الرياض - كتب موسى القحطاني - احتلَّت الإمارات مركز الصدارة في "مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2023" بمتوسّط 65.43 نقطة، وتلتها المملكة العربية السعودية بمتوسط 58.34 نقطة، ومن ثم قطر بمتوسط 55.22 نقطة، فيما حققت كل من عُمان والبحرين والكويت متوسِّطاتٍ بلغت 52.46 و52.05 و49.15 نقطة على التوالي.
وقال الباحث المستقل عبد القادر الكاملي، خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: "يُسلّط "مؤشّر الأداء الرقمي في الخليج العربي" الضوء على أداء دول الخليج وفقاً لخمسة مؤشرات عالمية، مركزاً على النمو الذي يشهده قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والجهود الرامية لدعم الرقمنة. ويُشير التقرير إلى النتائج المُتميّزة التي حققتها دول المجلس، حيث احتلت دولة الإمارات الصدارة في المؤشرات الخمسة. وتحرص هذه الدول على الاستثمار في البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس وتطويرها، ما يعكس التزامها بدعم التحوّل الرقمي في المنطقة".
وسجّلت دول مجلس التعاون الخليجي نتائج متقدمة في مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي، حيث أظهرت أداءً متميّزاً في مجال التحول الرقمي في المنطقة.
وجاء هذا في تقرير أصدرته "أورينت بلانيت للأبحاث"، بالتعاون مع الباحث المستقل عبد القادر الكاملي، خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حول "مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2023"، وهو تقييم يجمع المؤشرات العالمية الرئيسية لقياس الأداء الرقمي لدول مجلس التعاون الخليجي. ويقيّم هذا المؤشّر البيانات التي تُظهر أداء هذه الدول في خمسة مؤشرات عالمية كبرى، وهي "مؤشر التنافسية العالمية للمواهب" (GTCI)؛ "مؤشر جاهزية الشبكات" (NRI)؛ "مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي" (GAR)؛ "مؤشر الابتكار العالمي" (GII)؛ و"مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية" (EGDI) الصادر عن الأمم المتحدة.
إمكانات لافتة
ووفق التقرير، يملك قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول المجلس إمكانات لافتة للتوسّع والتقدّم في السنوات القادمة، مدفوعاً بعوامل عدّة مثل التحول الرقمي ومبادرات المدن الذكية وتدابير الأمن السيبراني والابتكار والحوسبة السحابية والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي والروبوتات. وفي ظلّ زيادة المعرفة التكنولوجية لدى السكان واعتماد التكنولوجيات المبتكرة، تساهم الحكومات في المنطقة في تطوير بيئة أكثر مرونة تفضي إلى النمو المستمر، وذلك من خلال التزامها بتنويع اقتصاداتها، بما يمهد الطريق لمشهد أكثر ديناميكية وازدهاراً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول المجلس.
وتُولي دول مجلس التعاون الخليجي أهمية كبيرة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لما يحمله من إمكانات واسعة من شأنها تعزيز مسيرة النمو والتحوّل في السنوات القادمة، وتركّز في هذا الإطار على الاتجاهات السائدة في المجال الرقمي والمدن الذكية. وتعمل حكومات عدّة في المنطقة، من بينها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، على الاستثمار في البنية التحتية الذكية، من خلال توظيف مجموعة من التقنيات المتقدّمة، مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، بهدف تعزيز الحياة الحضرية وتسهيل الخدمات وتحسين الكفاءة بشكل عام. وتُشير التقديرات إلى الإسهامات الفاعلة التي ستقدّمها المدن الذكية في سبيل إرساء معايير جديدة ضمن مختلف القطاعات، منها التعليم والنقل والطاقة، لخلق بيئة أكثر تطوراً واتصالاً.
ويُشكّل الأمن السيبراني أحد أهم الاتجاهات السائدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة زيادة في عدد التهديدات والجرائم السيبرانية في ظلّ التحوّل الرقمي وتطوير بيئة رقمية أكثر ترابطاً. وفي هذا السياق، تُدرك الحكومات والشركات ضرورة اتخاذ التدابير والخطوات اللازمة في مجال الأمن السيبراني للحفاظ على البيانات الحساسة والبنية التحتية المتقدمة، حيث تلجأ إلى اعتماد تقنيات الأمن السيبراني المتقدمة، وتأهيل فريق متخصص في هذا المجال، إلى جانب تطبيق استراتيجيات متكاملة من شأنها رصد هذه التهديدات ومعالجتها. وأصبحت مسألة الأمن السيبراني ضرورة قصوى للحفاظ على الثقة في المعاملات الرقمية وحماية الأمن الوطني وتعزيز نمو الاقتصاد الرقمي في المنطقة.
وتأتي تقنية الجيل الخامس (5G) لتنضمّ إلى لائحة الاتجاهات هذه، حيث تكتسب زخماً واضحاً لما تُقدّمه من اتصال سريع وموثوق بالشبكة، فضلاً عن مساهمتها في دعم التقنيات المبتكرة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز وإنترنت الأشياء. ويُتوقّع أن تؤدي هذه التقنية دوراً محورياً في دعم التطبيقات الذكية، والمركبات ذاتية القيادة، وغيرها من التقنيات الناشئة، وذلك من خلال خدمات النطاق الترددي وانخفاض زمن الاستجابة التي توفّرها. وتحرص الحكومات وقطاع الاتصالات بشكل خاص على تطوير وتوظيف البنية التحتية القائمة على تقنية الجيل الخامس، إيماناً بالأثر الذي ستحدثه في مختلف القطاعات التي تشمل الرعاية الصحية والتعليم والتصنيع. وتُسهم هذه الاتجاهات معاً في رسم ملامح مستقبل ديناميكي وواعد لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة.
وقال د. نضال أبوزكي، مدير عام "مجموعة أورينت بلانيت": "أظهرت دول مجلس التعاون الخليجي أداءً استثنائيّاً تجسّد في الجهود التي تقودها لتعزيز الرقمنة، مُسجّلةً نتائج ملحوظة في "مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2023". وحققت دول المجلس نمواً لافتاً في مختلف المجالات، لاسيما في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مدعومةً بتقنية الجيل الخامس التي أتاحت شبكات اتصال سريعة وآمنة. وعلاوة على ذلك، اكتسب الأمن السيبراني أهميّة كبيرة دفعت المؤسسات الحكومية والخاصة لاتخاذ تدابير حازمة تضمن أمن البيانات، وسط بيئة أكثر اتصالاً وتقدّماً.
وأضاف: "نتوقع أن يُحدِث قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحوّلات كبيرة في المنطقة تحمل معها اتجاهات ناشئة عدّة مثل الرقمنة السريعة والمدن الذكية. ونُلاحظ زيادة في استثمارات التكنولوجيا المتقدمة، منها إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة التي يُمكن الاستفادة منها في سبيل تعزيز العيش الحضري. وفي هذا السياق، تُساهم المدن الذكية في إرساء معايير جديدة ومتطوّرة في مختلف القطاعات، بدءاً من الرعاية الصحية ووصولاً إلى قطاع الطاقة، ما يضمن اقتصاداً أكثر استدامة وتطوراً".
وقال الباحث المستقل عبد القادر الكاملي: "استطاعت دولة الإمارات تحقيق الصدارة في جميع المؤشرات وترسيخ حضورها ومكانتها الرائدة في المجال الرقمي، تلتها المملكة العربية السعودية والبحرين وعمان وقطر والكويت. وتمكّنت دول المجلس من تعزيز أدائها الرقميّ وإمكانياتها التكنولوجية من خلال إطلاق مجموعة من المبادرات وزيادة الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحرصت دول المجلس على تعزيز دور العلوم والتكنولوجيا، وبناء القدرات في مجالات البحث والتطوير والابتكار، ورفدها بالدعم اللازم لبناء نظم الابتكار الوطنية في المنطقة. ويُتوقّع أن تساهم تقنية الجيل الخامس (5G)، إلى جانب الجهود التي تقودها الحكومات لاعتمادها في مختلف المجالات، في تعزيز النمو والازدهار في السنوات القادمة".
وفي محور الأبحاث والتطوير، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربياً والعشرين عالمياً، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة التي جاءت في المرتبة الثانية عربياً والرابعة والثلاثين عالمياً. وتُجسِّد هذه النتائج التزام المنطقة بدعم الابتكار وتعزيز التقدّم التكنولوجي.
وبُنِيت نتائج "مؤشر الأداء الرقمي في الخليج العربي 2023" بعد دراسة وتحليل المعطيات التي وفَّرتها خمسة مؤشرات عالمية رائدة، أوُّلها "مؤشر التنافسية العالمية للمواهب 2022"، الذي يشمل 175 مدينة في 133 دولة ويقيّم قدرتها على النمو واستقطاب المواهب والكفاءات واستبقائها. وأشار هذا المؤشر إلى أنَّ السياسات المتكاملة التي تتبنَّاها دولة الإمارات لدعم فرص التوظيف ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تعزيز قدرتها على جذب المواهب. واحتلَّت دولة الإمارات مرتبةً متقدمةً في المراكز العشرة الأولى في المؤشر الفرعي المتعلق بإتاحة الوصول إلى فرص النمو مع توفير إمكانيات متنوعةٍ وفرصٍ عديدة للتعلم مدى الحياة.
أمَّا "مؤشر جاهزية الشبكات 2022"، فيركّز على الأجيال الشابة ودورها في رسم ملامح مستقبل قائم على الرقمنة، حيث يُصنِّف 131 دولةً من حيث جاهزيتها وفقاً لأربعة محاور رئيسية، وهي التكنولوجيا والأفراد والحوكمة والتأثير التكنولوجي. وأشار التقرير إلى تميُّز أداء دولة الإمارات في جميع المحاور، ولاسيَّما محور الأفراد.
ويقيس "مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي 2022" مدى كفاءة توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمات القطاع العام، من خلال تقييم الدول وفق 39 مؤشراً تتوزَّع على القطاعات الحكومية والتكنولوجية والبيانات والبنية التحتية. وتُصنِّف هذه النسخة من التقرير 181 دولة من حيث الجاهزية الحكومية لاعتماد الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة المقدمة للسكان.
فيما يقيس "مؤشر الابتكار العالمي 2023" أداء 132 دولة في قطاع الابتكار، ويرصد أحدث الاتجاهات العالمية ويُصنِّفها وفقاً لسبع فئات، وهي المؤسسات، ورأس المال البشري والبحوث، والبنية التحتية، وتطور السوق، وتطور الأعمال، والمخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية، والتي تمثِّل مع مؤشِّراتها الفرعية 80 مؤشراً. وأظهرت دولة الإمارات في هذه النسخة أداءً متميّزاً يفوق متوسطات الفئات عالية الدخل من حيث تطوّر السوق وتطوّر الأعمال ورأس المال البشري، والبنية التحتية والمؤسسات.
وتمَّت كذلك دراسة نتائج "مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية" الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يقيس أداء 193 دولة عضو في الأمم المتحدة وكيفية اعتمادها لتكنولوجيا المعلومات في سبيل تعزيز وصول الأفراد ومشاركتهم. ويعتمد التقرير في تقييمه على ثلاثة مؤشرات معيارية للحكومة الإلكترونية، والتي تشمل الخدمات الإلكترونية وجاهزية البنية التحتية للاتصالات ورأس المال البشري. وأظهرت النتائج أن دبي احتلت المرتبة الخامسة عالمياً والأولى عربياً، وذلك وفق دراسة شملت 86 مؤشراً.
أمّا بالنسبة للمؤشرات الأخرى، فيُصنّف "مؤشر جاهزية الدول للتكنولوجيا الرائدة 2022" الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، 166 دولة وفقاً لإمكانياتها في التكنولوجيا والابتكار. واحتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً، والسابعة والثلاثين عالمياً، تلتها السعودية والكويت والبحرين وعُمان وقطر.