ملجأ رجل دولة من عصر ميجي

صورة ياماغاتا أريتومو.(بتصريح من مكتبة البرلمان الوطنية ).

يعد ياماغاتا أريتومو (1838-1922) من أبرز العسكريين ورجال الدولة في اليابان، حيث شغل مراكز السلطة لمدة طويلة خلال عهدي ميجي (1868-1912) وتايشو (1912-1926). تميز أريتومو بكونه الشخصية الأكثر استمرارية في النشاط السياسي بين من شاركوا في الإطاحة بنظام توكوغاوا في ستينيات القرن التاسع عشر. ولعب دوراً حيوياً في تأسيس الجيش الياباني الحديث، حيث تولى منصب رئيس الوزراء مرتين خلال مسيرته المهنية الطويلة.

على الحافة الشرقية لسهول موشاشينو الواسعة، التي تضم معظم مناطق غرب طوكيو، تقع هضبة سيجيغوتشي. تُعرف هذه المنطقة بجمال مناظرها الطبيعية وانتشار أزهار الكاميليا البرية منذ القرن الرابع عشر. خلال فترة عصر إيدو (1603-1868)، كانت هذه المنطقة موطناً للعديد من الفيلات التابعة لعائلات الإقطاعيين والساموراي. عاش بالقرب من هذه المنطقة شاعر الهايكو الشهير ماتسوئو باشو (1644-1694) لعدة سنوات. وفي نهاية فترة إيدو، صور الفنان أوتاغاوا هيروشيغي المنطقة في سلسلة مطبوعاته الخشبية الشهيرة ”100 منظر شهير لإيدو“.

لوحة للفنان أوتاغاوا هيروشيغي ”صومعة باشو على تلة أزهار الكاميليا بجانب القناة المائية في سيكيغوتشي“، لا يزال هذا المكان الواقع بالقرب من فندق تشينزانزو طوكيو موجوداً إلى اليوم، ويسمى سيكيغوتشي باشو آن. (بتصريح من مكتبة البرلمان الوطنية)

إطلالة على الفندق وأشجار الكرز المزهرة على طول نهر كاندا، في اتجاه معاكس لتصوير النقش الخشبي الخاص بهيروشيغي.

في عام 1878، قام ياماغاتا أريتومو بشراء قطعة الأرض التي تضم الآن تشينزانزو، وصمم الفيلا والحديقة بنفسه. أطلق على العقار اسم ”تشينزانزو“ تيمناً بأزهار الكاميليا التي كانت تنمو في المنطقة. يُشير النصب التذكاري الموجود في الحديقة إلى أن ياماغاتا، بعد أن استتب الأمن في البلاد عقب تمرد ساتسوما في عام 1877، كان يتردد على هذا المكان كثيراً لأخذ قسط من الراحة والهروب من صخب الحياة، حتى انتهى به الأمر ببناء ملاذ له هناك.

صورة للنصب التذكاري الموجود بتشينزانسو، وقد نُقشت عليه كتابات ياماغاتا كدليل على ولعه الكبير بالمكان.

أزهار الكاميليا المزهرة في الحديقة في فندق تشينزانزو طوكيو.

كان ياماغاتا أريتومو، الذي كان ينشغل بتأليف قصائد الواكا، يتمتع بجانب ثقافي يتجلى في شغفه بإنشاء الحدائق. بالإضافة إلى حديقة تشينزانزو، صمم حديقة في فيلته في مورينان في كيوتو وأخرى في كوكيان في أوداوارا بمحافظة كاناغاوا، حيث قضى السنوات الأخيرة من حياته. تُعرف هذه الحدائق باسم ”حدائق ياماغاتا أريتومو الثلاث الكبرى“. تلمح السطور الختامية على النصب التذكاري لشينزانزو إلى أمل ياماغاتا في أن تحمي الأجيال القادمة الطبيعة ويستمتعوا بمشاهد وأصوات الحديقة كما فعل هو. من هذه الكلمات، يمكن للمرء أن يستشعر عمق حبه لحديقة تشينزانزو.

يُقال إن حديقة تشينزانزو تحاكي المناظر الطبيعية لمدينة هاغي، البلدة الواقعة حاليًا في محافظة ياماغوتشي، حيث وُلد ياماغاتا أريتومو. يمكن تخيل أن ياماغاتا، الذي شغل مناصب مختلفة في إدارة البلاد لفترة طويلة، كان ينظر إلى حديقته على أنها المكان الوحيد الذي يجد فيه راحته. على سبيل المثال، كان ياماغاتا يجد بعض الراحة من ضغوط منصبه، على الرغم من تقديره الكبير لسايغو تاكاموري، الساموراي من منطقة ساتسوما (محافظة كاغوشيما الحالية)، إلا أنه بصفته وزيرًا للجيش والقائد الميداني الأعلى، قام بإخماد تمرد ساتسوما الذي قاده سايغو. وبعد وفاة سايغو خلال هذا التمرد، بدأ ياماغاتا في العام التالي العمل على إنشاء الحديقة، في الوقت الذي كان عليه مقاومة سخط جنود الجيش من الرتب الأدنى غير الراضين عن المكافأة التي عُرضت عليهم مقابل خدمتهم. وعلى الرغم من أن الحديقة تقع في طوكيو، إلا أنها كانت بمثابة ملاذ له، ومكان أعاده إلى مقاطعته الأصلية.

لقد كانت بركة يوسويتشي هي مركز الحديقة منذ عهد ياماغاتا.

تطل الحديقة الهادئة على سطح الفندق على واحة حضرية حقيقية.

استخدام اساليب حديثة من اجل الحفاظ على التراث

كان أوكاياسو أكيرا يعتني بحديقة تشينزانزو على مدار الأربعين عامًا الماضية. يُروى أن الحديقة، المصممة وفقًا للتضاريس الطبيعية للأرض، تتعرض للعديد من التقلبات وتتطلب عناية كبيرة. لو تم تصميم الحديقة بعد بناء الفندق، لتم أخذ طرق الصيانة والتكاليف في الاعتبار، ولكن في هذه الحالة كانت الحديقة موجودة أولاً. تشتمل الحديقة على مساحات مسطحة قليلة، كما أن مسارات المشي الضيقة تجعل استخدام المركبات الآلية مستحيلًا، لذا يجب نقل كل شيء تقريبًا، من الشتلات إلى الأدوات، يدويًا. ورغم اعتراف أوكاياسو بصعوبة وظيفته، إلا أن فخره المستتر بالعناية بهذه الحديقة التاريخية يبدو واضحًا.

”على الرغم من تحديات التضاريس، إلا أن الارتفاعات المختلفة للحديقة ساعدت على تفتح الزهور بشكل جميل في كل موسم، مما يضفي سحرًا على المكان طوال العام. فخلال موسم تساقط أوراق الشجر، تبدأ الأشجار الموجودة في الروافد العليا للحديقة، حيث يقع الباغودا، بالتلون أولاً، ثم تنحدر موجات اللون القرمزي تدريجيًا إلى المستويات السفلية. كما تحتوي الحديقة على العديد من أصناف أشجار الساكورا المختلفة، مما يتيح للزوار الاستمتاع بمشاهدة أزهار الساكورا لفترة أطول نسبيًا“.

أوكاياسو أكيرا، يقف أمام شجرة مقدسة عمرها أكثر من 500 عام نجت من ويلات الحرب.

في عام 1918، قام ياماغاتا بتسليم تشينزانسو إلى البارون فوجيتا هيتارو، الرئيس الثاني لتكتل فوجيتا غومي التجاري. كان دينزابورو، والد هيتارو مؤسس فوجيتا غومي، مثل ياماغاتا، من مواليد هاغي، وقد تعرف على ياماغاتا وآخرين في دائرته عندما انضم إلى منظمة كيهيتاي شبه العسكرية التي كان ياماغاتا قائداً لها وكون ثروته في أوساكا في ستينيات القرن التاسع عشر وما بعدها. وبالنظر إلى هذه الصلة، اعتقد ياماغاتا أن تشينزانو التي أنشأها مع وضع مسقط رأسه هاغي في الاعتبار بشكل واضح، ستكون في أيد أمينة مع عائلة فوجيتا. تعد شركة فوجيتا كانكو إحدى شركات الضيافة الرائدة في اليابان، والتي تدير اليوم فندق تشينزانزو طوكيو، وهي شركة متفرعة من تكتل فوجيتا غومي التجاري الأصلي.

وفي خلال عمله على تطوير الحديقة، قام فوجيتا هيتارو بتزيينها بمبانٍ تاريخية من جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك معبد إنتسوكاكو، وهو مبنى يبلغ عمره حوالي 700 عام تم نقله من موقعه الأصلي في محافظة هيروشيما. لكن تشينزانسو تعرضت للقصف خلال الحرب العالمية الثانية، حيث احترق كل شيء باستثناء الباغودا وشجرة مقدسة. بعد الحرب، تعهد أوغاوا إيتشي، مؤسس شركة فوجيتا كوغيو، الشركة السابقة لشركة فوجيتا كانكو، بتحويل الأراضي إلى واحة حضرية لطوكيو المدمرة٫ حيث بدأ في إعادة بناء الحديقة. وبالإضافة إلى ذلك، افتتح أوغاوا مطعم حديقة تشينزانسو في عام 1952.

منذ ذلك الحين، أصبحت تشينزانزو معروفة في جميع أنحاء البلاد كواحدة من أرقى الأماكن في طوكيو لإقامة حفلات الزفاف والحفلات. وعلى مر السنين تم إضافة مطعم ريوتي الياباني التقليدي ومصلى للأعراس ومرافق أخرى مختلفة، كما تم افتتاح فندق فور سيزونز تشينزانزو طوكيو في الموقع ذاته في عام 1992. وفي عام 2013 تم تغيير اسم الفندق إلى فندق شينزانزو طوكيو عندما تولت شركة فوجيتا كانكو إدارة المكان.

يعد معبد إنتسوكاكو، الذي تحيط به أزهار الساكورا المتفتحة، أحد أهم معالم الحديقة في تشينزانسو.

قبل أربعين عامًا من الآن، عندما بدأ أوكاياسو العمل في تشينزانسو، لم يكن مطعم ريوتي ولا كنيسة الزفاف قد تم انشائهما، ولكن الهياكل انتشرت على مدى العقود التالية مع نمو الموقع في نطاقه. ”قبل أن أبدأ العمل هنا، كانت الخطط السنوية للعناية بالحديقة متوارثة من أسلافي. لكن الهياكل الجديدة على الأرض، من كنيسة الزفاف إلى مبنى الفندق، غيّرت أشعة الشمس المتاحة والرياح السائدة. وقد أثّر ذلك على نمو الأشجار وحتى على نمو الطحالب في البركة، لذا كان علينا اعادة تكييف طرق الزراعة والتقليم وفقًا لذلك. لقد كنت أنا وفريقي بحاجة إلى ابتكار طرق جديدة باستمرار للحفاظ على مظهر الحديقة“.

كنيسة الزفاف ”فانت فيرت“ تقع في الحديقة، ويظهر الفندق في الخلفية. تُعتبر الحديقة المكان المفضل لالتقاط صور الزفاف، حيث تُضفي جماليتها الطبيعية جوًا مبهجًا يمكن للزوار الاستمتاع به ومشاركته من خلال الصور.

البوابة الكلاسيكية التي تقود إلى ريوتي. السياج الخشبي على طول الممر، الذي قام بانشائه أوكاياسو وطاقمه، يتميز بطابع ساحر يسلب قلوب الزوار من الخارج.

واحة للاستجمام

توفر الحديقة متعة على مدار العام، حيث تضم زهور الكاميليا التي تزهر من الشتاء حتى الربيع، و120 شجرة ساكورا من 20 نوعاً، ومساحات خضراء جديدة في أوائل الصيف، وعروض أوراق الشجر الملونة في الخريف. من منتصف مايو إلى أواخر يونيو/ حزيران. ترفرف اليراعات في الحديقة؛ وفي الشتاء، تشكل إطارات الخيزران المثبتة لدعم أغصان أشجار الصنوبر ضد تساقط الثلوج الكثيفة مشهدًا رائعًا أمام معبد إنتسوكاكو.

يقول أوكاياسو: ”الحديقة جذابة في كل موسم“. ”في ذروة الصيف، عندما تتفتح القليل من الأزهار، فإن تناثر مياه شلال غوجوتاكي وخرير تيار اليراعات يوفران أصواتًا منعشة مرافقة لطيفة للنزهة“. ويوضح أن هناك العديد من التماثيل الحجرية مثل الآلهة السبعة المحظوظة ولوحات لشخصيات بوذية تعرف باسم راكان ”أرهات“ من رسم إيتو جاكوشو ”1716-1800“ تنتشر في الأرض. يستمتع الزوار بمحاولة اكتشاف هذه الكنوز.

شلال غوجوتاكي يتدفق فوق الصخور المغطاة بالطحالب. يُعد الممر المغلق بالزجاج خلف الشلال مكانًا شهيرًا لمشاهدة الحديقة من خلال رذاذ الخريف.

تمثال حجري لديكوكوتين، أحد الآلهة السبعة الجالبين للحظ والمرتبطين بالثروة والرخاء. في الممرات تنتشر تماثيل الآلهة الأخرى الجالبة للحظ، كما يعد موقع جيد لالتقاط الصور.

تعتبر الحديقة أيضًا موطنًا للعديد من القطع الأثرية التاريخية، مثل بيت الشاي وضريح إيناري شينتو، الذي يُصنَّف كممتلك ثقافي، بالإضافة إلى علامات حجرية مصنوعة من حجر الكوشينتو والمرتبطة بعقيدة شعبية تعود إلى القرن السابع عشر. وتضم أيضًا معبدًا حجريًا مكونًا من 13 طابقًا يرتبط تاريخه بأحد كبار مؤسسي طقوس تناول الشاي السيد أودا أوراكو ”1547-1622“. كما تتوفر خرائط توضح بالتفصيل تاريخ فندق تشينزانزو طوكيو والتحف الموجودة في الحديقة للزوار للاطلاع عليها أثناء استمتاعهم بالتنزه فيها.

تفتح الحديقة أبوابها مجانًا لنزلاء الفندق ورواد مطاعم الفندق والمقاهي وصالة الردهة. ويشير أحد موظفي العلاقات العامة بالفندق إلى أن الفندق يستضيف العديد من الفعاليات الخاصة، بدءًا من فعاليات ارتداء الكيمونو إلى احتفالات الشاي، التي تُقام في الحديقة لتمكين الزوار الأجانب من فهم واكتشاف الثقافة اليابانية. كما يُنظّم الفندق أيضًا فعاليات مرتبطة بالحديقة طوال العام، وحفلات عشاء خاصة في مطاعمه ومطاعم ريوتي، وبرامج إقامة، كلها تستحق بلا شك الزيارة.

يخلق مشهد اليراعات مع جسر بينكي الأحمر في الخلفية تأثيرًا سحريًا. (الصورة مقدمة من تشينزانسو)

توفر النوافذ الشفاقة في بهو صالة الحفلات بالفندق إطلالة رائعة على الحديقة.

فندق تشينزانسو طوكيو

• فندق تشينزانسو طوكيو
• العنوان: 8-10-2 سيكيغوتشي، بونكيو، طوكيو
• إمكانية الوصول: من محطة مترو طوكيو خط يوراكوتشو إيدوغاواباشي ”10 دقائق سيراً على الأقدام“ أو من خلال محطة واسيدا على خط تووزاي ”13 دقيقة سيراً على الأقدام“. وأيضًا من محطة ترام طوكيو ساكورا ”خط تودين أراكاوا“ ومحطة واسيدا ”8 دقائق سيرًا على الأقدام“.
• الموقع الرسمي:
  https://www.hotel-chinzanso-tokyo.com

(النص الاصلي باللغة اليابانية. التقارير والنص والصور من إعداد Nippon.com)