في قلب معرض إكسبو 2025 بمدينة أوساكا، يُطل جناح سلطنة عُمان بتصميم معماري آسر، يحمل الزائر في رحلة شاعرية تستلهم من الطبيعة جوهرها، ومن الإنسان روحه. صُمم الجناح ليجسّد الانسجام العميق بين عناصر البيئة العُمانية المتنوّعة، من بحر العرب ومياه المحيط المتمايلة إلى الجبال الشاهقة، ومن الصحارى الممتدة بهدوئها الرملي إلى الواحات الخضراء النابضة بالحياة. إنه لقاء بين الجغرافيا والتاريخ، بين الهوية والحلم، في سرد بصري ومعماري يستحضر حكمة الأرض وذاكرة الإنسان.

يرتكز الجناح على ثلاثة مضامين جوهرية تُشكّل روحه وهويته: الأرض، والماء، والإنسان. في تجسيد حيّ لهذه المحاور، ينطلق الزائر في تجربة حسّية تبدأ من المساحات الخارجية، حيث تنتشر كتل معمارية حمراء بأحجام متفاوتة، توفّر أماكن للجلوس، وتدعو الزائر إلى لحظة تأمل أو تفاعل مجتمعي. هذه العناصر، بألوانها الدافئة وأشكالها العضوية، مستوحاة من الصخور الطبيعية والجبال العُمانية، فتبدو كأنها انبثقت من الأرض ذاتها.

يقود ممر أنيق الزائر إلى داخل الجناح، تعلوه مظلّة زجاجية شفافة تنساب فوقها المياه في مشهد ساحر يجسّد رمزية الماء كنبضٍ للحياة، وكعنصر محوري في الثقافة العُمانية. هذا الممر ليس فقط عنصرًا معماريًا، بل تجربة شعورية تعبّر عن رحلة الإنسان العُماني عبر الصحراء بحثًا عن الماء، النبع الذي طالما كان سببًا في نشوء الحضارات واستمرارها.

في الداخل، تنفتح مساحات الجناح على تجارب تفاعلية تبرز كيف ساهمت الطبيعة العُمانية في تشكيل الهوية الثقافية، والعادات، والفنون، والعمارة. ويستعرض الجناح قصصًا ملهمة من تاريخ سلطنة عُمان البحري، من أسفارها القديمة إلى شرق إفريقيا والهند، إلى العصر الحديث حيث تواصل السلطنة رسم رؤيتها المستقبلية من خلال مبادراتها البيئية والتنموية، وتوجهاتها نحو الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي.

ولأن إكسبو 2025 يحمل شعار ”تصميم مجتمع المستقبل لحياتنا“، فإن الجناح العُماني لا يكتفي بعرض الماضي أو الحاضر، بل يفتح نوافذ على رؤى الغد. من خلال تقنيات الواقع المعزز والعروض السمعية والبصرية، يتفاعل الزوار مع سردية وطن يوازن بين الحفاظ على التراث والانفتاح على الحداثة، ويقدّم نموذجًا للتنمية المستدامة المرتكزة على الإنسان والمكان.

إن جناح سلطنة عُمان ليس مجرد مبنى، بل رسالة معمارية وإنسانية تعبّر عن روح الوطن، وتدعونا للتأمل في علاقة الإنسان بالأرض والماء، وبدوره في صناعة مستقبلٍ مزدهر قائم على الحوار، والتنوع، والإبداع. إنه مشهد حضاري متكامل، يعبّر عن فلسفة وطن يرى في المعرفة والهوية والبيئة أعمدة أساسية لبناء غدٍ أجمل.