محمد اسماعيل - القاهرة - الوادي الجديد – محمد الباريسي:
في عمر الأربعين يوماً، اكتشفت أسرة إيمان إصابتها بمرض العظم الزجاجي، كان يمكن لهذا الخبر أن يكون بداية النهاية، لكنه كان في الحقيقة بداية رحلة استثنائية من الكفاح والإبداع.
على مدار 37 عاماً، هي عمر أيمان خاضت فيها 11 عملية جراحية، كان الكرسي المتحرك رفيقها الدائم، لكنها رفضت أن يكون قيداً على أحلامها، بدلاً من ذلك، جعلته منصة لانطلاق موهبتها.
من بين أصابعها الرقيقة، ولدت عوالم ملونة من الخرز، فانوس رمضان كان البداية، ثم توالت الإبداعات، مجسمات، ألعاب، زينة للأعياد - كل قطعة تحكي قصة إرادة لا تلين.
الخليج 365 رصد قصة التحدي والإرادة مع ايمان حسن ابنة واحة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد والتي تسكن مع والدها في حي " السبط الشرقي" بمدينة الخارجة.
من المرض إلى الإبداع
بفضل دعم أسرتها، التي كانت حريصة على رعايتها منذ اكتشاف المرض، استطاعت إيمان أن تتكيف مع وضعها الصحي وتكتشف شغفها بالفن. بدأت رحلتها الإبداعية بتشكيل حبات الخرز في أساور وأقراط، ولاحقًا توسعت مهاراتها لتشمل العديد من المجسمات والأشكال الزخرفية.
كان أول مجسم صنعته هو فانوس رمضان، الذي حاز إعجاب الأطفال في مدينتها " الخارجة" بمحافظة الوادي الجديد وتقول ايمان لمصراوي، هذا النجاح فتح لها الأبواب لتطوير مهاراتها في صناعة المجسمات المختلفة، وأصبحت تصنع أشكالاً مبتكرة تناسب مواسم مختلفة مثل زينة المولد النبوي وفوانيس رمضان ومجسمات عيد الأضحى.
رحلة تعليم ذاتي
تقول إيمان: "فيديوهات اليوتيوب ساعدتني أتعلم صناعة مجسمات صعبة"، ومع مرور الوقت، طورت إيمان مهارتها وأصبحت تصنع منتجات حسب الطلب، تجمع فيها بين الذوق الفني والتقنية اليدوية، تعتمد في أعمالها على خيوط الصنارة والشمع اللاصق لتثبيت الخرز على مجسمات الكرتون، وتفريغ الكرتون بعد الانتهاء من العمل ليصبح الشكل مستقلاً بذاته.
التحدي والإرادة
رغم حالتها الصحية التي تتطلب مجهودًا جسديًا كبيرًا، تواصل إيمان ممارسة حرفتها بمهارة ودقة. فمرض العظم الزجاجي يجعل المصابين به عرضة للكسور دون الحاجة إلى التعرض لأي حادث جسدي، ومع ذلك، وجدت إيمان في الفن وسيلة للتعبير عن نفسها والتغلب على تحديات المرض.
ورش تعليمية للفتيات
قبل عامين، قررت إيمان مشاركة خبراتها مع فتيات أخريات من خلال تنظيم ورش عمل لتعليمهن فن التزيين بالخرز، تقدم الورش أسبوعيًا لمدة شهرين، حيث تعلم الفتيات كيفية الاستفادة من المواد البسيطة لصناعة الزخارف والهدايا.
إيمان تؤكد أن أعمالها مطلوبة وتصل إلى معارض في مختلف المحافظات عن طريق قصر ثقافة الخارجة وديوان عام المحافظة وتُباع في المحلات، وتضيف: "في حاجات مبقدرش أعملها بإيدي، فبعلمهم إزاي يعملوها ويكملوا الشغل عني".
الأسرة هي السند والدعم
تلعب أسرة إيمان دورًا محوريًا في دعمها وتشجيعها على تحقيق طموحاتها. أشقاؤها يساعدونها في ترويج منتجاتها وفي توصيلها إلى المحلات والمعارض.
تقول إيمان حلمي لا يتوقف عند حدود الورش، بل تسعى لامتلاك مصنع خاص بها وبالفتيات اللواتي تعلمهن، حتى تتمكن من تلبية الطلبات المتزايدة على منتجاتها المميزة كما شاركت كمدربة في العديد من ورش التدريب على الهاند ميد في مواقع مختلفة مثل مركز شباب الخارجة وحي السبط ونادي التعمير ومركز حسن حلمي لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
"حبي للخرز بدأ من الطفولة لما كنت بعمل سبحة أو سلسلة، واستمر معايا لحد ما بقيت قادرة أعمل أي مجسم يعجبني أو ينطلب مني"، هكذا أكدت إيمان لمصراوي خلاصة رحلتها مع الفن والتحدي.
طموحات المستقبل
تأمل إيمان أن تتحول ورشها الصغيرة إلى مشروع كبير يوفر فرص عمل للفتيات المبدعات مثلها، ويتيح لهن عرض منتجاتهن بشكل أوسع، كما تحلم بتطوير تقنياتها في صناعة المجسمات والاستفادة من خبراتها في فن الخرز لتوسيع نشاطها داخل مصر وخارجها.
قصة إيمان حسن نموذج ملهم للعديد من الأشخاص الذين يواجهون تحديات جسدية، حيث استطاعت أن تحول ضعفها إلى مصدر قوة وإبداع، وأن تجد في الحرف اليدوية وسيلة للتعبير عن ذاتها وتحقيق أحلامها، وتؤكد أنها حصلت على درع التميز من اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، وتتمنى ان يكون لها مشغل ومعرض خاص بها تنفق به على علاجها وأمنيتها أن تتكرم من الرئيس السيسي مثل اخوتها من ذوي الهمم وتسلم عليه.