قديمًا، سخر المتنبى من العرب: «هل غاية الدين أن تحفوا شواربكم.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»، وحديثًا، هجاهم نزار قبانى: «أنا منذ خمسين عامًا، أُراقب حال العرب. وهم يرعدون ولا يُمطرون. وهم يدخلون الحروب ولا يخرجون. وهم يعلكون جلود البلاغة ولا يهضمون». الآن، ومع ما يجرى فى غزة ولبنان، انقسم معظم العرب إلى طائفتين: أولاهما، تُمجد العدو وتقول شعرًا فى تفوقه وقدراته «الجهنمية» عسكريًّا وتكنولوجيًّا واستخباراتيًّا، وفى نفس الوقت تذم العرب وتعدد تخلفهم واتساع الفجوة الرقمية والعلمية والحضارية بينهم وبين العالم المتقدم.
أما ثانيتهما، فتؤمن جزئيًّا أو كليًّا بنظرية المؤامرة، التى تلوم الغرب فى كل ما يتعرض له العرب من ظلم وعدوان وهزائم. إسرائيل، طبقًا لذلك، رأس حربة يزودها الغرب بكل ما تحتاج لتأدية دورها المتمثل فى إطالة عمر قرن الإهانة العربى الذى بدأ منذ زرعها فى قلب الأمة العربية ١٩٤٨ ومرورًا بنكسة ٦٧ وغزو لبنان والعراق وكوارث عديدة وصولًا إلى المأساة الراهنة. تعبيرًا عن التوجه الأول، قال كاتب عربى بارز: «ما يجعل إسرائيل متفوقة هو اهتمامها بالعقل فى مجال التقنية، الذى منحها الانتصار المستمر حتى اليوم فى السلم والحرب وميزها فى الاقتصاد. إسرائيل تتقدم فى مجالات الأمن السيبرانى والتصنيع العسكرى والذكاء الاصطناعى والمركبات ذاتية القيادة والتقنية الطبية وتقنية الرى والزراعة». أما التوجه الثانى، فيكفى نظرة سريعة إلى مواقع التواصل لنرى كيف يؤمن كثيرون بأن المؤامرة ضدنا هى الشغل الشاغل للغرب وربيبته إسرائيل.
حسنًا.. ماذا عنا؟ هناك ضمن الفئة الأولى من يتحدث عن أن العرب أصبحوا خارج التاريخ مستدعيًا مقولات مقذعة.. ظاهرة صوتية. البداوة لم تغادرهم. الشاعر العراقى أحمد مطر ألف قصيدة بعنوان: «آسف لأنى عربى». يعود السؤال: هل حاولنا حقًّا أن نعرف أنفسنا؟ عقب نكسة يونيو، ظهر مصطلح «اعرف عدوك»، لأننا غفلنا عن فهم ومعرفة عدونا، وعشنا أوهام القوة الهائلة والصواريخ الظافرة التى لدينا. الآن، نحن لا نعرف من نحن وماذا نملك أو نفتقد؟، إضافة لجهلنا بالمدى الذى وصل إليه عدونا عسكريًّا وعلميًّا وتكنولوجيًّا.
حتى تسعينات القرن الماضى، كان الحديث لا يتوقف والمؤلفات تصدُر عن أسباب فشل التنوير العربى، وكيف تلاشى مشروع النهضة. حاليًّا، اختفى النقاش. المفكرون الكبار رحلوا أو تواروا وتركوا المجال لمن يطلقون أفكارهم عبر السوشيال ميديا. الجماهير العربية، خاصمت القراءة واحتضنت الفيس وإنستجرام وأخواتهما. تلك الجماهير التى لم يتم إشراكها يومًا فى التفكير«النخبوى» حول التحديث والتقدم. كل أمة لها سمات محددة، ونحن لا نعرف ماذا يجمعنا أو يفرقنا؟ أصبح من الصعب تحديد معنى أن تكون عربيًّا. لدينا مجتمعات وطوائف عربية، وداخلها انقسامات كبيرة لكننا لا ندرسها ولا نعالجها. نتركها للزمن.
غالبية الأمم تعرضت للإذلال والانكسار وابتلاع الكرامة، لكنها عرفت أخطاءها وناضلت للخروج من المستنقع. الصين عانت من ١٨٣٩ حتى ١٩٤٩، مما عُرف تاريخيًّا بقرن الإهانة. استباحها الغرب. بريطانيا سلخت منها هونج كونج وفرضت على شعبها تعاطى الأفيون. غزاها اليابانيون. ومع ذلك، عرفت كيف تعود لمجدها القديم وتبنى عليه. لم تجلد نفسها وتلطم الخدود، كما يفعل عرب الآن. اليابان، بدأت نهضتها ١٨٥٢، بدراسة تجارب الدول الأخرى، ومنها مصر التى زارتها بعثة يابانية مبدية دهشتها من تقدمها ونظافة مدنها. جوهر النهضة اليابانية قام على أساس التعليم المنفتح وجمع المعارف من أنحاء العالم. لم يخاصم اليابانيون الخارج، ولم يعتاشوا على نظرية المؤامرة.
نحن بحاجة إلى تبنى شعار: اعرف نفسك قبل أن تعرف عدوك.. بعضنا يُصاب بالهلع عندما يسمع عن القفزة الهائلة التى حققتها إسرائيل، وبعضنا الآخر، يلجأ لإيهام نفسه، بأن الغرب وراء كل نكباتنا مبرئًا نفسه من العيوب كافة. معرفة قدراتنا وأخطائنا (بل كوراثنا) ومعالجتها وإتاحة الفرصة للمواطنين أن يبدعوا ويتفوقوا ويقدموا أفضل ما لديهم دون قيود أو وصاية، بداية الطريق.
عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم
كانت هذه تفاصيل خبر قرن الإهانة العربي! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.