نذكر أن شركة الاتصالات الصينية هواوى كانت عنوانًا للصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين طوال أيام الرئيس ترامب، ونذكر أنه جاء عليه وقت رأى فيه أن هواوى تمثل خطرًا على الأمن القومى الأمريكى، ففرض قيودًا على شراء مُعداتها فى بلاده.

وقد وصل الصراع أيامها إلى حد أن مديرة الشركة كانت فى زيارة إلى كندا، فأوقفتها الحكومة الكندية لحساب الحكومة الأمريكية التى طلبت تسليمها لها.. ولم تهدأ المعركة قليلًا إلا برحيل ترامب عن البيت الأبيض فى يناير ٢٠٢١.

وفى أيام بايدن انتقل الصراع بين واشنطن وبكين من هواوى إلى منصة تيك توك الاجتماعية، التى تصر الإدارة الأمريكية على حظرها داخل أمريكا.. والذين يعترضون على قرار الحظر يقولون إنه يصادر على حرية التعبير لدى ١٧٠ مليون أمريكى يتابعون هذه المنصة.

وعندما يصل عدد متابعيها إلى هذا العدد داخل الولايات المتحدة وحدها، فهذا معناه أن أكثر من نصف الشعب الأمريكى يتابعها.. وفى لغة أخرى يمكن القول إن الأمر يبدو وكأن الصين تصدر جريدة دولية يقرؤها ١٧٠ مليون قارئ أمريكى.. وهذا رقم لم تبلغه أى جريدة مطبوعة فى أمريكا ولا فى سواها.

لنا بالتالى أن نتصور مدى تأثيرها، وربما لهذا السبب أقلق الموضوع إدارة بايدن، خصوصًا أنها تتطلع إليه من زاوية سياسية لا اجتماعية، وترى أن الصينيين يستخدمون المنصة فى أعمال التجسس، وأن حكاية أنها منصة اجتماعية مجرد واجهة، وأن ما وراء الواجهة تعرفه هى كإدارة حاكمة، وأن من حقها أن تتعامل معه بالطريقة التى تراها مناسبة.

الصينيون من جانبهم يستغربون ما يحدث، ويضجون بالشكوى ضد المسؤولين الأمريكيين فى كل مكان، ويقولون إن للمنصة جانبها الاقتصادى الذى سيتعثر عند حظرها، وإن هذا الجانب يتمثل فى ٧ ملايين شركة ستتأثر إلى حد التهديد بالإغلاق فى حالة حظر تيك توك.. والأمريكيون يتجاهلون هذا الكلام ويمضون فى طريق الحظر إلى آخره، ويصممون على أن للقضية وجهها السياسى، الذى لا يمكن أن يتسامحوا فيه.. والحقيقة أن الطموح السياسى الصينى حول العالم يعزز ما تقوله الإدارة الأمريكية ويؤكده.

ما نراه تسلية على تيك توك تراه واشنطن سياسة، وليس أخطر من السياسة إذا تسللت من خلال الألعاب والتسالى.

سليمان جودة – المصري اليوم