الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من القدس: أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى تدعو إلى "الجهاد المسلح " ضد إسرائيل، وتحرم شرعًا التطبيع معها. ويمثل هذا البيان، الذي نُشر على الموقع الرسمي للاتحاد وحساب رئيسه الشيخ علي القره داغي على تويتر، موقفًا فقهيًا بارزًا روجت له منظمة إسلامية دولية خلال الصراع الدائر في غزة، وهو الأمر الذي لقي ردة فعل غاضبة في إسرائيل، وسط مخاوف من أن يمتد تأثير الفتوى على اليهود في كافة أنحاء العالم وفقاً لتقرير "جيروزاليم بوست".
وقالت الصحيفة العبرية إن مقر الاتحاد الاسلامي يقع في الدوحة مع وجود إضافي في إسطنبول، وهو يمثل عشرات الآلاف من العلماء الدينيين من مختلف أنحاء العالم.
تأسس الاتحاد في عام 2004 على يد يوسف القرضاوي الذي قاد محور الإخوان المسلمين وكان معروفًا بتأييده المطلق لحماس.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدرت "لجنة الاجتهاد والإفتاء" التابعة للاتحاد فتوى تتناول "العدوان المستمر على غزة". وتضمنت الفتوى مطالب واسعة، منها مناشدات بحصار شامل لإسرائيل "برًا وبحرًا وجوًا"، وتشجيع "التدخل العسكري الفوري من الدول الإسلامية" لدعم الكفاح المسلح الفلسطيني في مختلف المجالات، بما في ذلك الحملات العسكرية، والمجالات الاقتصادية، والساحة الدبلوماسية.
50 ألف قتيل
واستشهد علماء الدين الإسلامي بإحصائيات حماس حول عدد الضحايا في غزة، والتي تقول إنها تتجاوز 50 ألف قتيل، ووصفوا الوضع بأنه "إبادة جماعية ممنهجة تُنفذ بدعم صريح من الولايات المتحدة، وسط صمت عربي وسلبية من دول العالم الإسلامي".
وعلى الصعيد الاقتصادي، عزز المجلس مواقفه السابقة التي تؤيد مقاطعة "الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني"، وأعلن أن المسلمين الأثرياء يجب أن "يشاركوا في الجهاد من خلال الوسائل المالية وتجهيز المسلحين".
وقال تحليل الصحيفة الإسرائيلية التي نددت بالفتوى الإسلامية :"يُفصّل التوجيه الديني ما يعتبره واجبات على المسلمين على اختلاف درجات قربهم من الصراع. ومن اللافت للنظر أن الفتوى تعتبر "العدو"، أي إسرائيل، كافرًا، في تناقض صارخ مع بعض الرؤى الإسلامية التقليدية الأخرى تجاه اليهودية باعتبارها جزءًا من "أهل الكتاب".
ويمتد موقف المجلس إلى التدابير التجارية أيضاً، حيث أعلن أنه من المحرم دينياً تزويد إسرائيل "بالنفط والغاز الطبيعي وكل السلع التي تساعد في حملتها العسكرية"، بما في ذلك "الغذاء والمشروبات بينما يواجه سكان غزة المجاعة".
تحالف عسكري إسلامي ضد إسرائيل
ومن بين العناصر الأكثر طموحا من الناحية السياسية في القرار دعوة الدول العربية والإسلامية إلى "تشكيل تحالف عسكري موحد لحماية الأراضي الإسلامية"، وهو ما يصفه المجلس بأنه "التزام إلزامي لا يجوز تأجيله".
وتتناول الفتوى أيضًا الجوانب الجيوسياسية، ودعت الدول التي تحافظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلى "إعادة تقييم هذه الاتفاقيات وممارسة الضغط وفقًا لذلك"، وحظرت صراحة "التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل بأي شكل من الأشكال".
على الرغم من نفوذ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الواسع ودوره المحوري في عالم الحركات الإسلامية، إلا أن آخرين كانوا أكثر ترددًا تجاه هذه الفتوى.
دار الافتاء المصرية ضد الجهاد المسلح
على سبيل المثال، زعمت دار الإفتاء المصرية، الهيئة الاستشارية الإسلامية الحكومية في البلاد، أنه وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، يجب على من يدعو إلى الجهاد المسلح المشاركة فيه شخصيًا، مضيفةً أن "الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة قدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي دعوة غير مسؤولة تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية".
خبيرة علاقات يهودية إسلامية.. ماذا تقول؟
أوضحت الدكتورة نيسيا شيمر، الخبيرة في الشريعة والعلاقات اليهودية الإسلامية، لصحيفة جيروزالم بوست أن الفتوى التي تدعو إلى الجهاد المسلح ضد إسرائيل هي مثال على فرض العين، وهو واجب ديني يقع على عاتق كل مسلم أينما كان.
هذا يعني أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينظر إلى الجهاد ضد إسرائيل على أنه "جهاد دفاعي" يهدف إلى صدّ الأعداء عن الوطن الذي سيحكمه الإسلام، كما أوضحت شمر.
عند سؤالها عن معنى الفتوى الجديدة، أكد شيمر أنها استمرار للخط الذي قاده الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منذ بداية الحرب. وأضاف: "في حين أن التداعيات المباشرة لهذه الفتوى لم تتضح تمامًا بعد، إلا أن هناك مخاوف متزايدة من أن تتوسع الفتوى لتصبح حربًا دينية عالمية ضد اليهود في جميع أنحاء العالم، مما سيؤثر بشكل مباشر على حياة الجاليات اليهودية في الخارج". على حد قولها.
واختتمت شيمر : "تُظهر هذه الفتوى أن حماس ليست مجرد منظمة صغيرة تعمل من غزة، بل هي منظمة مدعومة من هيئات ومنظمات إسلامية دولية تدافع عن الفكر نفسه. إن التعامل مع حماس هو في الواقع التعامل مع الفكر الإسلامي نفسه، وهو فكر دولي واسع الانتشار في العالم الإسلامي".