أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء بوزارة الآثار، أن وجود مياه داخل تابوت الإسكندرية المكتشف حديثا ، ليس غريبا على طبيعة مدينة الإسكندرية.
وقال ريحان ، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم،إن هذه المياه المتواجدة تحت سطح الأرض فى معظم المناطق بالإسكندرية ، هى ناتج عملية رشح المياه الموجودة فوق سطح الأرض إلى الأسفل، بحيث تكون الصخور تحت السطحية على درجة عالية من النفاذية بما يكفى لنقل المياه ناتج الأمطار الغزيرة حديثا ، وصهاريج المياه تحت سطح الأرض قديما .
واوضح أن مؤسسى مدينة الإسكندرية اهتموا ببناء العديد من الصهاريج لتخزين المياه نظرا لعدم وقوع الإسكندرية على فرع من أفرع النيل، وقد بنيت الصهاريج تحت الأرض لحفظ المياه من التسرب ولضمان تغطيتها وترشيحها مما يعلق بها من أتربة ، وكان يتم توصيل المياه للصهاريج بواسطة قنوات فخارية ممتدة تحت الأرض متصلة بترعة كبيرة تتفرع من النيل عند شيديا (كوم الجيزة( .
واضاف ان الصهاريج كانت تمتلئ بالمياه وقت الفيضان، وكانت بعض الصهاريج تمتلئ بواسطة مياه الأمطار والبعض الآخر بواسطة آلات مثبتة فوق فوهات الآبار الكبيرة ، كما يملئ عدد آخر من الصهاريج بواسطة القرب الجلدية.
واشار الى ان عدد الصهاريج زاد بشكل كبير فى العصر الإسلامى حتى قيل أنها شملت مساحة المدينة كلها ، وقد ذكر المؤرخ " المقريزى " ، أن المدينة كانت قائمة على قنوات وممرات مبنية تحت الأرض كبيرة فى حجمها وارتفاعها ، بحيث تسمح لفارس ممتطيا صهوة جواده حاملا رمحه أن يطوف المدينة تحت الأرض.
وتابع ان عدد الصهاريج بالإسكندرية عند مجئ الحملة الفرنسية كان 308 صهاريج ، وقد سجل محمود باشا الفلكى عام 1872م نحو 700 صهريج بالمدينة، واندثر عدد من هذه الصهاريج فى بداية القرن العشرين عند إعادة تخطيط المدينة وتنظيمها وإقامة مبانى حديثة بالمدينة على أنقاض المبانى القديمة مما أدى لتدمير عددًا كبيرًا من الصهاريج وتسرب المياه .
وأوضح أن خليج الإسكندرية كان هو المصدر الرئيسى لإمداد مدينة الإسكندرية القديمة بالمياه العذبة، وكان هذا الخليج يخرج من فرع النيل الكانوبى عند شيديا (كوم الجيزة – كفر الدوار حاليا) على بعد 27كم من الإسكندرية، وكان يسير فى موضع ترعة المحمودية الحالية أى أنه كان يسير محازيًا لسور الإسكندرية الجنوبى على بعد 300م إلى أن يصب فى الميناء الغربى، وكان يتفرع من هذا الخليج قنوات جوفية بلغ عددها فى أواخر القرن التاسع عشر خمسة قنوات حسب ما تم كشفه ، وكانت تغذى المدينة بالمياه، وتملأ الصهاريج بالمياه العذبة.
ولفت الدكتور ريحان إلى الصهاريج الباقية حتى الآن والمسجلة فى عداد الآثار الإسلامية ومنها بغرب الإسكندرية صهريج ابن بطوطة بشارع الكوبرى القديم قسم اللبان بحى الجمرك وصهريج الباب الأخضر (صهريج الغرابة) بشارع الكوبرى القديم – شارع الباب الأخضر وصهريج دار إسماعيل بشارع شريف أسفل شريط ترام المدينة وبوسط الإسكندرية صهريج ابن النبيه بشارع الشهيد صلاح مصطفى والصهريج بأكمله يقع داخل حديقة نوبار باشا وكلها تعود إلى العصر المملوكى.