محمد اسماعيل - القاهرة - كتب ـ رمضان يونس:
بينما يتعالى صوت قارئ يتلو القرآن في سرادق عزاء تقاطعت معه أصوات أعيرة نارية تلاها صوت نحيب وصراخ، على شاب تلقى عيارًا ناريًا أمام صوان العزاء حال تواجده أمام ناصية الشارع رفقه أصدقائه.
في ذاك الوقت، كانت "بسمة" والدة الضحية تتحدث مع والدتها، دفعتها الأعيرة النارية إلى الهرولة صوب شرفة شقتها لاستطلاع الأمر، فوجئت الأم بابنها "سيف" مصابًا في كتفه الأيسر "جريت أصرخ على السلم لقيت ابني مضروب بالنار و غرقان في دمه قدام بيتنا"، تقول "قالي ياماما أنا نازل أشوف صحابي وجاي تاني".
هرولت"بسمة" في الشارع بحثا عن توكتوك لإنقاذ ابنها من الموت "شيلت ابني مخرم وجريت بيه"، أمام طرُقة متسعة تحمل اسم غرف الطوارئ والاستقبال بمستشفى ناصر العام بشبرا الخيمة، ظلت الأم تنتظر خروج طبيب الجراحة ليُهدأ روعها ويطمئن قلبها على حالة ابنها: "كل شوية يقولولي الحالة مش مستقرة ادعيله"، تقول الأم لمصراوي.
5 ساعات متواصلة استغرقها "سيف" داخل غرفة العمليات بالمستشفى حتى فارق الحياة بعدما فشلت مساعي الأطباء في إنقاذه نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية إثر تلقيه طلق ناري "خرطوش"، بمنطقة الصدر والكتف الأيسر ما أدى إلى توقف عضلة القلب، بحسب التقرير الطبي المبدئي الموقع على المجني عليه.
كان "سيف" ضحية طمع أحد الأشخاص يدعى "نبيل" بمنطقة شبرا في جاكيت يرتديه صديقه "مصطفى"، فتشاجرا سويا، ليلة الخميس الماضي، وتعدى كلا منهما على الآخر؛ أصاب الأول الأخير بطلق ناري أطلقه من فرد خرطوش حينما طلب منه مبلغ مالي في الجاكيت قدره 500 جنيه، لم يذهب المصاب للمستشفى حتى لا يسأل عن ما جرى.
لم ينسَ "مصطفى" اعتداء "نبيل"؛ أعد العدة وذهب مسلحًا بفرد خرطوش لمحل تواجد الثاني بالعزاء، حين أطلق عيارًا ناريًا فأصاب "سيف" بالخطأ.
عقب ضبط الجناة بعد تفريغ كاميرات المراقبة و سماع أقوال الشهود في الواقعة، صرحت النيابة العامة بدفن الجثمان بعد الانتهاء من الصفة التشريحية للطبيب الشرعى لإعداد التقرير الطبي وتوضيح أسباب الوفاة.
بزيها الأسود الداكن تتطلع "بسمة" كل حين لصورة فلذة كبدها "سيف" المعلقة وسط الشارع :"صحابه جمعوا فلوس وعلقوا لافتة مكتوب عليها شهيد حارة النصر". تتذكر الأم التى كسى ملامحها الحزن قبل أن تكمل حديثها "خد مني فلوس واشتري طقم يحضر بيه ليلة رأس السنة مع صحابه .. ابني اتقتل قبل ما يلبس هدومه الجديدة".
تأمل الأم في القصاص العادل من الجناة خاصة أن نجلها لم يكن طرفاً في المعركة "أنا عايزة حق ابني اللى راح ده. ده كان نازل يشوف اصحابه تحت بيتنا".