شكرا لقرائتكم خبر عن زين العابدين خيرى يكتب: "ظلم المصطبة" و"قهوة المحطة" و"لام شمسية" الأفضل والان مع تفاصيل الخبر
القاهرة - سامية سيد - إن إصرار البعض على وضع كل الدراما المصرية في سلة واحدة ووصمها بالإسفاف هو عمل مُغرِض وظالم لكل العاملين الجادين في هذه الصناعة، الذين قدموا واحدًا من أفضل مواسم الدراما المصرية.
من المعروف أن السيئة تَعُمُّ والحسنة تَخُصُّ، وفي عالم الدراما، العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، وقوائم الأعلى مشاهدة كثيرًا ما تتصدرها عملات رديئة. لكن الموسم الذي يشهد عرض "جودر 2"، و"إخواتي"، و"النص"، و"ولاد الشمس"، و"قلبي ومفتاحه"، و"الشرنقة"، و"ظلم المصطبة"، و"قهوة المحطة"، و"لام شمسية"، و"حسبة عمري"... وغيرها، هو موسم يجب دراسته بالفعل، ولكن لمعرفة أسباب تفوقه وتميزه مقارنةً بالأعوام السابقة.
وبعد الإشادة بهذه الأعمال المهمة وصُنَّاعِها، ندرس أسباب وكيفية مواجهة انحدار مستوى بعض الأعمال إلى هذه الدرجة من الإسفاف، خاصةً أن البضاعة السيئة هذا العام معروف للجميع مصدرها.
تنوع وثراء
أما مظاهر التفوق والتميز في كثير من أعمال هذا العام فمتعددة، وربما أولها هذا الثراء والتنوع الكبير في الموضوعات التي تناقشها مسلسلات هذا الموسم، على العكس من سنوات سابقة طغت عليها إما الموضوعات التي يُطلَق عليها الشعبية، وهي لا تعكس حقيقة واقع أي شعب، أو موضوعات الطبقة المخملية في الكومباوندات، وكلها تدور حول الخيانة والأعمال غير المشروعة. أما هذا العام فرأينا كل الطبقات وكل الأشكال الدرامية. وبالتأكيد تفاوتت المستويات، ولكن بَقِيَ الموسم في مجموعه هو الأفضل.
والجميل أن التنوع الذي اتسمت به أعمال هذا العام صاحبته جرأة مدروسة في مناقشة موضوعات كان مسكوتًا عنها لسنوات؛ من الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال دور الأيتام في "ولاد الشمس" للمؤلف مهاب طارق والمخرج شادي عبد السلام، إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال العاديون الذين يعيشون في بيئات من المفترض أنها أكثر تحضرًا وأمانًا بالنسبة للأطفال كالبيئة التي يقدمها مسلسل "لام شمسية"، من تأليف مريم نعوم وورشة سرد وإخراج كريم الشناوي. ومن الظلم الذي تتعرض له المرأة في مجتمع ريفي محافظ كمجتمع "ظلم المصطبة" من تأليف أحمد فوزي صالح وإخراج محمد علي، إلى مناقشة قضية الكد والسعاية بجدية وإن كان في إطار كوميدي في "حسبة عمري" من تأليف محمود عزت وإخراج مي ممدوح، إلى كشف الستار عن الترهيب بالطلاق والتهديد بالحرمان من الابن وحق المطلقة في الحب والزواج في "قلبي ومفتاحه" من تأليف وإخراج تامر محسن.
الاقتراب من الواقع المصري لم يكن على مستوى الموضوعات فقط، بل أيضًا على مستوى الديكورات وملابس الشخصيات والإكسسوارات في عدد من المسلسلات. ولنأخذ كمثالين "ظلم المصطبة" و"قهوة المحطة" من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج إسلام خيري، فقد رأينا فيهما مجتمعين نقلتهما لنا الدراما المصرية عشرات أو مئات المرات، سواء مجتمع المدينة الإقليمية في دلتا مصر في "ظلم المصطبة"، والذي أظهر صُنَّاعُه صورة مغايرة تمامًا لتلك الصورة الرومانسية الساذجة عن الريف المصري التي تتناقلها الأفلام والمسلسلات من بعضها البعض، أو مجتمع الوافدين إلى القاهرة بالآلاف يوميًا في "قهوة المحطة"، الذين يأتون إلى العاصمة حالمين أو هاربين، فإما تحتضن أحلامهم أو تغتالها على أبوابها.
الموسم الدرامي الحالي كان موسمًا طازجًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ الطزاجة في موضوعات جديدة لم يتم التطرق إليها من قبل، أو الطزاجة في معالجات جديدة لموضوعات قد يبدو بعضها قديمًا، والطزاجة في عشرات الوجوه الشابة التي لم تكتفِ بأدوار هامشية أو مساعدة، بل تصدت لأدوار البطولة في كثير من المسلسلات مثل أحمد مالك وطه دسوقي في "ولاد الشمس"، وأحمد غزي وفاتن سعيد في "قهوة المحطة". بل وحتى النجوم القدامى أنفسهم ظهر كثير منهم كما لم يظهروا من قبل، فكان أداؤهم طازجًا، مثل بيومي فؤاد وانتصار وعلاء مرسي وعلاء عوض وهالة صدقي ومحمد الصاوي في نفس العمل، وكفتحي عبد الوهاب وريهام عبد الغفور وإياد نصار وبسمة وأحمد عزمي في "ظلم المصطبة"، وكمحمد شاهين ويسرا اللوزي وأحمد صلاح السعدني في "لام شمسية".
الطزاجة ظهرت أيضًا في كادرات رسمها مخرجون موهوبون والتقطتها عيون مديري تصوير مبدعين، تفننوا في استخدام اللقطات الطائرة بالدرونز، التي أظهرت القاهرة وخصوصًا أحياءها القديمة والتراثية كما لم تظهر من قبل، فبيَّنت جمالها وحميميتها، وهو ما تكرر حتى في المسلسلات التي صُوِّرت في مدن خارج القاهرة. فكان الخروج من ضيق الاستديوهات إلى براح الشوارع والأماكن الطبيعية متنفسًا، أضاف صدقًا وواقعية للصورة، ومَنَحَ المشاهد شعورًا بأنه جزء من المكان، يتفاعل مع تفاصيله الدقيقة، ويعيش أجواءه بكل ما تحمله من حيوية. هذا الاختيار الفني المدروس لمواقع التصوير الخارجية لم يكن مجرد إضافة جمالية، بل كان اختيارًا دراميًا ذكيًا يعزز من قوة القصص ويبرز طبيعة الشخصيات، ويجعل المشاهد أكثر ارتباطًا وتفاعلًا مع الأحداث.
خلف كل الأعمال السابقة تقف فرق عمل تضم الآلاف من الفنانين والفنيين والعمال الذين كانوا يَصِلون الليل بالنهار من أجل الخروج بهذا الموسم الدرامي التاريخي الذي لم يكن مجرد موسم عابر، بل كان شهادة حية على قدرة الدراما المصرية على التجدد والتطور، وعلى إمكانياتها الهائلة، بما يُرَسِّخ وضع مصر القوي كرائدة وقائدة للفن في المنطقة العربية والأوسطية والأفريقية.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025
يمكنكم متابعة أخبار مصر و العالم من موقعنا عبر جوجل نيوز