محمد اسماعيل - القاهرة - كتب- محمد عاطف:
في المبنى المواجه لمستشفى الشرطة بالعجوزة، وأمام كورنيش النيل مباشرة، تقع الشقة التي سكن فيها الأديب العالمي نجيب محفوظ، ردحًا طويلًا من الزمن بعد انتقاله من منطقة الجمالية، التي قضى بها طفولته، وتشكل هناك وعيه، وأثرت على تفكيره طوال حياته.
"أديب نوبل" الذي تمر هذه الأيام ذكرى وفاته، انتهج مع انتقاله للعيش في سكنه الجديد الكائن في شارع النيل عقار رقم 172، إلى كتابة اتجاه جديد من رواياته، وهو الواقعية الرمزية، ومنها روايتي "الشحاذ" و"أولاد حارتنا"، بدلًا من الرمزية الاجتماعية، مثل روايات "الثلاثية" و"بداية ونهاية".
على بعد خطوات من هذه الشقة، وفي طريقه إلى مقر عمله بجريدة الأهرام، تعرض "أديب نوبل" إلى محاولة اغتيال فاشلة على يد اثنين من المتطرفين المتأثرين بآراء عدد من أقطاب جماعة الإخوان، بسبب روايته الشهيرة "أولاد حارتنا"، ونقل بعدها إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، وعلاجه.
شقة صاحب "ميرامار"، مغلقة طوال الوقت بعد وفاته، وانتقال أسرته الصغيرة للعيش في مدينة من المدن الجديدة، بعدما شهدت تلك الشقة الكثير من الأحداث الساخنة واللقاءات الثقافية الكثيرة التي أثرت في الساحة الأدبية، ومنها كان يسهل على "أديب نوبل" أن ينتقل إلى العوامة التي كان يلتقي فيها مع حرافيش محفوظ وأصدقاؤه.
لم تكن الحياة في شقة "محفوظ" سعيدة هادئة طوال الوقت، بل شهدت عددًا من اللحظات الدرامية، وفقًا للغة الأدب التي عمل بها الأديب الراحل؛ إذ شهدت صراعًا من نوع خاص بينه وبين جارته التي تسكن فوقه الممثلة برلنتي عبدالحميد، أرملة المشير عبدالحكيم عامر، بينما كان محفوظ يميل للهدوء والصرامة والانضباط والنظام، كانت حياة برلنتي صاخبة متوترة طوال الوقت، ما أدى لوقوع العديد من سوء التفاهم في بعض الأحيان.
شهدت هذه الشقة المتواضعة، فوز صاحب "عبث الأقدار"، بجائزة نوبل في الآداب، وظل أصدقاؤه ومريديوه ينتظرون عودته من سهرته التي كان يحرص عليها، في إحدى العوامات إلى ما بعد منتصف الليل، لتهنئته.
جيران الشقة يؤكدون أن ابنته تأتي للسكن بها أوقات قليلة، ولا تهملها أو تهمل محتوياتها، وتحرص عليها بشكل كبير.
عم سيد بواب العمارة، قال إن ابنته تتعامل معه بشكل مهذب، وإنها قليلة الكلام، مثل أبناء الأصول، مشيرًا إلى أنه لم ير أديب نوبل في حياته، لأنه انتقل حديثًا للعمل في هذه العمارة.
حرصت وزارة الثقافة، ممثلة في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، على أن تعلق يافطة في مدخل العمارة، ضمن مشروع "هنا عاش"؛ لتخليد أماكن سكن المشاهير والأدباء.