شكرا لقرائتكم خبر عن متخصصات يحذرن: «دردشة الألعاب الإلكترونية» تعرض مراهقات لمخاطر الابتزاز والان نبدء بالتفاصيل
الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - كشفت متخصصات اجتماعيات عن مخاطر تهدد الفتيات صغيرات السنّ، ممن يهوين ممارسة الألعاب الإلكترونية، حين يندفعن نحو مساحات الدردشة، ويقودهن الفضول إلى الانخراط في نقاشات تضطرهن إلى الكشف عن هويّاتهن، الأمر الذي يتسبب في وقوعهن ضحايا للابتزاز والتحرش الإلكتروني، فضلاً عن عمليات الاحتيال، ما يترك آثاراً نفسية يصعب تلافيها.
وقالت المستشارة الأسرية، الدكتورة هيام أبومشعل، إن الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تعتبر مساحات افتراضية، تمكن من التفاعل مع الآخرين وتبادل المعلومات والصور، الأمر الذي قد يُعرّض كثيراً من الفتيات المراهقات لمخاطر الابتزاز والتحرش.
وأضافت: «تتم عملية الابتزاز من خلال محاولة لاعبين استغلال الفتاة وخداعها والاحتيال عليها، للحصول على معلومات شخصية تخص عائلتها»، مشيرة إلى أن الخطورة تتجلى عند طلب صورة خاصة من الفتاة، حيث يمكن أن تتحول إلى وسيلة ابتزاز.
وحذرت من الثقة المفرطة بالعالم الافتراضي، والانغماس في الألعاب الإلكترونية، لأن ذلك يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي، ويؤثر سلباً في العلاقات الحقيقية، ما يترك تأثيراً سلبياً في صحة الفتيات النفسية، لافتة إلى وجود حالات لفتيات تعرضن للاستغلال والابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتمت مساعدتهن.
أمثلة
وعرضت أبومشعل أمثلة لنماذج المشكلات الناجمة عن الثقة المفرطة في الألعاب الإلكترونية، تضمنت احتمال تعرض الفتاة للابتزاز عن طريق تخويفها من مشاركة صورها الشخصية والتشهير بها، إذ يطلب منها في العادة إرسال مزيد من الصور أو أو مبالغ مالية، أو التورط في أفعال معينة كشرط لعدم نشر الصور، كما أن الثقة بالعالم الافتراضي تجعل الفتاة عرضة للوقوع في مصيدة الابتزاز العاطفي، والتلاعب بالمشاعر، تمهيداً لابتزازها والضغط عليها.
وأوضحت أن هناك التنمر الإلكتروني أيضاً، حيث تعرضت فتيات فعلاً للتنمر والمضايقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال استهدافهن بتعليقات سلبية، وتهديدات أو السخرية المستمرة منهن، ما يؤثر سلباً في صحتهن النفسية.
وأكدت أبومشعل، احتمال تعرض الفتيات للاحتيال المالي، من خلال التلاعب بهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على معلوماتهن المالية، أو الاستيلاء على معلومات بطاقات الائتمان الخاصة بهن، ما يتسبب في خسارة مالية لهن.
وأكدت العمل على توعية الفتيات بأهمية الحفاظ على خصوصيتهن، والابتعاد عن الأنشطة التي قد تعرضهن للابتزاز أو الاستغلال، وتعزيز ثقافة الإبلاغ عن أي حالة تعرضن لها للكبار والمسؤولين، فضلاً عن دور الأهل في مراقبة الوقت والاستخدام، لاسيما الفتيات الصغيرات، وتوعيتهن بكيفية الحفاظ على الخصوصية والأمان، والإبلاغ عن التحرش والاحتيال وانتهاكات القوانين والمعايير السلوكية للألعاب الإلكترونية.
وشددت على أهمية التوعية والتوجيه من الأهل والمعلمين والمختصين في المجتمع، لتعزيز الوعي بمخاطر الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوفير الدعم اللازم للتعامل مع مخاطرها بطريقة صحية وآمنة.
انشغال الأبوين
من جهتها، قالت عضو مجلس إدارة جمعية الاجتماعيين، مريم القصير، إن انشغال الأبوين في الوظيفة والعلاقات الأسرية والضغوط التي تمر بها الأسر، وعدم التركيز على الأبناء، جعل الألعاب الإلكترونية ملاذاً للأبناء؛ ما تسبب في انتشار حالات الاكتئاب والانحرافات السلوكية.
وأضافت أنه مما زاد من مخاطر الألعاب الإلكترونية، إمكان اللجوء إليها للتعارف وتكوين صداقات اجتماعية، على الرغم من كون أطرافها مجهولي الهوية، مؤكدة وجود العديد من المخاطر لمثل هذا السلوك، منها إمكان التسلل إلى المعلومات الشخصية المسجلة في أجهزة الألعاب والحواسيب الشخصية، والتسلل إلى الكاميرات، وغيرهما من المشكلات.
وبيّنت القصير، أن المتحرش يبدأ بتشجيع الفتاة تدريجياً لاكتساب صداقتها، ويحرص على شغل وقتها كله، والحصول على ثقتها التامة به، ثم يبدأ بإرسال صور له غير واقعية، تجذب الفتاة، فتبادله هي الأخرى إرسال الصور، ليبدأ لاحقاً بإرسال صور أكثر خلاعة له، حتى يضطرها لمبادلته الصور نفسها، بعد إقناعها بالتقدم للزواج منها، قائلة: «هنا تبدأ الطامة الكبرى، إذ يبدأ بتخزين صورها وابتزازها إلكترونياً عن طريق التهديد بنشر الصور إذا لم تحوّل له مبالغ مالية على حسابه».
وذكرت أن مثل هذا الحديث دار مع حالات واقعية عدة، تعرضت فيها فتيات صغيرات للابتزاز الإلكتروني، ما استدعى إبلاغ أسرهن والسلطات المختصة بملاحقة مرتكبي الجرائم الإلكترونية، حيث تشكل هذه النوعية من الشباب خلايا إجرامية أو شبكات متخصصة في هذا النمط من الابتزاز.
حوار
وأكدت القصير أن من المهم أن يبدأ الآباء بالحوار مع أطفالهم حول الاستخدام الآمن للإنترنت في سن مبكرة، ومواصلة النقاش كلما كبر الأطفال، كي يلجؤوا إلى آبائهم عند مواجهة أي شكوك أو مخاوف أثناء تصفح الإنترنت.
ودعت الأهالي إلى الاستمرار في خلق صداقة قوية مع الأبناء، لأن رحلة الاستكشاف والفضول تدفع الأطفال للتعارف ومحاولة إثبات الذات بأي طريقة.
ولفتت القصير إلى أن غالبية الأطفال من الجنسين لا يعون خطورة التعارف مع الغرباء، خصوصاً أن المحتالين منهم يمتلكون أساليب جاذبة. ودعت الفتيات إلى الحرص على أنفسهن، وعدم الدخول في علاقات مُحرّمة مع الغرباء في الألعاب الإلكترونية، بحيث تكون العلاقة مقتصرة على اللعب، ولا تسمح بالانتقال إلى مرحلة التعارف، لتلافي المخاطر الاجتماعية والأضرار النفسية المحتملة.
انعزال
بدورها، قالت رئيسة قسم علم الاجتماع بجامعة المدينة في عجمان، الدكتورة مريم قدوري، إن الألعاب الإلكترونية جديدة نوعاً ما، مشيرة إلى أنه في السابق كان هناك ألعاب داخل برامج ضمن الكمبيوتر، مثل تحدي الشطرنج، بحيث يكون الخصم الكمبيوتر نفسه، بما ينمّي الذكاء، ويساعد على حل المشكلات، لكن تلك الألعاب تطورت وزادت احتمالية ممارستها مع لاعبين لا نعرفهم، من دول وديانات وثقافات مختلفة، كما سهلت التقنيات الحديثة خاصية التواصل على الخاص عبر الرسائل النصية والصوتية، وهو ما يجعلها بالغة الخطورة.
وأضافت: «هناك تأثيرات متعددة لإبحار الفتاة حديثة السن في الشبكة العنكبوتية، منها الانعزال عن الأسرة والحياة الواقعية والصديقات ودخول سلوك جديد لا يناسب طبيعتها، مثل العصبية والانفعالية، وهو ما ينعكس سلباً على سلوكها، ويجعلها تحمل خصائص وصفات ذكورية».
وأكدت قدوري إمكان تعرض الفتاة إلى التنمر والابتزاز بعد إرسال صورها لشخص ما، أو سرقة حسابها داخل اللعبة، فضلاً عن أن التنافسية تلعب دوراً في التأثير النفسي أو المعنوي عليها وعلى صحتها العقلية والعاطفية، بما يؤثر في سلوكها وطريقة نومها وعلاقاتها الاجتماعية الطبيعية، وقد لا ينتبه الآباء إلى انغماس الفتاة في الألعاب الإلكترونية، على الرغم من تراجعها في دراستها وشحوب وجهها وإحساسها بعدم الرغبة في تناول الطعام، وحب العزلة لوقت طويل.
وأوضحت أن هذا الأمر يأتي بعد تجاوز الفتاة مرحلة طويلة من الانغماس في ممارسة الألعاب الإلكترونية، وحين يبدأ ذووها في محاولة تقويم سلوكها، يصبح الأمر صعباً.
مراقبة
وطالبت قدوري، الآباء بأن يكونوا أصدقاء حقيقيين لأبنائهم، من الجنسين، ويشددون المراقبة على سلوكهم منذ البداية، خاصة «أننا نواجه تطوراً جديداً كل فترة، وبالتالي يجب أن نكون أكثر وعياً ودراية، وتثقيف أنفسنا بما يحدث في المجتمع من تطورات وتغيرات».
ودعت إلى إشغال البنت داخل المنزل في كل مراحل حياتها مثل أن تهتم بإخوتها أو بشؤون المطبخ ودراستها، وتحديد أوقات لا يمكن تجاوزها في الخروج من البيت واستخدام الأجهزة الإلكترونية، وهي الأشياء التي تؤهلها لأن تصبح مستقبلاً زوجة وأماً صالحة.
وشددت قدوري على أن الاختلاط في القيم التي نقلتها لنا الألعاب الإلكترونية أصبح من الصعب التصدي له، وبالتالي يبقى الدور الأساسي للأسرة، وأن يكون الوالدان قدوة لأبنائهما.
اهتمام ومتابعة
حثت شرطة أبوظبي أولياء الأمور على منح الأبناء مزيداً من الاهتمام ومتابعة قائمة المواقع والألعاب الإلكترونية التي يرتادونها، ومنحهم الثقة والأمان، وعدم توبيخهم، بل تشجيعهم على المصارحة بأي انتهاكات أو حالات ابتزاز إلكتروني قد يتعرضون لها، أو تعرضهم لحالات التنمر والتهديد والتحرش، واستدراج الصغار لمشاركة صورهم وبياناتهم وتوريطهم في أنشطة غير أخلاقية.
كن واعياً
استهدفت حملة «كن واعياً» التي نظمتها القيادة العامة لشرطة الشارقة، نشر التوعية حول مخاطر الألعاب الإلكترونية، وما قد يواجهه الأطفال من جرائم الاحتيال والابتزاز الإلكتروني.
وتضمنت المبادرة حزمة من الإرشادات الأمنية والنصائح التي تستهدف شرائح المجتمع كافة، لتعريفهم بجرائم الاحتيال والابتزاز الإلكتروني، وما ينتج عنها من تبعات خطرة على الأرواح والممتلكات.
. فتيات يقودهن الفضول إلى الانخراط في نقاشات تضطرهن إلى الكشف عن هويّاتهن.