الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟

  • 1/2
  • 2/2

في خضمّ حالة الصّدود عن تحصيل علوم الشريعة التي يعيشها شباب الأمّة في السّنوات الأخيرة، ينشط دعاة المذاهب المنحرفة في تشكيك الشّباب في أساسات دينهم وأصوله وحقائقه، بل وحتى في مصادره، ويطرحون شبهات يسعون من خلالها إلى توهين قدسية الدّين والتشكيك في مصداقية مصادره؛ شبهات هي عند طالب العلم أوهى من خيوط العنكبوت، لكنّها عند غير المطّلع أدلّة عقلية قاطعة تدعو إلى مراجعة المسار!

قبل يومين وقعت عيني على عبارة يتداولها بعض الجهلة الذين يوصفون -أو يصفون أنفسهم- بأنّهم قرآنيون، ويزعمون أنّهم يعرضون نصوص الأحاديث النبوية على القرآن وحده ليعرفوا صدقها من كذبها؛ العبارة هي: “يقول البخاري: (لن يدخل أحدكم الجنّة بعمله) (البخاري: 5673)، ويقول الله تعالى: ((ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون)) (النحل: 32)؛ من نصدّق: الله أم البخاري؟ شغّل عقلك”!

هذه الشّبهة التي يطير بها هؤلاء الذين يدّعون الانتساب إلى القرآن والمحاكمة إليه والواحد منهم يجهل تفسير كلمات سورة قصيرة من الحزب الأخير من كتاب الله، هي واحدة من شبهاتكم المتهالكة التي تنمّ عن انقطاع صلتهم بالقرآن وجهلهم بمعاني آياته، وإلاّ فإنّ أيّ مهتمّ بفهم أساليب القرآن البلاغية يدرك أنّ “الباء” في كلمة “بما” من قوله تعالى: ((ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون))، هي باء السببية، أي إنّ العمل هو سبب دخول الجنّة. بينما “الباء” في كلمة “بعمله” من الحديث النبوي: “لن يدخل أحدكم الجنّة بعمله” هي باء الثمنية، أي إنّ العمل ليس ثمنا لاستحقاقها، أي إن الجنّة ليست هي مقابل العمل، والعمل أقلّ بكثير من أن يكون ثمنا لها.. يقول الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله-: “الباء المثبتة في الآية هي باء السببية، لأن الأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة لا يحصل إلا بها، والمنفي في الحديث هي الباء الثمنية، فإن العبد لو عمّر عُمر الدنيا، وهو يصوم النهار ويقوم بالليل ويجتنب المعاصي كلها، لم يقابل عمله عشر معشار أصغر نعم الله عليه الظاهرة والباطنة، فكيف تكون ثمناً لدخول الجنة”.. ولعلّ بالمثال يتّضح المقال:

لو أنّك عملت لرجل كريمٍ عملا، فلما أتممته قال لك: تستحق على هذا العمل 2000 دج. فأجبتَ: أنا راض بذلك. لكنك فوجئت بالرجل يمنحك 20 مليون سنتيم! هل عملك هو ما جعلك تظفر بـ 20 مليون سنتيم؟! طبعا لا.. لو أنّك لم تعمل للرّجل أيّ عمل؛ هل كنت لتستحقّ 20 مليون سنتيم؟ طبعا: لا.. وهكذا الجنة التي فيها من النعيم المقيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ العملُ سبب لدخولها، ولكنها ليست مقابلا للعمل، بل هي فضل من الله ورحمة.. عمل العبد قد يجعله يستحق -مثلا- مُلك ملِكٍ من ملوك الدّنيا، لكن أن يدخل العبد جنّة فيها نعيم مقيم، فهذا لا يكون إلا بفضل الله ورحمته.. وإذا كنّا -في المثال السابق- نحمد صنيع الرّجل الكريم الذي منح العامل 20 مليون سنتيم، ونجزم بأنّ المبلغ المعتبر هو مكرمة من الرّجل، وليس مقابلا للعمل، فكيف بالبون الشاسع بين عمل العبد المشوب بالنقص والتقصير، وبين جنّة تنسي الغمسةُ فيها تعبَ الدّنيا ونصبها ومصائبها كلّها؟!

ادّعاء القرآنيين تمسّكهم بالقرآن، حينما يجزمون بأنّ دخول الجنّة لا يكون إلا بالعمل، يمثّل سوء أدب مع الله، ومناقضة صريحة لآيات كثيرة في القرآن نفسه.. وكيف تكون الجنّة جزاءً للعمل، والعمل نفسه هو من توفيق الله -تعالى- لعبده؟ يقول -سبحانه وتعالى- حكاية عن قول أهل الجنة: ((وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)) (الأعراف: 43)، ويقول -جلّ شأنه-: ((وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)).

سلطان بركاني – الشروق الجزائرية
9f5c7028f6.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements