اخبار العالم

سجينات "شعرة ظاهرة" في إيران: مسيرات تراقب وسياط تُجلد وجرائم اغتصاب في الزنازين

سجينات "شعرة ظاهرة" في إيران: مسيرات تراقب وسياط تُجلد وجرائم اغتصاب في الزنازين

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من بيروت: إيران ليست كما تبدو في الظاهر. هناك، حيث تُفرض القوانين بقبضة من حديد، لا تكتفي السلطة بمطاردة النساء في الشوارع، بل طوّرت أساليبها إلى مستوى آخر من المراقبة والسيطرة. الطائرات المسيرة تراقب، التطبيقات الذكية تلاحق، والكاميرات ترصد كل غطاء رأس مفقود. تقرير أممي حديث يكشف النقاب عن منظومة رقابية متكاملة تستخدمها إيران لمعاقبة من يجرؤ على تحدي الحجاب الإلزامي.

التهمة: شعرة ظاهرة!
لم يعد الأمر مجرد تحذيرات في الشوارع أو غرامات بسيطة. في عام 2024، احتُجزت 618 امرأة على الأقل بموجب "خطة نور"، وهي منظومة مراقبة رقمية تجمع البيانات والصور لتحديد من يتجرأ على كسر القواعد. هؤلاء النسوة لم يتم استجوابهن فقط، بل مثلن أمام المحاكم الثورية، حيث واجهن أدلة مستخرجة من أنظمة المراقبة الأمنية، وتم تغريم بعضهن، بينما تعرضت أخريات لعقوبات أشد قسوة.

قوانين جديدة تحكم قبضة الأمن
البرلمان الإيراني لا يتراجع، بل يسير في اتجاه تصعيدي أكثر حدة. مشروع "قانون الحجاب والعفة"، الذي يلوّح بعقوبات تصل إلى 10 سنوات سجن وغرامات ضخمة تصل إلى 12 ألف دولار، لم يدخل حيّز التنفيذ بعد، لكنه يتربص خلف الأبواب، ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على كل امرأة تُفكر في إزالة غطاء رأسها. وفيما أوقف المجلس الأعلى للأمن القومي تنفيذ القانون مؤقتًا، يرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن ذلك ليس سوى تكتيك سياسي، وأن التشديد قادم لا محالة.

عيادات إصلاح السلوك
في خطوة أثارت ذهول العالم، أعلنت السلطات الإيرانية في تشرين الثاني (نوفمبر) عن افتتاح "عيادات إصلاح السلوك"، حيث تُجبر الفتيات اللاتي يتم ضبطهن دون حجاب على "علاج علمي ونفسي"، بزعم تقويم سلوكهن. هذه المراكز ليست سوى وجه آخر للقمع، حيث يتم دفع الفتيات للخضوع لجلسات "إعادة تأهيل" مصممة لكسر إرادتهن وإجبارهن على الامتثال.

الجلد، الحبس، والتصفية..
في 23 تشرين الثاني (نوفمبر)، تلقت روشنك أليشاه 14 جلدة بعد أن نشرت مقطع فيديو لها دون حجاب، واجهت فيه رجلاً تحرش بها في الشارع. لم تكن وحدها، ففي آذار (مارس) تعرّض المغني الإيراني مهدي يراحي لـ 74 جلدة بسبب أغنية انتقد فيها الحجاب الإلزامي، رسالة واضحة بأن المعارضة، حتى لو كانت بصوت غنائي، لن تمر دون عقاب.

سجون بلا أبواب
التقرير الأممي لم يكتف برصد هذه الانتهاكات، بل كشف عن نظام قضائي يعمل كذراع للقمع، حيث يُحرم ضحايا العنف من العدالة، وتتعرض عائلاتهم للترهيب المستمر.

الأمم المتحدة وثّقت إعدامات خارج نطاق القضاء، شملت إعدام ثلاثة أطفال وثلاثة بالغين، أعلنت السلطات لاحقًا أنهم انتحروا. لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فالشهادات التي جمعها المحققون تكشف عن تصفيات ممنهجة للمعارضين.

تعذيب جنسي
ما كشفه التقرير عن السجون الإيرانية صادم. روايات عن ضرب وحشي، واغتصاب جماعي، وتعذيب نفسي وجسدي ممنهج. إحدى النساء اللواتي تم احتجازهن عام 2023 تعرضت لـ إعدامين وهميين، وضُربت بشكل متكرر، قبل أن تتعرض لانتهاكات جنسية مروعة داخل مركز احتجاز سري.

"لا أحد يهتم بنا.. وهم لا يرحمون"
قالت إحدى النساء الإيرانيات، ممن عايشن هذا القمع اليومي: "ذات يوم، مثل صديقاتي، سأغادر هذا البلد المنكوب ولن أعود أبدًا. النساء الإيرانيات شجاعات ويكافحن كل يوم، لكن يبدو أن التغيير مستحيل لأنهم لا يهتمون بالنساء. إنهم يملكون البنادق ولا يرحمون، ونحن غير مسلحات ولا حول لنا ولا قوة".

تقرير الأمم المتحدة أمام مجلس حقوق الإنسان
هذا الملف الأسود في طريقه إلى جنيف، حيث سيتم تقديم نتائج التقرير رسميًا إلى مجلس حقوق الإنسان في 18 آذار (مارس).

الضغط الدولي يزداد، والمنظمات الحقوقية تطالب بتحرك عاجل، لكن في إيران، تواصل السلطة إحكام قبضتها، مستخدمة التكنولوجيا، الترهيب، والقوانين القمعية لمطاردة كل امرأة تحاول الوقوف في وجهها.

Advertisements

قد تقرأ أيضا