكاملة بسلاسة مع الخدمات المالية التقليدية. فنحن نطمح إلى تعزيز تكاملاتنا مع أنظمة نقاط البيع عالمياً، وتوسيع نطاق حلول الإقراض اللامركزي، وأن نصبح المزوّد الرائد للمدفوعات الرقمية عبر الحدود."

واضافت: تتمثّل رؤيتنا طويلة المدى بتمكين الشمول المالي عبر ربط التمويل التقليدي بالتمويل اللامركزي، مما يمنح الشركات والأفراد وصولًا أكبر إلى الأدوات المالية المبتكرة."

البلوكشين على أعتاب التبنّي الشامل.. هل حان الوقت؟

رغم أن تبنّي تكنولوجيا البلوكشين يكتسب زخماً تدريجيّاً، أردنا أن نعرف إذا ما كانت التكنولوجيا الناشئة ستصل حقّاً إلى القبول العام؟

"تتّجه الحلول المالية القائمة على البلوكشين بخطىً ثابتة نحو التبني العام، خاصّةً مع إدراك الشركات والجهات التنظيمية لكفاءتها وأمانها. قد تقاوم المؤسسات التقليدية في البداية دمج التمويل اللامركزي، لكنّ الطلب على تسوياتٍ أسرع، ورسوم أقل، وزيادة الشمول المالي سيدفع نحو التبني. وأنا أرى أن 'أثار' في موقع مثالي لدعم هذا التحول، عبر تقديم حلول تتماشى مع الابتكار اللامركزي والأطر التنظيمية،" أجابت أميرة.

التوازن بين اللامركزية والحوكمة.. كيف يُواجه "أثار" المعادلة الصعبة؟

غالبًا ما يُنظر إلى التوازن بين اللامركزية والحوكمة على أنه معضلة معقدة، حيث تسعى الأنظمة المالية اللامركزية إلى تقديم حلول أكثر شفافية واستقلالية، بينما تفرض الجهات التنظيمية معايير لضمان الامتثال والأمان. فكيف يسعى "أثار" إلى تحقيق هذا التوازن دون المساس بكفاءة النظام؟

أوضحت أميرة قائلة: "يدمج 'أثار' بين التشغيل الآلي للعقود الذكية وآليات إشراف متوافقة مع اللوائح التنظيمية. وفي حين أن عملياتنا المالية الأساسية تعتمد على مبادئ التمويل اللامركزي، فإننا نضمن الامتثال، وحل النزاعات، ومعايير الأمان، للحفاظ على الثقة مع الشركات والمستخدمين النهائيين."

الذكاء الاصطناعي والتمويل اللامركزي.. هل يصنعان مستقبل الخدمات المالية

"سيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في مستقبل الخدمات المالية. وفي الوقت الحالي، يستكشف "أثار" توظيف الذكاء الاصطناعي في التقييم الائتماني للإقراض اللامركزي، وفي اكتشاف الاحتيال في المعاملات الرقمية، وتعزيز التحليلات التنبؤية للتخطيط المالي للتجار.. كما سيؤدي التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والتمويل اللامركزي إلى خلق فرص جديدة وحلول مالية أكثر تخصيصاً، مما يجعل التمويل اللامركزي أكثر تكيفًا وكفاءة،" أجابت أميرة.

أنهت أميرة حديثها بتأكيد رؤيتها للمستقبل قائلة: "نحن نُراقب عن كثب التطوّر السريع للمشهد المالي، ونلاحظ الأهميّة المتزايدة للتمويل اللامركزي. لذلك، فأننا نلتزم بدعم هذا التحوّل عبر تقديم حلول مالية آمنة، وقابلة للتوسع، وسهلة الاستخدام. كما نهدُف إلى خلقِ مُستقبلٍ ماليٍّ بلا حواجز، حيث يُمكن للأفراد والشركات التنقّل بسلاسة بين التمويل التقليدي واللامركزي، مما يفتح آفاقًا جديدة للشمول المالي والابتكار."