الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من القاهرة: تواجه السياسة المصرية تحدياً كبيراً في الوقت الراهن، يتمثل في الطريقة الأفضل للتعامل مع "سوريا الجديدة"، وحاكمها الفعلي في الوقت الراهن أحمد الشرع، والذي لايزال يراه الإعلام المصري يراه "أبو محمد الجولاني أكثر منه أحمد الشرع".
ومن المعروف أن القاهرة لديها "حساسية مفرطة" تجاه تيارات الإسلام السياسي بكافة أشكاله، وخاصة نظام الحكم الحالي يقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أتى للحكم بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر.
على المستوى الرسمي تقف مصر "الرسمية" بحسب بيانات الخارجية المصرية مع مصالح الشعب السوري، وتحترم خياراته، كما كانت مصر من أوائل الدول التي حذرت من استغلال اسرائيل للفراغ السياسي والعسكري في سوريا، ودخول الأراضي السورية، والبقاء في هضبة الجولان وجبل الشيخ.
الجميع التقوا مع الشرع
وفي ظل قيام وفد سعودي بزيارة دمشق الأحد، واللقاء مع أحمد الشرع "الزعيم الفعلي لسوريا في المرحلة الحالية على الأقل"، فضلاً عن زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اليوم (الإثنين) لسوريا، وما سبقه من وفود رسمية على مدار الأيام الماضية من أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، فضلاً عن الوجود التركي والقطري الملموس في سوريا، وكذلك لقاء رجل السياسية اللبناني المخضرم وليد جنبلاط مع الشرع، يظل السؤال.. وأين مصر؟ وما موقفها الرسمي من النظام الحالي بقيادة الشرع؟.
الإعلام المصري يرى "قندهار العرب"
في مصر يهاجم الإعلام شبه الرسمي، والمقرب من الحكومة المصرية وبشدة التجربة السورية حتى الآن، حيث يخشى أن تصبح سوريا قندهار الجديدة، وعلى سبيل المثال، فإن الإعلامي مصطفى بكري قالها صراحة إنه بعد استقبال "الجولاني" لمعارض مصري هارب محكوم عليه بالإعدام في مصر، قرر أن يمنح الإقامة لمن يسميهم بالمقاتلين الأجانب، وتوقع بكري أن سوريا ستصبح "قندهار العرب"، يجتمع فيها الإرهارب ورموزه.
إبراهيم عيسى يهدد الشرع
الكاتب والإعلامي المصري إبراهيم عيسى الذي يشتهر بالعداء العلني مع تيارات الإسلام السياسي، قال إن عائلة قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (الأب والأم تحديداً) موجودة في مصر، مشيرا إلى ذلك يعطي دلالة كبيرة حول الخطر على مصر سواء في السلم الأهلي أو الأمن القومي.
وأضاف عيسى أن من الخطير وجود ما سماه "ظهر لجماعة الإرهاب بسوريا"، داخل مصر، موضحا أن الجولاني لم يحفظ عهد الأمن، ولم يكن وفياً لمصر التي آوت عائلته من خوف وآمنتهم، كثيرون اعتبروا أن إشارة عيسى إلى وجود عائلة الشرع في مصر ينطوي على تهديد مبطن، ورسالة صريحة أن مصر لن تسمح بتوريطها من جديد فيما يسمى بتيارات "الإسلام السياسي".
وكان ظهور المصري محمود فتحي، المحكوم عليه بالإعدام في مصر، في لقاء مع زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، وياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أروغان في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، قد أثار غضباً كبيراً في مصر.
فضيحة الاعلام المصري
ونقل الإعلام المصري رأياً للدكتورة عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في مصر، والتي قالت :"الآن أميركا وغيرها من القوى الكبرى لا تعتبر احمد الشرع ارهابيا و لا منظمة هيئة تحرير الشام منظمة ارهابية ، فماذا سيكون موقف مصر؟ وماذا سيكون موقف الإعلام المصري بعد أن لعن الشرع علانية؟وتضيف أنه في حال غير الإعلام المصري موقفه من حكام سوريا الجدد، ستكون "فضيحة".
أما المحلل السياسي د.عمرو الشوبكي فإنه يعلق على المشهد بقوله: "وزيرة الخارجية الألمانية قالت أثناء اجتماعها بوزير الخارجية التركي يجب على تنظيم قسد الكردي أن يلقي سلاحه لأن هناك مرحلة جديدة ومن حق تركيا الحفاظ على أمنها من الهجمات الإرهابية، وأمريكا تقترب من الموقف الألماني، وعبر الشوبكي عن ألمه من هذا الغياب المصري عن سوريا، حيث يجب أن تكون مصر حاضرة للحفاظ على مصالحها على الأقل.
مصطفى الفقي ليس ضد الشرع
السياسي والدبلوماسي المصري د.مصطفى الفقي يرى أن مصر يجب أن تتحرك صوب الشرع مثلما فعل العالم، فهو يراه قيادة مختلفة عن النمط الإخواني أو نمط الإسلام السياسي بصورته القديمة، فهو وفقاً لتوصيف الفقي :"نموذج للحكم المحافظ المنفتح على العالم"، وقال الفقي إن نموذج الشرع "ليس سهلا" وليس مباشراً مثل وجوه تيار الإسلام السياسي، بل هو أعمق من ذلك، ويكتسب شرعية بجلوس الدول الكبرى معه.
ويبقى السؤال.. ماذا ستفعل مصر غداً في الملف السوري؟ هل ستبقى القاهرة على حساسيتها المفرطة مما تعتقد أنه عودة للإسلام السياسي؟ أم تتحرك للتقارب مع الوجوه الجديدة في سوريا دون خوف من عودة قوية للإخوان في مصر؟