تعددت الجنسيات التي باتت تتدخل عسكرياً في سوريا مع التواجد اللبناني-الايراني-الروسي-التركي-الكردي. المشكلة في الموضوع هو ان هذا التدخل لجيوش رسمية واطراف غير رسمية، لا يمكن اعتباره غير تقسيم لسوريا وفق الواقع الميداني، في حين ان الجميع ينادي ويطالب بوحدة سوريا وعدم القبول بتقسيمها، غير ان الواقع يطرح تساؤلات كبيرة حول حقيقة ما يحصل، فتواجد قوات عسكرية رسمية في بلد اجنبي لا يمكن الا ان يعني امتداداً لنفوذ هذه الدولة او تلك في المناطق التي يتواجد فيها جيشها. وحتى لو انسحبت هذه الجيوش في مرحلة لاحقة، فإن الخطوة لن تكون دون ثمن، وسيبقى النفوذ من خلال "اتباع" او "انصار" او "موالين" للبلدان التي انسحبت ميدانياً.
من الطبيعي ان يكون لروسيا حصة الاسد في قالب الجبنة السوري، وهي ستنشر عناصر لها لمراقبة وضبط الوضع، تحت غطاء دولي وتشجيع اقليمي ومحلي. ولكن الخوف ان تتحول سوريا في المنطقة الى ما كان عليه لبنان منذ سنوات، حيث كانت كل الدول قادرة على هز استقراره ارضاء لمصالحها او لتبعث رسالة الى من يعنيه الامر بأنها قادرة على احداث فارق في الشرق الاوسط انطلاقاً من هذا البلد.
وبعد ان اصبح من الممكن القول ان الجولات القتالية في سوريا باتت على طريق الاختفاء، فإن جولات قتالية من نوع آخر ستشهدها الاراضي السورية منها ما يتعلق بالسياسة ومنها ما يتعلق بالاقتصاد والمال. فسوريا اليوم اصبحت قابلة لاجتذاب الاهتمام للمرحلة التي تلي عادة الحروب والدمار، وهي مرحلة الاعمار، والحديث هنا لا يدور حول بضعة ملايين من الدولارات، بل يتعداه الى المليارات لاعادة اعمار ما تهدم من ناحية، وبناء محطات وقواعد عسكرية لدول على غرار روسيا (وربما الولايات المتحدة) ستبقى حاضرة ورابضة في هذا البلد كي تتدخل في كل شاردة وواردة فيه، ومنه في المنطقة ككل.
ان التدخل العسكري التركي فتح الباب امام احتمالات شتى، خصوصاً في ظل الصراع القائم بين انقرة وواشنطن من جهة، وبينها والاكراد من جهة ثانية، اضافة الى الاختلاف الذي حصل بين النظامين التركي والسوري منذ اندلاع الحرب السورية، فيما يبدو التقارب التركي–الروسي، والتركي-الايراني الذي من شأنه ان يرخي اجواء هادئة ستنعكس على المنطقة بشكل عام.
لا شك ان تقاسم النفوذ في سوريا وفق اتفاقات، من شأنه ان يعيد خلط الاوراق السياسية في الشرق الاوسط والخليج، وسيعمل الخليجيون وفي مقدمهم السعودية، على ان يبقى لهم دور في الصورة الجديدة، لان ما يحصل حالياً يؤشر الى تراجع هذا الدور، وقد يستمر على هذا المنوال بعد تضعضع مجلس التعاون الخليجي بفعل المشكلة التي حصلت مع قطر، والتي ادت الى انقسام هذا المجلس، والى استقطاب قطر لمؤيدين من اميركا واوروبا وحتى العالم العربي بشكل يهدد قدرة السعودية على الامساك بزمام الامور والتحدث باسم الخليج في المستقبل.
وفي مقابل التراجع السعودي، يبرز التقدم التركي في هذا المسار، وسيكون من المفيد جداً لتركيا ان تكسب مساحة جغرافية في سوريا (بشكل مباشر او غير مباشر) تبقي فيه على نفوذها هناك كمؤشر الى توسيع رقعة الدور الذي ترغب في ان تضطلع به في المستقبل القريب، والذي سيعني ضمها الى طاولة الدول المعنية بمصير المنطقة عند بحث اي تغيير فيها إنْ على الصعيد العسكري او على الصعيد السياسي والاقتصادي.
خاف الكثيرون على لبنان من التقسيم خلال فترات الحرب، ولكنه كان اصغر من ان يقسّم، اما سوريا فالخوف عليها جدّي لان مساحتها اكبر، ومن ينظر الى الوضع الحالي فيها يرى بوضوح ان الحرب تركت اثرها ليس فقط على صعيد الخسائر البشرية والدمار، انما ايضاً على صعيد الخسائر السياسية وتقاسم النفوذ.
كانت هذه تفاصيل خبر تقسيم سوريا ميدانياً مقدمة لتقسيمها جغرافياً؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.