الارشيف / اخبار العالم

ما بعده ليس كما قبله.. عام "النكبات" في لبنان ينقضي أخيرًا!

درجت العادة عند نهاية كلّ عام، أن يستعيد المرء أبرز محطّاته، وتحدّياته، وصعوباته، فضلاً عن إنجازاته وإخفاقاته، وذلك تحت عنوان "الجردة" أو "الحصاد"، إلا أنّ مثل هذه "الجردة" لعام 2024 بالتحديد، تبدو مختلفة، ليس فقط لأنّ السنة التي تزيل آخر أوراق أجندتها خلال ساعات، لا تشبه غيرها من السنوات فقط، ولكن لأنّ الأحداث التي حملتها، والتي يصحّ وصفها بـ"النكبات"، لم تترك مجالاً لأيّ "إيجابية"، ولو من باب "التوازن".

لعلّ الحرب الإسرائيلية على لبنان تختصر هذه "النكبات"، بأحداثها المفصليّة وربما غير المسبوقة في لبنان، كمجزرة "البيجر" مثلاً التي سُجّلت في التاريخ كأول عملية من نوعها في الحروب، ولو أنّ المفارقة أنّها وبدل أن تصنّف في دائرة الأعمال الإرهابية الأكثر وحشيّة، أعطت إسرائيل "براءة اختراع"، وخرج من يشيد بقدرتها الماهرة على التخطيط، ولا سيما بعدما تبيّن أنّ العملية كانت محضَّرة منذ سنوات غير قليلة.

وقد لا يكون مُبالَغًا به القول إنّ اغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله شكّل "حدث العام" من دون منازع، ليس على المستوى الداخلي اللبناني فحسب، بل على مستوى المنطقة والعالم أيضًا، فالأمر الذي لا يزال كثيرون حتى اليوم غير قادرين على استيعابه، أو ربما رافضين لتصديقه، قلب الكثير من الموازين، بدليل تسارع الأحداث بعده، من التطور الدراماتيكي للحرب على لبنان، إلى سقوط نظام الأسد في سوريا.

ومن مجزرة البيجر إلى اغتيال السيد نصر الله، وما قبلهما وبينهما وبعدهما من أحداث، تصبح عبارة "ما قبله ليس كما بعده" مطابقة لمواصفات العام 2024، الذي تفتقد رزنامته لأحداث إيجابية بالمعنى الدقيق للكلمة، فالاستحقاق الرئاسي مثلاً بقي "مجمَّدًا" طيلة العام، وبقي الفراغ مهيمنًا على قصر بعبدا، ليسود "تصريف الأعمال" بالنتيجة للعام الثاني على التوالي، وهو ما نتج عنه تعميم منطق "التمديد" على معظم الاستحقاقات!.

في المبدأ، ليس خافيًا على أحد أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان، بكلّ "الثقل" الذي حملته، والنتائج التي انطوت عليها، ستطبع التاريخ اللبناني لسنوات طويلة، فهذه الحرب التي بدأت على شكل "جبهة إسناد" بقي المعنيّون بها يستبعدون توسّعها حتى اللحظة الأخيرة، جاءت "صادمة" بكلّ حيثيّاتها، وإن عدّها البعض جزءًا من التحوّلات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة بأسرها، منذ العملية التي نفذتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول 2023.

بعد تلك العملية، فتحت إسرائيل حربًا غير مسبوقة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، شكّلت خروجًا على كلّ القواعد المألوفة للحروب الإسرائيلية، فهي لا تزال مستمرّة ومن دون توقّف حتى يومنا هذا، على الرغم من أنّ هناك من يقول إنّ غزة أبيدت بالكامل، ولم يعد فيها شيء صالح للحياة البشرية، كما أنّها أثبتت "احتقار" إسرائيل لكلّ القوانين الدولية، وما يصحّ وصفه بـ"تواطؤ" الغرب معها، بدليل تحوّل المستشفيات إلى "أهداف مشروعة" لها.

وإذا كانت غزة "دفعت ثمنًا غاليًا" بنتيجة هذه الحرب، على المستوى البشري والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك على مستوى حركة "حماس" التي اغتالت إسرائيل كبار قياداتها، بما في ذلك رئيس مكتبها السياسي السابق إسماعيل هنية، ومن حلّ مكانه، يحيى السنوار، "العقل المدبّر" لعملية 7 أكتوبر، فإنّ لبنان الذي اختار عبر "حزب الله" التضامن مع الفلسطينيين على طريقته، دفع بدوره ثمنًا موازيًا، إن لم يكن "أغلى" كما يعتقد كثيرون.

فصحيح أنّ "حزب الله" خرج بعد الحرب الأخيرة وغير المسبوقة عليه بسردية "انتصار" تستعيد في حيثيّاتها، السردية التي خرج بها بعد حرب تموز 2006، إلا أنّ هذا "الانتصار" لا يتجاوز برأي كثيرين مبدأ "الصمود"، الذي أجهض المخططات، علمًا أنّ الخسائر التي مُنيَ بها الحزب تفوق بأبعادها أهمية الصمود ولو عُدّ "أسطوريًا"، بدليل أنّ الحزب يجد نفسه اليوم، في موقع من "يعتمد" على الدولة ويراهن عليها لوقف الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وعند الحديث عن خسائر الحزب، تبرز الاغتيالات التي طالت كبار قياداته بالمُجمَل، على المستويين السياسي والعسكري، والتي يتصدّرها اغتيال الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصر الله، والذي لا ينكر الدائرون في فلك الحزب، أنّه "لا يُعوَّض"، وبالتالي لا ينطبق عليه ما يقوله الحزب في مواجهة الاغتيالات، عن أنّ "كلّ من يتعرّض للاغتيال لديه بديل"، علمًا أنّ الاغتيال كان أيضًا نصيب "البديل المفترض" للسيد نصر الله، أي السيد هاشم صفي الدين.

وفي وقت يترقب الكثيرون "التداعيات السياسية" للحرب الإسرائيلية، التي يُعتقَد أنّها لم تظهر بعد، وسط مخاوف من تعميق الانقسام بين حلفاء "حزب الله" وخصومه، الذين يعتقدون أنّه بات في أضعف أحواله، وقد فقد قدرته على التأثير، بخسارة أمينه العام السابق، فإنّ حال السياسة لم يكن أفضل بكثير، حيث جُمّدت كلّ الاستحقاقات، وسط آمال بانتظامها مجدّدًا في العام 2025، الذي ينطلق سياسيًا بجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد قطيعة طويلة.

فعلى امتداد العام 2024، بقي الفراغ الرئاسي مهيمنًا على قصر بعبدا، وقد بدا ذلك طبيعيًا، باعتبار أنّ أيّ جلسة انتخابية لم تعقَد أصلاً، منذ جلسة 14 حزيران 2023، التي تنافس فيها المرشحان سليمان فرنجية وجهاد أزعور، من دون أن يحصل أيّ منهما على الأكثرية المطلوبة في الدورة الأولى واليتيمة، وبعدما دخل الاستحقاق بمجمله في "دوامة" الشروط والشروط المضادة، لدرجة أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري وضع الحوار شرطًا للدعوة إلى جلسة.

وعلى الرغم من أنّ بري وكذلك "حزب الله" نفيا الربط بين الحرب الإسرائيلية وانتخاب رئيس، لم تنجح كل المبادرات الداخلية والخارجية في وضع حدّ لهذه "المهزلة" إن صحّ التعبير، حتى عندما سجّل لبنان حركة واسعة للموفدين الدوليين، الذين لم ينجحوا في إحداث أيّ خرق، وهو ما عجزت عنه أيضًا اللجنة الخماسية المعنيّة بالشأن اللبناني، والتي جال سفراؤها مرارًا وتكرارًا على مختلف الأفرقاء، لتنتهي جولاتها من دون أن يتصاعد أيّ دخان أبيض.

وقد انعكست حالة الشلل الرئاسية على كلّ القطاعات والاستحقاقات، فكان العام 2024 عام "تصريف الأعمال" بامتياز، ما نتج عنه "تمديد" شمل معظم الاستحقاقات الأساسية، بما في ذلك الانتخابات البلدية والاختيارية، والتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، وكلاهما تكرّر للعام الثاني على التوالي، في حين بقيت مواقع كثيرة مُدارة بالإنابة نتيجة غياب التعيينات عن الأجندة، ومنها المديرية العامة للأمن العام، وحاكمية مصرف لبنان، وغيرها.

قد لا تتّسع الصفحات لاختصار عام "النكبات"، فما تقدّم هو غيض من فيض محطات العام السياسية والعسكرية، التي انعكست أيضًا على قطاعات أخرى، ولا سيما الاقتصادية منها، إلا أنه رغم كل ذلك، ينتهي على "نافذة أمل" فتحتها الجلسة المقرّرة لانتخاب الرئيس في التاسع من كانون الثاني، لعلّها تفتح الباب أمام انتظام المؤسسات، وعودة الحياة الدستورية ولو بالحدّ الأدنى، ولو أنّ الأمل يتضاءل، على وقع الخلافات والانقسامات الآخذة في التصاعد...

كانت هذه تفاصيل خبر ما بعده ليس كما قبله.. عام "النكبات" في لبنان ينقضي أخيرًا! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا