شكرا لقرائتكم خبر عن تقرير لمعلومات الوزراء يناقش أثر رقمنة الخدمات المالية على النمو الاقتصادى والان مع تفاصيل الخبر
القاهرة - سامية سيد - أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عدداً جديدًا من سلسلة "توجهات عالمية"، وهو تقرير دوري يرصد ويحلل الأحداث والتوجهات العالمية الأكثر تداولًا في الصحف والمجلات الأجنبية، حيث يناقش العدد الجديد موضوع "أثر رقمنة الخدمات المالية على النمو الاقتصادي"، والذي أوضح أن هناك العديد من العوامل التي يمكن التعامل معها كمحددات للنمو الاقتصادي وأحد هذه العوامل هو النظام المالي، ولا شك أن الإطار المؤسسي للنظام المالي وأداءه يشكلان محددين مهمين لنمو الناتج الإجمالي، ويشهد القطاع المالي تحولًا رقميًا كبيرًا مدفوعًا بالحاجة إلى زيادة الكفاءة وتحسين تجارب العملاء وتعزيز المرونة التشغيلية، وعلى الرغم من أن عملية التحول الرقمي نفسها معقدة فإن الرقمنة ضرورية للمؤسسات المالية التي ترغب في تحقيق النجاح في المستقبل، بدءًا من التقنيات المتقدمة مثل (RPA) -وهي تقنية تعمل على إنتاج الأعمال التي تستخدم برامج ربوتية افتراضية-، والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة، وحتى الأساليب الاستراتيجية للأمن السيبراني وخصوصية البيانات وإدارة النظام البيئي، حيث تستفيد المؤسسات المالية من الأدوات المتنوعة لدفع الابتكار والكفاءة.
وأضاف التقرير أن اختيار أفضل استراتيجية وأدوات التكنولوجيا المناسبة هي الخطوات الأولى الحاسمة نحو التحول الرقمي في الخدمات المالية لتحويل عملياتها وتقديم خدمات مخصصة وتحقيق النمو المستدام في بيئة رقمية دائمة التطور ويمكن لمؤسسات الخدمات المالية اعتماد مجموعة من الاستراتيجيات المختلفة.
كما أوضح التقرير أن الخدمات المالية الرقمية المدعومة بالتكنولوجيا المالية تتمتع بالقدرة على خفض التكاليف عن طريق تعظيم وفورات الحجم وزيادة سرعة المعاملات وأمنها وشفافيتها والسماح بتقديم خدمات مالية أكثر تفصيلًا تخدم الفقراء، كما تساعد التكنولوجيا المالية الحكومات على الوصول بسرعة وبشكل آمن إلى الأشخاص من خلال التحويلات النقدية وغيرها من أشكال المساعدة المالية والوصول إلى الشركات بالسيولة الطارئة حيث يسمح للناس بتحويل الأموال -بما في ذلك التحويلات المالية عبر الحدود- ودفع الفواتير من منازلهم أو في السوق أو المتجر مع اتصال جسدي محدود وقد سلَّطت أزمة فيروس كورونا الضوء على فوائد الخدمات المالية الرقمية في العديد من الأبعاد المختلفة ودور هذه الخدمات الحاسم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويرى البنك الدولي أن الشمول المالي هو إمكانية وصول الأفراد والشركات إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم والتي تتمثل في المعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين والاقتراض، ويتم تقديمها بطريقة مسؤولة ومستدامة.
وتمثل الخدمات المالية كالمدفوعات والحسابات الادخارية والائتمان حجر الزاوية في صميم عملية التنمية فالحسابات تتيح لأصحابها إمكانية تخزين الأموال اللازمة لتلبية احتياجاتهم اليومية وإرسالها واستلامها بشكل آمن ميسور التكلفة والتخطيط لحالات الطوارئ والقيام باستثمارات منتجة من أجل المستقبل كما في الصحة والتعليم والأعمال التجارية، ولذلك تسعى العديد من دول العالم وخاصًة النامية إلى توسيع نطاق الشمول المالي الرقمي وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية للأسر ذات الدخل المنخفض والمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بما يمكن أن يساهم في تحقيق انتعاش مالي أكثر شمولًا ودعم التنمية المستدامة.
واستعرض التقرير "مؤشر الشمول المالي العالمي 2023" والذي يحدد عددًا من الاتجاهات الرئيسة في الشمول المالي وهي "ظهور الخدمات المالية الرقمية"، "الأهمية المتزايدة للتعليم المالي"، "الحاجة إلى تلبية الاحتياجات المحددة للفئات الضعيفة"، كما استعرض الدول العشر الأولى في المؤشر حيث احتلت سنغافورة المركز الأول وتليها السويد وجاءت هولندا في المرتبة الثالثة ويليها كل من فنلندا والنرويج والدنمارك وهونج كونج وسويسرا وأستراليا وجاءت كندا في المرتبة العاشرة، وتعتبر سنغافورة السوق الأكثر شمولاً مالياً وفقاً للمؤشر لأنها حققت تحسينات ملحوظة في الشمول المالي كعامل تمكين لنمو ونجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكعامل للثقة العامة في قطاع الأعمال.
ووفقًا للمسح العالمي للمؤشر العالمي للشمول المالي لعام 2021 الذي أجراه البنك الدولي فقد زادت نسبة البالغين الذين يمتلكون حسابات مالية في جميع أنحاء العالم خلال الفترة (2011-2021)، حيث بلغت النسبة في عام 2011 حوالي 51%، وفي عام 2014 حوالي 62%، وفي عام 2021 بلغت 76%، كما وصل عدد المشمولين مالياً في البلدان النامية إلى 71% عام 2021، وقد تزايد الشمول المالي في البلدان النامية، حيث ارتفعت نسبة البالغين الذين يقومون أو يتلقون مدفوعات رقمية من 35% عام 2014 إلى 57% في عام 2021، كما كانت الأموال عبر الهاتف المحمول أداة تمكينية مهمة للشمول المالي في العديد من المناطق بما في ذلك منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
وأشار التقرير إلى أفضل الدول في مجال التكنولوجيا المالية، حيث أوضح أن الولايات المتحدة تعد موطنًا لأهم شركات التكنولوجيا المالية في العالم في عام 2023 وفقًا لبيانات (statista)، وتنتج الولايات المتحدة مجتمعة أكبر قيمة من حيث التكنولوجيا المالية، حيث تبلغ القيمة الإجمالية لثماني شركات من أفضل 15 شركة فى مجال التكنولوجيا المالية في العالم 1.2 تريليون دولار. وتتميز الولايات المتحدة الأمريكية بوجود أنظمة مدفوعات متطورة ومؤمنة وذات موثوقية فضلاً عن حلول التكنولوجيا لقطاع (B2B) المتخصصة في قطاعات محددة أثبتت نجاحها بفضل نموذج أعمالها الفريد ومجموعة الخدمات المقدمة.
أما الصين فلديها شركات مدفوعة ضخمة مثل (Tencent – Ant Group) مما يجعلها في المرتبة الثانية بقوة بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدولة الأولى التي تعمل بشكل متسارع على تعزيز تمويلها الشامل من خلال التكنولوجيا المالية.
وتصنف الهند كواحدة من أسرع وأكبر أسواق التكنولوجيا المالية نمواً في العالم، من قبل (RBSA Advisors) حيث حقق نظام المدفوعات اللحظية عبر الأجهزة المحمولة الذي أطلقته الهند عام 2016 باسم "واجهة المدفوعات الموحدة" معدل نمو متسارع بنحو 160% على أساس سنوي، كما اجتذبت الهند ما يقرب من 647 مليون دولار استثمار عبر 33 صفقة في مجال التكنولوجيا المالية في يونيو 2020.
وأشار التقرير إلى الشمول المالي في مصر، مشيراً إلى أنه باستعراض أفضل الدول في رقمنة الخدمات المالية فإنه لا يمكن إغفال دور مصر في تطوير الشمول المالي وأنظمة الخدمات المالية، والجدير بالذكر أن نسبة المواطنين المشمولين ماليًا (16 سنة فأكثر) في مصر ارتفعت إلى 70.7% في نهاية 2023 مقارنًة بـ 64.8% في نهاية 2022 وبمعدل نمو بلغ 174% خلال الفترة من (2016- 2023) وفقًا لمؤشرات قاعدة بيانات الشمول المالي بالبنك المركزي المصري، وترجع الزيادة في نسبة الشمول المالي إلى مشاركة البنوك في العديد من المبادرات والمشروعات التي تستهدف إدماج شرائح العملاء المختلفة في القطاع المصرفي حيث ارتفعت نسبة الشمول المالي للسيدات إلى 62.7% في عام 2023 بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الشمول المالي للشباب في الفئة العمرية (16-35 سنة) لتصل إلى 51.5% خلال الفترة (2020- 2023)، كما تمتلك مصر عدة منصات للدفع الإليكتروني والتي سهلت بشكل كبير عملية الدفع، ومن أهم المشروعات المستقبلية لدى البنك المركزي المصري "التعرف على هوية العملاء إلكترونيا (E- KYC) (الهوية المالية الرقمية)"، "الادخار والاقراض الرقمي من خلال محفظة الهاتف المحمول"، "العملات الرقمية للبنوك المركزية".
كما سلَّط التقرير الضوء على أثر التكنولوجيا المالية على نمو الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، حيث شهدت صناعة التكنولوجيا المالية العالمية طفرة في النمو وأثبتت الخدمات المصرفية والمالية الرقمية أنها قادرة على إحداث تحو سواء في الاقتصادات المتقدمة أو في المناطق التي عانى فيها مليارات الأشخاص في السابق من أجل الوصول إلى الخدمات المصرفية.
وأشار التقرير إلى التحديات التي تواجهها البلدان المختلفة في الخدمات المالية الرقمية، والتي يجب معالجتها من أجل توسيع نطاق الشمول المالي وذلك وفقًا للمؤشر العالمي للشمول المالي 2023 الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية، وقد تمثلت في، "ارتفاع تكلفة الخدمات المالية الرقمية"، و"نقص المعرفة العامة بالتكنولوجيا المالية"، و"استبعاد الفئات الضعيفة"، والامتثال التنظيمي"، و"المعوقات الهيكلية والمؤسسية".
وأوضح التقرير في ختامه أن القطاع المالي له دور فعال في استعادة التعاون في عالم منقسم، فعام 2024 سيكون ذا أهمية بالنسبة للأنظمة المالية والنقدية العالمية، فعلى الرغم من حالة عدم اليقين السياسية والاقتصادية والجيوسياسية في العالم فإن القطاع المالي قادر على الاضطلاع بدور بنَّاء في القضايا ذات الأهمية النظامية وبالتالي تعزيز سلامة النظام والتعاون العالمي لصالح الجميع، كما أن الخدمات المالية من الممكن أن تقوم بدور فعَّال وبنَّاء في القضايا ذات الأهمية الشاملة فتعمل كقوة للتماسك بدلًا من الاحتكاك، ويمكن رؤية مجالات التعاون البارزة حول الاستقرار المالي ومكافحة الجهات الإجرامية وتمويل المناخ وتعزيز المرونة المالية للأفراد.
وفي سياق متصل، فإن حماية الاستقرار المالي أمر حتمي حيث أن الثقة هي الأصول الأكثر قيمة لدى أي مؤسسة مالية وعند فقدان هذه الثقة تكون أصداؤها بعيدة المدى وربما تؤدي إلى زعزعة استقرار النظام، ومن ثم، يجب على القطاع المالي أن يواصل التعاون عبر الحدود لضمان التأهب لمواجهة الصدمات المستقبلية لأن التخفيف من العدوى الناجمة عن الهجمات السيبرانية له أهمية خاصة حيث أن الجهات الفاعلة السيئة يمكنها أن تتلاعب بشكل متزايد بالتكنولوجيات الناشئة على حساب النظام.
اتصالًا تظل مكافحة الجهات الفاعلة الضارة أولوية قصوى بالنسبة للمؤسسات المالية وتمثل مساحة تتطلب التعاون العملي والعالمي لتحقيق النجاح، ووفقًا للتحالف العالمي لمكافحة الجرائم المالية تصل عائدات الجرائم المالية إلى 3.6 تريليونات دولار ويعود 75% من هذا المبلغ إلى غسيل الأموال، بالإضافة لذلك فإن تكاليف الامتثال مرتفعة ومتزايدة حيث تتجاوز التقديرات 270 مليارات دولار في الأسواق الرئيسة مع وجود مخاطر جيوسياسية وتهديدات إجرامية متطورة من بين عوامل أخرى تزيد من حجم التكاليف.
وفي هذا الصدد، فإن تأمين الصحة المالية للفرد أصبح مسعى فرديًا على نحو متزايد، كما يقع على القطاع المالي التركيز على الإجراءات الرامية إلى دعم الأفراد في إدارة المخاطر وزيادة المرونة المالية.
يمكنكم متابعة أخبار مصر و العالم من موقعنا عبر جوجل نيوز