محمد إبراهيم (الجزائر)
توقعت مصادر برلمانية وسياسية جزائرية أن يشهد الأسبوع الحالي تغييرات جذرية على الساحة السياسية استجابة لمطالب الحراك الشعبي، محذرة في الوقت نفسه من تبعات ظهور جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة خلال مظاهرات الجمعة الماضية. وقالت المصادر التي تحدثت لـ«الاتحاد» شريطة عدم ذكر اسمها إن السيناريو المطروح خلال هذا الأسبوع يبدأ باستقالة الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، وتعيين شخصية مقبولة من الحراك الشعبي مكانه، يلي ذلك مباشرة استقالة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح. وأضافت المصادر أن الدستور ينص في مادته 102 على أن رئيس المجلس الدستوري يخلف رئيس مجلس الأمة في رئاسة الدولة حالة الشغور في المنصب، ولا يمكن له الترشح للرئاسة في الانتخابات التالية.
وأشارت المصادر إلى أنه عقب استبدال رئيس المجلس الدستوري والرئيس المؤقت اللذين يعترض عليهما الشارع، تقدم الحكومة برئاسة نور الدين بدوي استقالتها ليشكل الرئيس المؤقت الجديد حكومة تسيير أعمال لحين انتخاب رئيس جديد. وأوضحت المصادر أنه طبقاً للدستور لا يمكن للرئيس المؤقت تعيين حكومة جديدة، ولكن سيتم إصدار فتوى من مجلس القضاء والمجلس الدستوري بتمكينه من ذلك لسد حالة الفراغ التي ستنشأ عن استقالة الحكومة. وأكدت المصادر أن هذا السيناريو يحظى بموافقة وتأييد قيادة الجيش التي أكدت أكثر من مرة انحيازها لصف الشعب ومطالبه المشروعة.
وقالت المصادر «سيتبقى مطلب واحد للشعب وهو حل البرلمان وإقالة معاذ بو شارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان) وهو ما سيتم تركه ليقوم به الرئيس المنتخب لتجنب المزيد من الفراغ». وأشارت المصادر إلى أن هذا السيناريو حال تنفيذه سيلتزم بمدة 3 شهور كفترة انتقالية ولن تزيد إلى 6 أشهر أو سنة كما يطالب الحراك الشعبي. وكشفت المصادر عن وجود 7 مقاعد شاغرة في مجلس الأمة سيتم تعيينها من قبل الرئيس المؤقت الجديد ليكون أحدها هو المرشح الرئيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ورشحت المصادر اسمين هما أحمد بن بيتور وعبد المجيد تبون رئيسي الحكومة السابقين لتولي الرئاسة وقيادة المرحلة المقبلة، وقالت إن هذا الترشيح «نظراً لما يتمتعان به من شعبية في الشارع، ولمواقفهما التي اصطدمت بالعصابة»، وهو المصطلح الذي أطلقه الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان على الدائرة المحيطة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. وقالت المصادر: «هناك خلاف خفي بين الفريق قايد صالح والرئيس المؤقت ابن صالح، ظهر جلياً في عدم وجود قايد صالح في استقبال الرئيس المؤقت بالقصر الجمهوري، كما أن ابن صالح اجتمع مع نور الدين بدوي رئيس الحكومة فقط ولم يجتمع مع رئيس الأركان».
وحذرت المصادر من ظهور جبهة الإنقاذ المحظورة في المشهد يوم الجمعة الماضي، عبر المشاركة العلنية لأول مرة في مظاهرات الحراك الشعبي ورفعهم شعارات تدعو لأسلمة الدولة. وقالت المصادر «هؤلاء الأشخاص وجودهم مرتبط بالدم وظهورهم يعني إما تحقيق مطالبنا أو العودة للدم وهو ما لن يسمح به أي جزائري مرة أخرى». وعاشت الجزائر عقداً كاملاً (1992 – 2002) من الأعمال الإرهابية راح ضحيتها آلاف المواطنين ورجال الشرطة والجيش.
ميدانياً، واصل الحراك الشعبي حصاره لوزراء الحكومة الجزائرية، إذ تجمع المئات من الجزائريين لمحاصرة محمد عرقاب وزير الطاقة خلال زيارته التفقدية أمس الأحد لولاية تبسة (شرق) ومنعوه من الخروج من مطار الولاية.
وكان صلاح الدين دحمون وزير الداخلية الجزائري قد تعرض لموقف مشابه أول أمس السبت خلال زيارته لولاية بشار (جنوب غرب). ونظم الآلاف من الطلبة في عدة جامعات جزائرية أمس بولايات الجزائر العاصمة والوادي وتبسة ومعسكر مظاهرات داخل الحرم الجامعي مساندة للحراك الشعبي ومطالبين برحيل رموز نظام بوتفليقة عن المشهد السياسي. ومن جانبه، ألمح علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات الجزائري لعدم خوضه الانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلًا: «لم يتغير أي شيء فيما يخص الترسانة القانونية وبقاء نفس قانون الانتخابات وانعدام هيئة مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية». وأضاف في تصريحات له أمس «موقفنا مع الشعب الجزائري الرافض لهذه الانتخابات». وقال ابن فليس، وهو رئيس حكومة سابق في عهد بوتفليقة، إن المهم اليوم هو الحفاظ على الدولة الوطنية وتنفيذ مطالب الحراك الشعبي، ولكن هناك قوى غير دستورية (لم يسمها) تسعى لإفشال هذه المطالب.