الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - تحت عنوان «على ضفاف الأرض»، قدّم مركز جميل للفنون في دبي، معرضاً جماعياً لـ20 فناناً من 19 دولة، تتعمق أعمالهم في العلاقات المخفية والمعقدة بين الطبيعة والتجارة. وتستكشف أعمال المعرض، العلاقة غير المتوقعة بين جغرافيا مناطق مختلفة، والموارد والسلع التي نتجت عنها، وتأثيرها في المجتمع، وتتبع مواضيع مختلفة بين البر والبحر، لرواية قصص الشعوب على هوامش الطرق التجارية.

ويضم المعرض الذي يستمر حتى 29 سبتمبر المقبل، أعمالاً من مقتنيات مركز جميل، وأخرى معارة، فضلاً عن تكليفات فنية جديدة لفنانين عالميين.

ويتتبع الفنانون في أعمالهم طرق التجارة التي تمر بين مدينتي جدة ودبي، وتمثل المسار البحري النشط الرابط بين أوروبا وشرق آسيا عن طريق الخليج والبحر الأحمر وقناة السويس. وتوثق أعمال المعرض مرارة فقد الأراضي واختفاء الموارد، فتصور المنازل الملتصقة بالسواحل المتآكلة، وبحارة تائهين في الصحراء يراقبون الموانئ وحاويات الشحن، ويستمعون إلى أصوات السفن المتزاحمة وهي تنتظر تفريغها. وتحضر لوحة الفنان عارف الريس التي تعود إلى مجموعة «سلسلة الصحراء»، ويقدم فيها مشهداً من جبال تبوك، يركز فيه على اتساع الضوء المتغير في الصحراء وبُعدها الروحي، فيما قدمت دانيال جنادري في لوحة «الضوء الضرير»، مشاهد من الطبيعة في توليفة تجمع ما بين الأرشيف الفوتوغرافي والذاكرة، وتاريخ رسم الطبيعة، إذ حملت نهجاً متفرداً في رسم الطبيعة التي تبدو فيها الألوان في غاية الشفافية، ويتحول المشهد الطبيعي إلى حالة ساحرة تتحول فيها مياه الشلال المتدفقة إلى انعكاسات من الضوء الساطع، الذي يطغى على الجبال المحيطة، ويبدو شعاعاً مضيئاً وكأنه يخترق الصخور.

ومن اللوحات إلى الفيديو، حيث قدمت الفنانة الأردنية جنان العاني عرضاً بعنوان «مواقع الظل» اعتمدت فيه على التصوير الجوي في بلاد الشام، ويبدأ مع صور الاستطلاع من الحرب العالمية الأولى التي استخدمت لاحقاً في علم الآثار. ويظهر الفيديو الآثار الرومانية وخنادق الحرب العالمية الأولى، والبنية التحتية المعاصرة والطرق والمعالم شديدة التغير، إذ تكشف صورها بالأبيض والأسود تضاريس قاحلة يسكنها الغياب.

من جهتها، تطل الفنانة لاله روخ، بعمل مصور حمل عنوان «كداني»، وصوّرت فيه حوض كداني لتفكيك السفن في بلوشستان، ملتقطة تموجات المد والجزر على الشاطئ من الفجر حتى الغسق. أما الفنان الراحل طارق الغصين فتحضر سلسلة من أعماله التصويرية التي توثق معالم مهمة في الكويت، إذ تتلاشى في خلفية صوره الأبراج والملاعب الشهيرة التي تمثّل علامات بصرية فارقة للمدينة، ليعطي الفنان - متعمداً - الأولوية للمواقع المجتمعية وأماكن العمل، والبنية التحتية. كما حمل المعرض العديد من الأعمال التشكيلية والمفاهيمية والتركيبية التي رصدت هذا التآكل الطبيعي، لعدد من الفنانين، منهم بوخين، وأو سو يي، وهو روي آن، وشيهوي، وغيرهم.

من جانبه، قال القيّم على المعرض، لوكاس مورين، لـ«الإمارات اليوم»: «انتقيت الأعمال من مجموعة المقتنيات الموجودة في مركز جميل للفنون، فالاشتغال على مجموعة من المقتنيات الفنية، ووضعها جنباً إلى جنب يكون مغرياً، خصوصاً أن هذه الأعمال لا يمكن لها أن تلتقي، إذ توضع لتعبر الجغرافيا والمساحات». وأشار إلى أنه اعتمد على الأعمال التي تحمل مفاهيم التجارة والطبيعة عبر مراحل تاريخية، خصوصاً في البحر الأحمر والخليج، لافتاً إلى أنه بالنظر إلى الطبيعة يظن المرء أن هناك حالة من الثبات ستدوم للأبد، لكن بالتعمق في المشاهد يمكن ملاحظة التغييرات التي طالت البيئة، خصوصاً بسبب التغير المناخي.

وحول المعايير التي حددت اختياره الأعمال، أوضح مورين أنه أحياناً تكون الخيارات شخصية، بحيث تتحدث الأعمال للقيم على نحو غير اعتيادي، وأحياناً تلعب الألوان دورها في الاختيار ووضع المعروضات قرب بعضها بعضاً، وتعتبر من العوامل المساعدة، إلى جانب الموضوع و«الثيمة» الأساسية التي يلتزم بها القيم. ونوّه بأن مركز جميل يتعامل مع فنانين يستخدمون وسائط متعددة، وهذا انعكس على المعرض الذي يروي قصصاً عبر وسائط متنوعة، فالمعرض يجمع بين جيلين مختلفين.

• أعمال المعرض تتبع موضوعات مختلفة بين البر والبحر، لرواية قصص الشعوب على هوامش الطرق التجارية.

الدرع الأزرق

قدم الفنان عباس اخفان لوحة رسمت على جدار معرض «على ضفاف الأرض»، حملت عنوان «دراسة للدرع الأزرق»، يجسّد فيها الدرع الأزرق، وهو الشعار الذي وضع بعد توقيع اتفاقية «لاهاي» لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح. وابتكر العمل بعد غزو العراق عام 2003، حيث كان العاملون بالمتحف العراقي في بغداد قد رسموا شعار الدرع الأزرق على سطح المتحف، أملاً في حمايته من القاذفات الأميركية والبريطانية. وفي كل مرة يعرض فيها العمل، يرسم الفنان الدرع الأزرق على جدار الصالة ثم يحفره، بحيث لا تبقى سوى فجوة تكشف على البنية التحتية للمكان.