الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

قيم قابلة للتبديل بحسب الحاجة

يكفيك أن تستمتع لوسائل الإعلام الغربية وإلى رجال السياسة غربيي الهوى – الرسميين منهم وغير الرسميين، وهم يتحدثون عن الإنسانية وقيام الفلسطينيين وحركة المقاومة «بقتل المدنيين» وحق إسرائيل «في الدفاع عن نفسها، ليداهمك الشعور بنوع من إعياء تناول «جرعة زائدة» من القيم الفارغة التي يبيعها هؤلاء على ناصية طريق».

ما سبق ذكره جاء في حديث للكاتب الصحفي الألماني كريستوف سيدو، تعريب أوديت الحسين. لكن ما يثير السخرية أكثر مما يثير الحنق، أن قيم ومواقف هؤلاء تصبح قابلة للتبديل والتغيير بحسب الحاجة، وبحسب القدرة على إبقائها.

في البدء تشير وجهة نظره إلى أن كان لنا أن نثبت ذلك بأقل الكلمات، فعلينا العودة إلى مواقفهم «الصارخة» من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. لم يستطع الذين كانوا يصفون نيلسون مانديلا بأنه «إرهابي أسود» إيقاف عجلة التاريخ التي أسقطت نظام الفصل العنصري فى جنوب أفريقيا. والذين وزعوا قيمهم الفارغة في ذلك الوقت على الملا، أضطر من أتوا بعدهم للملمة كلماتهم وتجميلها ومحاولة إخفائها وحذفها بعد سقوط نظام الفصل العنصري الذي دعموه. في الحقيقة، ليس من المفارقة بقدر ما هو من عِبرِ التاريخ، أن من ينجح في كسر طوق الجلاد وانتزاع حريته بالقوة، قد أدرك بتجربته أن إهانات أسياد الجلاد، ووصفه «بالإرهابي» و«اللا إنساني» وغيرها لن تمنعه من الانتصار، بل فقط سيحاولون تشويه الانتصار قبل أن يضطروا مجبرين على تقبله والتعامل معه كحقيقه وأمر واقع.

عندما أعلن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما خبر وفاة نيلسون مانديلا، قام رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الحين ديفيد كاميرون بنشر تغريدة قال فيها:» لقد انطفأ نور عظيم في العالم. كان نيلسون مانديلا بطلاً في عصرنا «. وكان أول رئيس حكومة أجنبية يعبر علانية عن تعازيه عن وفاة مانديلا. لكن قبل 26 عامًا من ذلك، تحدثت مارغريت تاتشر، سلف كاميرون وزميلته في الحزب، بشكل مختلف تمامًا عن المناضل للفصل العنصري وحركة التحرير التابعة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، حيث قالت في 1987:» حزب المؤتمر الوطني الأفريقي منظمة إرهابية نموذجية. أي شخص يعتقد أنه قادر على حكم جنوب أفريقيا منهم يعيش في أرض الوقواق في الغيوم «.

ترك هذا الحديث بصماته على مانديلا، فعندما سافر إلى لندن بعد إطلاق سراحه في 1990، رفض في البداية مقابلة تاتشر، ثم تساءل النائب المحافظ في لندن تيري ديكس «إلى متى تريد رئيسة الوزراء فعلًا السماح لهذا الإرهابي الأسود بركلها في الوجه و بإهانتها ؟». أما حكومة الولايات المتحدة في عهد رونالد ريغان فكانت أكثر تساهلًا تجاه النظام العنصري. في عام 1980 أضافت الولايات المتحدة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتزعمه مانديلا إلى قائمتها للمنظمات الإرهابية. وعندما أقر الكونغرس الأمريكي القانون الشامل لمكافحة الفصل العنصري في 1986 بدعم من الديمقراطيين والجمهوريين، والذي فرض عقوبات اقتصادية وقيودًا على السفر ضد حكومة جنوب أفريقيا ودعا إلى إطلاق سراح مانديلا، استخدام ريغان حق النقض ضده، ولم تصبح المسودة قانونًا إلا في المحاولة الثانية.

أحد أعضاء الكونغرس الأميركي الذين صوتوا ضد إطلاق سراح مانديلا مرتين كان نائب الرئيس الأمريكي المستقبلي ديك تشيني. قال تشيني بعد 20 عامًا: «كان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يعتبر منظمة إرهابية في ذلك الوقت، وليس لدى أي مشكلة على الإطلاق مع قراري». لم تقم الولايات المتحدة بإزالة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من قائمتها للمنظمات الإرهابية إلا في عام 2008.

كانت علاقات إسرائيل أيضًا وثيقة مع نظام الفصل العنصري. بعد أن قطعت جميع الدول الأفريقية تقريبًا علاقاتها مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر عام 1973، أصبحت جنوب أفريقيا واحدة من أهم شركاء «إسرائيل». وفي عام 1976، سافر رئيس وزراء جنوب أفريقيا آنذاك جون فورستر، وهو الرجل الذي كان متعاطفًا مع النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، إلى القدس في زيارة رسمية. استقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين مع مرتبة شرف الكلمة. قال رابين خلال المأدبة الرسمية: «إن إسرائيل وجنوب أفريقيا تشتركان في المثل العليا نفسها، الأمل في العدالة والتعايش السلمي». وصف الكتاب السنوي الرسمي لحكومة جنوب أفريقيا العلاقة بين الدولتين في عام 1976: «هناك شيء واحد مشترك بين «إسرائيل» وجنوب أفريقيا، أنهما يعيشان في بيئة معادية بين أناس داكنين».

يقال بأنه على هامش هذه المحادثات، اتفقت الحكومتان على التعاون العسكري. وحتى يومنا هذا لا تزال هناك أقاويل مستمرة بأن إسرائيل ساعدت جنوب أفريقيا على تطوير أسلحة نووية. لطالما نفت إسرائيل هذه الإشارات، ومع ذلك يتذكر الناشطون المناهضون للفصل العنصري» الإسرائيليون «حتى يومنا هذا دعم» إسرائيل «لنظام جنوب أفريقيا الحاكم.

بعد إطلاق سراحه من السجن، قال مانديلا وهو يتذكر: «تلقيت دعوات من كل دولة في العالم تقريبًا – باستثناء إسرائيل». لم يسافر مانديلا إلى إسرائيل إلا في عام 1999، قبل وقت قصير من انتهاء فترة ولايته في منصبه. وقال وزير الخارجية دانييل ليفي حينها: «نحن فخورون جدًا بأن هذا الرجل يزورنا».

لكن ليس الأمريكيون و«الإسرائيليون«» هم فقط من دعموا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فالأوروبيون بدورهم كانوا يدعمون ذلك النظام أيضًا. في عام 1988، كان زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي آنذاك، فرانز جوزيف شتراوس، ضيف شرف على وزير الخارجية الجنوب أفريقي بيك بوتا. قال شتراوس في ذلك الوقت بأن إلغاء الفصل العنصري كان «غير مسؤول»، كما أن المساواة للأغلبية السوداء «غير مرغوب بها». ورفض عقد اجتماعات مع ممثلي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وأثناء ظهوره أمام المضيفين في القاعة الفارهة قال وهو يصرخ: «لم أواجه قط خلال 40 عامًا من حياتي السياسية مثل هذه المعاملة غير العادلة والظالمة لبلد ما كان يحدث في جنوب أفريقيا».

كتب الصحفي يورغن لينمان في حينه بأن زيارة شتراوس كانت بتكليف من المستشار الألماني هيلموت كول الذي أراد أن يعتبر رحلة شتراوس إلى جنوب أفريقيا دليلًا على «أننا لا نثير الأمور هناك… تمتزج لمسة من المأساة الشخصية مع الكثير من البشاعة لتخلق قطعة سخيفه من السياسة الخارجية الألمانية».

فهد المضحكي – الأيام البحرينية
INAF_20171008142249191.jpg?h=500&w=500&4

كانت هذه تفاصيل خبر قيم قابلة للتبديل بحسب الحاجة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements