اخبار العالم

لبنان وذاك الملك

كان مِنَ القِلَّةِ الذين أدرَكوا أنَّ التاريخَ الآتيَ مَساراتٌ تَتَلاقى، لا تشويهَ عَلاقاتٍ وَكَسرَها. وَلا عَجَبَ فَهوَ مُنطَلِقٌ مِن إختِبارٍ إيمانِيٍّ انَّ الإلَهَ يَخلُقُ الإنسانَ الذي يَتَقَبَّلُ ذاتِيَّتَهُ مِن خالِقِهِ. هو بِكرُ أبيهِ، وَمُرتَقي عَرشَ خِلافَتِهِ وَبالكادِ بَلَغَ الثانِيَةَ عَشرَةَ مِن سِنيِّهِ، لِيَدومَ حُكمُهُ مِن 29 تِشرينِ الثانيَ 1226 الى وَفاتِهِ في 25 آبِ 1270، جاهِداً لِإرساءِ تلاقيَ عَدالَةِ السَماءِ في تُرابِ الأرضِ لِتَنموَ عَدالَةُ الإنسانِ الذي مِن أجلِهِ وَلَهُ وَنَحوَهُ كانَ الخَلقُ بِكُلِيَّتِهِ.

عُرِفَ بالقِدِّيسِ، في حَياتِهِ. وَكَرَّسَتهُ الكَنيسَةُ قِدِّيساً العامَ 1297.

فَرَنسِيٌّ؟ بَل أُمَميٌّ. بَينَ التَقوى والإصلاحِ، وَمِن سُبُلِ السَلامِ الى إرساءِ السِلامِ دَربُ صَليبِهِ. مِنَ الغَربِ الغارِقِ بِهَلوَساتِ الـ stupor mundiالرُعبِ المَسكونِيِّ، قاعِدَةَ تَسَلُّطِ أباطِرَتِهِ وإقطاعِيِّيهِ، الى المَشرِقِ التائِهِ بَينَ تَفَلُّتِ تَقِيَّةِ مُلوكِيِّيهِ وَعُبودِيَّاتِ مَملوكيهِ. حاجَّاً أتى وَحاجَّاً بَقيَ، في مِثالِيَّةٍ قِوامُها وَهَدَفُها الخَلاصُ الذي يَخُطُّ رَكيزَتَهُ مِنَ العَدالَةِ وَبِها وإلَيها. أغايَةُ الخالِقِ لِأسمى تَبادُعِيَّةِ خَلائِقِهِ ذَلِكَ؟ بَل تَحريرٌ دائِمٌ. ألَم يَتَجَسَّد المَسيحُ بَينَ أبناءِ البَشَرِ، وَيعيشَهُ مُحَرِّراً إيَّاهُمُ مِنَ الداخِلِ بِدايَةُ لِيَنفَتِحوا على بَعضِهِمِ البَعضِ فَيَرتَقوا الى أبيهِمِ المُشتَرَكِ؟

قيلَ أنَّهُ ما كانَ يَجلِسُ لِإرساءِ العَدالَةِ بَينَ المُتَخاصِمينَ إلَّا بِظِلالِ سِنديانَةٍ. وَتِلكَ حَقيقَةٌ إستَوحاها... مِن لبنانَ، حَيثُ لِكُلِّ كَنيسَةٍ مارونِيَّةٍ سِنديانَةٌ لَصيقَةٌ، في ظِلِّها يَتَعَلَّمُ النَشءُ نَشائِدَ الإيمانِ وَعَيشَ الحَقِّ.

لويسُ التاسِعُ، مَلِكُ فَرَنسا القِدِّيسُ.

سَمِعَ عَن لبنانَ هذا، قَبلَ أن يَعرِفَهُ، لُغَةَ عِناقِ الأرضِ لِلسَماءِ، مِن أحاديثَ فُرسانِ الحَمَلاتِ الذينَ كانوا نَقَلوا لِلأُسقُفِ Maurice de Sully موريس دو سولي "أنَّ قُرى لبنانَ مُرَصَّعَةٌ بِكَنائِسَ على إسمِ العَذراءِ وَحامِلَةٌ إسمَها"، فإستَوحى إسمَ الكاتِدرائِيَّةِ التي عَزَمَ بِناءَها مُنذُ العام 1163، لِعاصِمَةِ المَملَكَةِ الناشِئَةِ، لِتَغدوَ "سَيِّدَةُ باريس" Notre-Dame de Paris لا حامِلَةً إسمَ القِدِّيسَةِ جُنُفيَفَ شَفيعَتَها. َوغَمَرَ سَقفَها بِغابَةٍ مِن جُذوعِ السِنديانِ لِتَغدوَ رَمزاً لِلجَنَّةِ التي فيها نَعِمَ الإنسانُ الأوَّلُ بِمُشاهَدَةِ اللهِ والسَيرِ الى جانِبِهِ وَمُحاوَرَتِهِ.

هي السِنديانَةُ، نِسبَةً وَغابَةً، غَدَت سِرَّهُ مِنَ السوربونَ التي أسَّسَها هُدىً الى هِدايَةِ حُكمِهِ.

مَعِيَّةُ النِعمَةِ

أهَذا الُلبنانُ أرادَهُ لويسُ التاسِعُ بابَهُ الى المَشرِقِ؟ بَلِ بابَ تَلاقِيَ الغَربِ بالشَرقِ وَتَساميِهِما مَعاً. مَدخَلُهُ: المَوارِنَةُ. أتاهُمُ العامَ 1248، مِن قُبرُصَ الى قِمِمِهِ. وَنَحوَ 5000 مِنهُمُ إنضَمُّوا دِفاعاً مَعَهُ عَن مُقَدَّساتِ الأرضِ المُقَدَّسَةِ وَلبنانُ مُعطيها إسمُها. وإذ إعتُقِلَ في المَنصورَةِ، دَفَعوا عَنهُ الفِديَةَ لِتَحريرِهِ، حينَ قَومُهُ تَمَنَّعَ عَن ذَلِكَ.

هَذا الُلبنانُ سَكَنَهُ لويسُ المَلِكُ بَينَ عامَي 1250 و1254، وَعلى تُرابِ الدُروبِ ألسَلَكَها المَسيحُ فيهِ سارَ، تَشهَدُ لَهُ دَربُ السيمِ وَبَقايا كَنيسَتِها، وأشجارُ زَيتونِ كَوكَبا... الى سَهلِ مَرجِعيونَ-"جَنَّةِ-السِنديانِ"، وَقِمَمِ حَرَمونَ. وَهناكَ، قُربَ تُخومِ صورَ وَصَيدا حَيثُ المَرأةُ الكَنعانِيَّةُ-الُلبنانِيَّةُ كَرَّسَت بِنَشيدِها المَسيحَ مَلِكاً كَونِيَّاً وَإلَها كَونِيَّاً، إستَقَرَّ. تأمَّلَ، صَلَّى، تَحَرَّرَ.

هَذا الُلبنانُ كَشَفَ لِلويسَ القِدِّيسِ البُعدَ الجَوهَرِيَّ لِعَظَمَةِ الإنسانِ الحَقيقِيَّةِ. دَعوَتَهُ الأسمى. قُدسِيَّةَ سِرِّهِ. مَعِيَّةَ النِعمَةِ، الشَخصِيَّةِ والجَماعِيَّةِ. بِها، وَهيَ مِلءُ الحُرِيَّةِ، يَستَعيدُ الإنسانُ بِدايَتَهُ مَعَ اللهِ الى النُهى: رِفعَةُ النَدِّ لِلنَدِّ.

هو لبنانُ-المَلِكُ، المُقيمُ تاريخاً-آتٍ مِنَ اللهِ وَفيهِ، لِيُقيمَ الإنسانَ في اللهِ وَمِنهُ. لبنانُ المُؤَنسِنُ في الأُلوهَةِ، وَمِنها، وَلَها.

كانت هذه تفاصيل خبر لبنان وذاك الملك لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا