بيروت - سلوى ياسين - متابعة بتجــرد: بعد 27 عاماً على عرضه للمرة الأولى، يعود مسلسل «عالم الست وهيبة» الذي حظره النظام العراقي السابق، إلى الشاشة في أحداث مشوقة محورها الجريمة والمخدرات، بعدما كان يتناول قصص الفوضى والفقر في ظلّ العقوبات الدولية.
وفي جزئه الثاني، الذي كتبه أيضاً الكاتب العراقي المقيم في هولندا صباح عطوان، تعود شخصيات من هذا المسلسل البوليسي لتكمل القصة التي بدأت في العام 1998، مع جيل جديد.
ويقول مخرج العمل سامر حكمت «المسلسل يتناول قضايا تدور حاليا في المجتمع، هي انعكاسات لما آلت إليه نتائج الحروب».
حياة العراقيين
وألقت الحروب بظلالها لعقود على حياة العراقيين، من الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات وصولاً إلى غزو صدام حسين للكويت في العام 1990 والعقوبات الاقتصادية التي كانت لها تداعيات قاسية مثل انتشار الفقر.
في السنوات الأخيرة، عادت الدراما العراقية لتلتقط أنفاسها في أعمال تناولت خصوصاً مراحل العنف لا سيما انتهاكات التنظيم الإسلامي المتشدّد.
أما في العامين الأخيرين، فقد شهدت الصناعة التلفزيونية العراقية غزارة في الإنتاج وتحولاً في المضمون، في بلد يتعافى من النزاعات لكنه يواجه أزمات سياسية وفساداً وضعفاً في الخدمات العامة وبطالة، تهيمن على حياة سكانه البالغ عددهم 43 مليون نسمة.
ويشرح الناقد الفني مهدي عباس أن مسلسلات هذا العام «يميّزها الموضوع، فقد تركّز معظمها على مواضيع اجتماعية ومشاكل خطيرة تواجه المجتمع»، مثل تعاطي المخدرات والبطالة والطلاق وغسيل الأموال.
ويتحدّث مخرج الجزء الثاني من «عالم الست وهيبة» عن «تفشّي تجارة المخدرات والحشيشة والكريستال… واستغلال الشباب ليكونوا ضحايا ذاهبين في طريق مظلم».
حظي الجزء الأول من المسلسل الذي عرض في 1997 بشهرة واسعة بين العراقيين، فقد تطرّق حينها إلى المعاناة الاقتصادية في ظلّ العقوبات الدولية والأزمات الاجتماعية الناجمة عن الفقر. وتتمحور الأحداث على وهيبة، وهي ممرضة تتولى مساعدة جيرانها.
مُنع حينها المسلسل بعد عرض 17 دقيقة منه فقط، لتخوّف نظام صدام حسين آنذاك من أن يثير غضب الناس الرازحين تحت الفقر. لكنّ المسلسل عُرض بعد سنة عقب فوزه بجائزة في مهرجان القاهرة في وقت الظهيرة للحدّ من المشاهدات.
في الجزء الثاني الذي بدأ بثه على قناة «يو تي في» العراقية الخاصة عند الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي، ترث حفيدة وهيبة التي سمّيت باسم جدّتها، مهمة إعانة الناس.
وتعمل الشابة طبيبة نفسية وتقطن مع جدّتها التي عادت لتؤدي دورها الممثلة فوزية عارف.
ويقول الممثل زهير محمد رشيد الذي يؤدي دور علاء، أحد افراد شبكة تجارة المخدرات، خلال تصوير لقطة من الفيلم في مرآب قديم في منطقة الشيخ عمر في بغداد، «كل شيء في هذا العمل قريب من الواقع الاجتماعي العراقي بنسبة كبيرة جدا، الثراء السريع وأحد مصادره المخدرات وما يحيط به من عواقب ونهايات مأسوية».
ويضيف «نحاول التذكير بها والتحذير منها، هذه هي رسالة العمل».
وكانت صوّرت في المكان نفسه مشاهد من الجزء الأول.
وعلى الرغم من القفزة التي شهدتها الدراما العراقية في العامين الأخيرين، لكن لا يزال الإنتاج محصوراً في الإطار المحلي.
ويعزو كاتب مسلسل «عالم الست وهيبة» ذلك، إلى افتقار الدراما العراقية حتى الآن إلى «مضامين كبيرة وصنعة احترافية على صعيد الكتابة».
وهناك مسلسلات اجتماعية أخرى تعرض على الشاشة العراقية هذا العام، بينها مسلسل «انفصال» الذي يبثّ في رمضان على القناة العراقية الحكومية، ويتحدّث عن قضايا الطلاق وزواج القاصرات.
قصص واقعية
ويقول كاتبه نهار حسب الله يحيى «استند المسلسل الى قصص واقعية تابعت فصولها في العديد من المحاكم. حاولنا فيه كسر المحاذير وطرح تلك القضايا بشكل جريء».
في المقابل، يتطرق مسلسل «ناي» للمخرج ملاك علي إلى قضايا الشباب الجامعيين في الكليات والمعاهد الفنية وطموحاتهم ومستقبلهم.
وتقول الفنانة سوزان الصالحي التي تؤدي دور البطولة فيه إن المسلسل ينظر إلى «واقع الطلاب في كليات الفنون وطموحهم في الحصول على الفرصة».
ويقول جاسم النجفي (61 عاماً) الذي يدير محل خياطة في بغداد بعد أن شاهد الحلقات الأولى من الجزء الثاني لمسلسل «عالم الست وهيبة»، «بالتأكيد يعيدنا المسلسل إلى أجواء مضت منذ سنوات طويلة، وما يحصل الآن هو امتداد لتلك الأحداث».