الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من القاهرة: في تحليل نشرته صحيفة جيروزاليم بوست، تزايدت التساؤلات حول احتمال خضوع مصر لضغوط أميركية وإقليمية لاستقبال سكان من قطاع غزة، وسط تأكيدات رسمية مصرية تنفي بشدة هذه المزاعم وتصفها بـ"الادعاءات الكاذبة".
مع تجدّد الهجوم الإسرائيلي على القطاع في 18 مارس/آذار، تعالت أصوات في الإعلام الإقليمي تزعم وجود خطة لإعادة توطين سكان غزة مؤقتًا في شمال سيناء، ضمن صفقة تقودها واشنطن وتساندها الإمارات، مقابل حوافز مالية ضخمة لإنعاش الاقتصاد المصري.
سيناريو من بوابة التاريخ
جيروزاليم بوست أوضحت أن موقع مصر الجغرافي – بكونها الجار البري الوحيد لغزة – يجعلها الطرف الوحيد القادر على استقبال سكان القطاع برًا. كما أن للقاهرة تاريخًا إداريًا مع غزة حين خضعت لسيطرتها من 1948 إلى 1967، ما يعزز منطقية النظر إليها كطرف محوري في أي مقترح إقليمي.
ورغم أن الصحيفة أشارت إلى أن تفاصيل خطة ترامب غير واضحة، فإن تصريحات سابقة له في يناير وفبراير ألمحت إلى إمكانية "نقل السكان" ضمن خطة إعادة الإعمار. وأيد مسؤولون إسرائيليون تلك الخطة، مما زاد من زخم التكهنات.
بيانات رسمية نافية
بحسب التقرير، انطلقت الشائعات من صحيفة "الأخبار" اللبنانية الموالية لإيران، التي زعمت في وقت سابق من هذا الشهر أن القاهرة قد تستقبل ما يصل إلى 500 ألف فلسطيني من القطاع. واستمرت الصحيفة في الترويج للفكرة، حتى بعد نفي مصري رسمي.
الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ردّت ببيان قاطع، وصفت فيه هذه التقارير بأنها "ادعاءات كاذبة تتعارض بشكل كامل مع الموقف الثابت الرافض لأي تهجير قسري أو طوعي للفلسطينيين".
إلا أن جيروزاليم بوست لفتت إلى استمرار تداول الشائعات في الإعلام اللبناني، حيث ذُكر أن الإمارات تتوسط بين واشنطن والقاهرة بهدف دفع مصر لقبول المقترح، مقابل دعم مالي ضخم.
ووفقًا للتقارير، جاءت تلك الوساطات خلال زيارة طحنون بن زايد إلى البيت الأبيض ولقائه الرئيس الأميركي ترامب، ثم تبعتها زيارة رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد إلى القاهرة، التي قيل إنها حملت "رسائل حساسة" تتعلق بملف غزة.
الإعلام المصري: تجاهل مشوب بالحذر
الصحافة المصرية الرسمية، وعلى رأسها "الأهرام"، اكتفت بالإشارة إلى زيارة محمد بن زايد القصيرة للقاهرة، دون الإشارة إلى أي مضمون سياسي مرتبط بغزة أو إعادة التوطين. بينما نشرت صحيفة "العربي الجديد" القطرية تقريرًا موسعًا زعمت فيه أن القاهرة تلقّت رسائل أميركية تعتبر "هذه الفرصة الأخيرة" لتبادل التوطين بمكاسب اقتصادية.
مع ذلك، أكدت جيروزاليم بوست أن أياً من هذه المزاعم لم يتم تأكيده من مصادر رسمية موثوقة، بل تتسم التقارير بطابع تكهني يثير الريبة حول الأهداف السياسية من ورائها.
من يربك من؟ ولماذا الآن؟
تحليل جيروزاليم بوست اعتبر أن توقيت نشر هذه الشائعات ليس بريئًا، وقد يكون جزءًا من محاولة لخلق توتر بين مصر والولايات المتحدة، أو بين القاهرة وأبو ظبي، خاصة في ظل تداخل المصالح في ملف غزة.
كما ألمح التقرير إلى أن جهات إقليمية مثل إيران أو قطر قد تكون معنية بتوتير علاقة القاهرة بواشنطن، أو بإبطاء تقارب إماراتي مصري في ملفات حساسة.
مصر تلتزم بموقفها... حتى الآن
رغم ضبابية المعلومات، تُجمع المصادر الرسمية المصرية على أمر واحد: لا قبول بأي خطة توطين أو تهجير، مؤقتًا أو دائمًا. وبينما تتلاحق الشائعات، يبقى الموقف المصري ثابتًا، مع ترك الباب مفتوحًا أمام أسئلة أكبر: هل هناك صفقة تُطبخ خلف الأبواب؟ وهل ستبقى مصر صامدة في رفضها وسط وعود بالمليارات وضغوط الحلفاء؟