الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من دبي: من دخيل مثير للسخرية إلى زعيم لا يُرد له قرار... ترامب لم يكتفِ بتحطيم خصومه، بل أعاد تشكيل الحزب الجمهوري بالكامل، وفرض قواعده الخاصة بلا خوف أو حسابات. في هذه الحلقة الرابعة، نتوقف عند اللحظة الأخطر: كيف رفض دونالد ترامب نتائج انتخابات 2020، وقاد حملة غير مسبوقة للتشكيك في شرعية الديمقراطية الأميركية؟ وكيف انتهى هذا التمرد السياسي باقتحام الكونغرس في مشهد صادم للعالم؟
عرف أميركي يكسره ترامب لأول مرة
"في العرف السياسي الأميركي، حتى الخصوم يتصافحون بعد المعركة"، يقول د. محمد العضاضي. "المرشح الخاسر يهنئ الفائز، ويظهر أمام مؤيديه ليعترف بالهزيمة. الأمر لا يتجاوز ساعات، ثم تبدأ إجراءات المصادقة على النتائج في الكونغرس، كإجراء روتيني".
لكن في عام 2020، كسر ترامب هذا التقليد تمامًا. "منذ اللحظة الأولى، رفض الاعتراف بالهزيمة. رفع أكثر من 60 دعوى قضائية، وكلها خسرها، بما في ذلك أمام المحكمة العليا، التي عيّن هو نفسه بعض أعضائها"، يشرح العضاضي.
ويضيف: "حتى المدعي العام الجمهوري ويليام بار، الذي خدم في عهد بوش الأب وترامب، حاول إقناعه بأن لا دليل على التزوير. وعندما أصر على الرفض، استقال بار، وهاجمه ترامب مباشرة".
6 يناير.. لحظة الانفجار السياسي
يشير العضاضي إلى أن اللحظة المفصلية كانت في 6 كانون الثاني (يناير) 2021. "كان من المفترض أن يرأس نائب الرئيس مايك بنس جلسة الكونغرس للمصادقة على فوز جو بايدن. ترامب ضغط عليه علنًا لرفض النتائج، حتى في خطاب أمام أنصاره قرب البيت الأبيض".
"لكن بنس، رجل المؤسسات، رفض الطلب. عندها تحركت الحشود المشحونة بخطاب ترامب واقتحمت مبنى الكونغرس"، يقول العضاضي. "كانت مطالبهم واضحة: شنق مايك بنس، والانتقام من نانسي بيلوسي. كانت فوضى حقيقية".
النتيجة؟ قُتل شرطي، اعتُقل المئات، وأدين العشرات بأحكام سجن، فيما وصف الحدث بأنه "الهجوم الأخطر على الديمقراطية الأميركية منذ الحرب الأهلية".
قوة الجماهير.. وعمق الانقسام
"المفارقة أن هؤلاء لم يكونوا حفنة غوغاء عشوائيين، بل القاعدة الصلبة لترامب. هؤلاء يصدقونه في كل شيء. إذا قال إن الانتخابات مزورة، يؤمنون بذلك"، يشرح العضاضي. "غالبيتهم من البيض، من أصحاب التعليم المنخفض، ممن يشعرون أن النخبة والليبراليين سرقوا بلدهم".
ويتابع: "هؤلاء ليسوا فئة واحدة، بل شرائح مختلفة، أبرزها الهيلبيليز، والريد نكس، المنتشرين في الأطراف والريف، بعيدًا عن المراكز الحضرية. وهؤلاء يشكلون الحزام الشعبوي الذي بنى عليه ترامب قوته السياسية".
العدالة تتعثر.. لكن لا تنهار
"رغم الأدلة، ورغم الاتهامات، نجا ترامب من كل شيء تقريبًا"، يقول العضاضي. "أُدين في قضايا عديدة، وواجه أكثر من 90 تهمة، بينها تحريض على التمرد، والتلاعب في نتائج الانتخابات، بل وحتى قضايا جنسية، لكنه ظل مرشحًا رئيسيًا، بل وفاز مجددًا في 2024".
ويضيف: "القضايا الفيدرالية ذابت، والقضية الأبرز في فلوريدا سقطت، ولم تبقَ إلا قضية ولاية نيويورك. حتى المحكمة العليا، رغم أن بعض أعضائها يمينيون، لم تجد دليلًا يبرر قلب النتائج. ومع ذلك، ترامب استمر في تكرار نفس الأكاذيب، كل يوم، منذ 2021 وحتى الانتخابات التالية".
دولة المؤسسات أمام اختبار قاسٍ
"أميركا بلد مؤسسات، لكنها لم تختبر قط كما اختُبرت في عهد ترامب"، يقول العضاضي. "الرجل لا يعترف بالهزيمة، ولا بالقانون، ولا بالدستور، ويعتبر أي معارضة خيانة".
الاختلاف في ولايته الثانية؟ "صار أكثر خبرة، أكثر دهاءً، محاطًا بفريق يعرف قواعده: الولاء الكامل أو الطرد الفوري". ويضيف: "حتى عائلته، التي كانت حاضرة بقوة في ولايته الأولى، غابت هذه المرة. يبدو أنه تعلم كيف يُخفي ولاءاته الحقيقية خلف ابتسامة سياسية".
الرجل الذي لا يسقط
يختم العضاضي بقوله: "ترامب ظاهرة لا تنكسر. هزم خصومه، خصومه في حزبه، الإعلام، هوليوود، وحتى بعض القضاة. إنه رجل لا يعتذر، لا يندم، ولا يعترف بأي خطأ".
لكن في المقابل، من لم يهزمهم هم القانون، والدستور، ومؤسسات أميركا التي لا تزال تقاوم.
حلقات سابقة
الحلقة الأولى: الهاربون من الله.. قصة تأسيس أميركا المتشددة
الحلقة الثانية: نيويورك خرّجته رئيسًا.. كيف صنعته الغابة الخرسانية؟
الحلقة الثالثة: كيف دمر ترامب خصومه وأعاد تشكيل الحزب الجمهوري؟
الحلقة الرابعة: التمرد على الديمقراطية.. ترامب يرفض الهزيمة ويشعل الفوضى
* تبث ""الخليج 365"" حلقات الدكتور محمد العضاضي بالاتفاق مع "هات بوست" التي تعمل تحت مظلة هتلان ميديا، ومقرها دولة الإمارات العربية المتحدة.