أصبحت الموضوعات المتعلقة بالتنوع والشمول أكثر بروزا في اليابان في السنوات الأخيرة. ولكن ما مدى فهم الناس لهذه المفاهيم؟ عمل الصحفي تاماكي تارو لفترة طويلة كمتطوع في فصل دراسي لأطفال مهاجرين في منطقة مينامي في أوساكا، وألف كتابا سرد فيه قصة مفعمة بالعاطفة حول هذه المنطقة المتنوعة بالفعل.
يجتذب برنامج كودومو كيوشيتسو (فصول دراسية للأطفال) الذي يقام في منطقة مينامي في أوساكا كل يوم ثلاثاء حوالي 60 شخصا. يجلس شخص متطوع بالغ بجانب كل طفل مشارك، وتظهر علامات البهجة والارتياح على الأطفال في نهاية الجلسات التي تكون مدتها ساعتين.
جميع الأطفال الذين يحضرون هذه الفصول هم من الأجانب، إلا أن المتطوعين هم في الغالب يابانيون بالغون أو طلاب جامعات. قام تاماكي تارو وهو صحفي وأحد المتطوعين في تلك الصفوف بتأريخ الفترة التي قضاها هناك في كتاب جديد بعنوان ”إمين نو كودومو نو توناري: أوساكا مينامي نو كيوشيتسو كارا (الجلوس بجانب أطفال مهاجرين: من فصل دراسي في مينامي، أوساكا)“.
الكتاب هو ثمرة خبرة عشر سنوات كمتطوع في المركز وليس مجرد زيارة لمرة واحدة. لذا يصور الأطفال في كتابه كأشخاص ينبضون بالحياة. فعندما قرأت كتابه، وجدت نفسي أتبنى وجهة نظر أحد الوالدين وأتعاطف مع الأطفال تارة وأشعر بالغضب من مواقفهم تارة أخرى. وهذا ما خلق في رأسي الكثير من الأفكار حول الهجرة والتنوع، وهي قضايا ليس لدي في كثير من الأحيان سببا كبيرا للتفكير فيها.
دردشات تجلب الشعور بالارتياح
يقع فصل الأطفال في شيمانوؤتشي وهي إحدى ضواحي منطقة مينامي في أوساكا وكانت تمثل بقعة الترفيه في أحد الأوقات.
وفي الوقت الحالي تشير مينامي إلى حي مستطيل الشكل يقع شرق منطقة التسوق الشهيرة مباشرة التي تمتد من شينسايباشي إلى قناة دوتونبوري. ويبلغ عدد سكانه حوالي 6000 نسمة، ثلثهم من غير اليابانيين.
تعود أصول هؤلاء الأشخاص إلى عدة بلدان من بينها الفلبين والصين وكوريا والبرازيل. وفي كثير من الأحيان، يعاني أطفالهم من صعوبة في اللغة اليابانية تجعلهم غير قادرين على التواصل في مدارسهم العادية. إلا أنهم يستمتعون في هذه الفصول الدراسية من خلال التفاعل بلغتهم الأم ويصبحون مفعمين بالحيوية والبهجة.
غالبا ما يشارك المتطوعون الذين يساعدون الأطفال بشكل فردي في الألعاب ومباريات مصارعة السومو أو يجلسون فقط ويستمعون إلى مشاكل الأطفال.
إن الأطفال الذين يعمل آباؤهم في أعمال متعلقة بالأغذية والمشروبات يقضون ساعات بمفردهم في المنزل بعد المدرسة. ولا شك أن تعبيراتهم المليئة بالبهجة والارتياح في نهاية جلسة ليل الثلاثاء ترجع إلى فرصة التحدث والضحك والتفاعل بحرية مع الآخرين، ما يوفر لهم التحرر العقلي والجسدي.
وقد عبرت ماكيكو وهي طالبة تايلندية جاءت إلى اليابان عندما كانت في الصف السابع، عن ذلك بشكل جيد قائلة: ”لولا هذا الفصل الدراسي، ربما لم يكن لدي أي أصدقاء. عندما أتيت إلى هنا، وجدت أشخاصا يستمعون إلي وكان ذلك رائعا. حيث إنني لم أكن أستطيع التحدث في المدرسة على الإطلاق. لذا شعرت بالارتياح في هذا الفصل الدراسي من مجرد القدرة على التحدث إلى شخص ما.
عندما وصلت إلى اليابان لأول مرة، لم تكن تعرف أي شيء تقريبا عن اللغة اليابانية، وكانت تقضي معظم وقتها في المدرسة بمفردها. ولكنها وجدت الدعم من خلال هذه الفصول الدراسية وبدأت بالاعتياد تدريجيا على بيئة المدرسة العادية. وسرعان ما أصبح لديها الكثير من الأصدقاء، وأصبحت قادرة على اتخاذ قراراتها الخاصة المتعلقة بمستقبلها ومتابعتها.
خلق مساحة للأطفال
بدأت الفصول الدراسية للأطفال في مينامي في خريف عام 2003. حيث اجتمع موظفون من ذوي اهتمامات وتخصصات مختلفة مثل كايهو كيويكو أو ”التعليم المفتوح“ والذي ركز في اليابان على استيعاب وإدماج المجتمعات التي تعاني من تمييز التعليم العرقي ودعم الطلاب اليابانيين العائدين من فترات طويلة قضوها في الخارج. وكانت في البداية تضم مجموعة صغيرة وتقام داخل مدرسة ابتدائية محلية ثم نقلت لاحقا إلى منشأة تابعة للبلدية. وتطورت في الوقت الحالي لتصبح مجموعة عريقة تلعب دورا مهما في المجتمع المحلي.
وكانت آمال الأعضاء المؤسسين تتمحور حول إنشاء شيء لا يكون مكان امتداد للتعليم المدرسي فحسب، وكان لديهم شعور ملح بالحاجة إلى خلق مساحة للأطفال في المنطقة، ويظهر هذا المعنى بوضوح في الكتاب.
والمتطوعون في هذه الصفوف الدراسية هم أفراد عاديون من عامة الناس وليسوا معلمين في المدارس، وليس هناك منهج دراسي محدد. وربما يكمن سر التطوير الناجح لمكان يستطيع فيه الأطفال التعبير عن أنفسهم بحرية بِكونه يُعنى بالصحة الجسدية والنفسية للطفل أكثر من كونه مكانا للدراسة وهذا ما يميزه عن المدرسة.
يقوم الأطفال في الفصل الدراسي بطهي أصناف طعام من أوطانهم وتناولها ويبحثون عن أصول أسمائهم لشرحها ضمن الفصل. ولا تبدو الأنشطة محددة بشكل مسبق، بل تبدو عفوية وغير مقيدة وممتعة
ولكل نشاط بالطبع هدف مقصود. حيث يساعد الطبخ والأكل الأطفال على فهم أصدقائهم الذين يلتزمون بنظام غذائي معين لأسباب دينية بشكل أفضل. كما يساعد اليحث في معاني الأسماء في التخفيف من الشعور بالنقص لدى الأطفال الذين فقدوا احترام الذات بسبب عدم قدرتهم على تحدث وفهم اللغة اليابانية. ويأمل الموظفون أن يتمكن الأطفال من استعادة الثقة بأنفسهم من خلال التعرف على الأسماء التي أطلقها عليهم آباؤهم.
ولا يكون أي من تلك النشاطات إلزاميا، حيث إن الأطفال يرغبون في الانضمام إليها لأنها ممتعة. يبدو أن هذا أمرا ملائما.
التنوع والشمول دون تفاخر
غالبا ما يتم وصف التنوع والشمول كأهداف نبيلة يجب السعي لتحقيقها. ولكن عندما يتعلق الأمر بمهاجرين أو غير يابانيين، فإن الطريق إلى تحقيق هذه الأهداف يصبح أكثر غموضا.
ربما ليست هناك حاجة لجهود مضنية، وهذا هو الانطباع الذي يتركه هذا الكتاب. ربما يكون من الأهم إنشاء أماكن حيث يمكن للناس أن يفتحوا قلوبهم ويشعروا بالحرية في التعبير عن أفكارهم. والمطلوب هو الإصرار على إنشاء مثل هذه الأماكن.
يمتلك الأطفال بشكل طبيعي طاقة وإمكانيات كبيرة. وعندما يتم منحهم مساحة يمكنهم من خلالها الشعور وكأنهم في منزلهم والاستمتاع بوقتهم، فمن المؤكد أنهم سيتمكنون من إيجاد ذواتهم في أي مجتمع. وأعتقد أن إنشاء المزيد من هذه المساحات في جميع أنحاء اليابان سيساعدنا على تحقيق قدر أكبر من التنوع والشمول.
كانت في البداية مجرد كلمات في صفحات كتاب، ولكن فيما بعد تمكنت من تصور وجوه الأطفال المبتسمة وأصواتهم المبهجة. لقد جعلني هذا الكتاب آمل أن تصبح اليابان مكانا يستطيع فيه هؤلاء الأطفال وغيرهم من المهاجرين أن يكونوا سعداء وخالين من الهموم في المستقبل.
إمين نو كودومو نو توناري: أوساكا مينامي نو كيوشيتسو كارا (الجلوس بجانب أطفال مهاجرين: من فصل دراسي في مينامي، أوساكا)
تأليف: تاماكي تارو
نُشر في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 من قبل دار النشر أساهي شيمبون
ISBN: 978-4-02-251943-6
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: منظر ليلي لمنطقة دوتونبوري في أوساكا بالقرب من مينامي. © بيكستا)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | رسالة تنوع وشمول: مراجعة كتاب الجلوس بجانب أطفال مهاجرين لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.