الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: أظهرت بيانات نشرتها "التلغراف" البريطانية، الأحد، أن الأجانب في بريطانيا يتعرضون للاعتقال بتهم الجرائم الجنسية بمعدل يزيد بثلاثة أضعاف المواطن البريطاني.
وأكد التقرير الصادر عن مركز مراقبة الهجرة أن الشرطة البريطانية سجلت أكثر من 9 آلاف حالة اعتقال لأجانب بتهم تتعلق بالجرائم الجنسية خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، جاءت هذه الإحصاءات من 41 قسم شرطة من أصل 43 في إنجلترا وويلز.
وسجلت الشرطة إجمالاً نحو 35 ألف حالة اعتقال تتعلق بالجرائم الجنسية خلال الفترة نفسها، كان نصيب الأجانب منها 26.1%، وقد بلغ معدل الاعتقالات بين الأجانب حوالي 165 حالة لكل 100 ألف شخص من السكان غير البريطانيين، مقارنة بـ48 حالة لكل 100 ألف من السكان البريطانيين.
اعتقالات بالجملة
ووفقاً لموقع "جسور" نقلاً عن "التلغراف" سجلت الشرطة البريطانية 131 ألف حالة اعتقال لأجانب بتهم مختلفة بين يناير وأكتوبر 2024، وهو ما يعادل ضعف معدل اعتقال المواطنين البريطانيين، رغم أن الأجانب يشكلون 9% فقط من إجمالي السكان، فإنهم كانوا مسؤولين عن 16.1% من إجمالي الاعتقالات.
واحتل الألبان الصدارة بين الجنسيات الأكثر عرضة للاعتقال، تلاهم الأفغان، والعراقيون، والجزائريون، والمغاربة، والصوماليون، وأظهرت البيانات أن 48 جنسية سجلت معدلات اعتقال تفوق معدلات المواطنين البريطانيين عند مقارنة عدد المعتقلين بعدد السكان.
وأثارت هذه الأرقام دعوات متزايدة للمزيد من الشفافية بشأن معدلات الجريمة بين الأجانب، واتهم برلمانيون من حزب المحافظين السلطات بوجود "تستر مؤسسي" على بيانات الجريمة بين المهاجرين.
وطالبوا بإجراءات تشبه تلك التي تطبقها الدنمارك وبعض الولايات الأمريكية، حيث توفر هذه الدول إحصاءات مفصلة تسمح بتحليل دقيق لأنماط الجريمة بين السكان المحليين والأجانب.
واقترح نواب تعديلات تشريعية تلزم الحكومة بتقديم تقارير سنوية إلى البرلمان تشمل بيانات عن جنسية ووضع تأشيرات وإقامة جميع المدانين في المحاكم البريطانية، وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة قد تسهم في رسم سياسات أكثر كفاءة في التعامل مع الهجرة والجريمة.
الجرائم الجنسية.. أرقام صادمة
أكدت البيانات وجود تفاوت كبير في معدلات الاعتقال بين البريطانيين والأجانب في قضايا الجرائم الجنسية، وقد سجلت منطقة "سيتي أوف لندن" أعلى نسبة من الاعتقالات بين الأجانب في هذا المجال، حيث شكلوا 66.9% من إجمالي الاعتقالات، كما سجلت شرطة العاصمة نسبة 39.2%، وشرطة ديربيشاير 44.8%، وشرطة ويست ميدلاندز 38.8%.
وثّقت البيانات، التي شملت 29 قوة شرطة، 2775 حالة اعتقال لأجانب بتهم الاغتصاب، بما في ذلك اعتداءات على أطفال دون سن الثالثة عشرة، وأشارت التحليلات إلى أن الأجانب يمثلون جزءًا كبيرًا من المتهمين في قضايا الجرائم الجنسية الكبرى.
وجاء المواطنون الألبان في مقدمة الجنسيات الأكثر عرضة للاعتقال عند مقارنة معدلات الاعتقال بعدد السكان، بواقع 209.8 حالة لكل ألف شخص، تلاهم الأفغان بمعدل 106.9 حالة، ثم العراقيون بـ92.9، والجزائريون بـ72.7، والمغاربة بـ70، والصوماليون بـ64.6.
ورغم وجود أكثر من 10 آلاف أجنبي في السجون البريطانية، برزت تساؤلات حول كيفية التعامل مع تزايد الجرائم بين الأجانب، خصوصًا في ظل ضعف الفحوص الأمنية والتدقيق الجنائي عند منح التأشيرات.
خلل الفحص الأمني
افتقدت السلطات البريطانية إجراءات صارمة للتحقق من السجل الجنائي للأجانب، ومنذ عام 2021، دخل البلاد نحو 400 ألف مهاجر دون تقديم شهادات سجل جنائي، واعتمدت الحكومة على "تبادل بيانات" غير منتظم مع بعض الدول، ما أدى إلى ثغرات في منظومة الرقابة الأمنية.
وطالب خبراء بضرورة إعادة النظر في سياسات الهجرة والتأشيرات، خصوصًا تجاه الدول التي تسجل معدلات مرتفعة للجريمة، وأكدوا أهمية تطبيق أنظمة صارمة للفحص الأمني، بما يضمن تعزيز الأمن الوطني دون الإخلال بالتزامات بريطانيا تجاه حقوق الإنسان.
وردت الحكومة على هذه الانتقادات بالتأكيد على تعزيز جهودها لترحيل المجرمين الأجانب، وأعلنت وزارة الداخلية ترحيل أكثر من 13 ألف أجنبي في الأشهر الأولى من العام 2024، كجزء من خطة شاملة لتحسين الأمن العام.
وأشارت وزارة الداخلية إلى أن الإصلاحات الجارية في أنظمة الهجرة تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية المجتمع واحترام حقوق الإنسان.
جدل العدالة والأمن الوطني
انتقدت المعارضة سياسات الحكومة الحالية، معتبرة أن التركيز على جنسية الجناة قد يثير توترات اجتماعية، ودعت إلى معالجة أعمق لجذور الجريمة، مع التركيز على تحسين التعليم والاندماج الاجتماعي.
رأى محللون أن تحقيق التوازن بين الأمن الوطني والعدالة الاجتماعية يتطلب نهجًا متكاملًا يشمل تعزيز الشفافية وتحسين سياسات الهجرة، مع ضمان التزام بريطانيا بمعايير حقوق الإنسان الدولية.