الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من بغداد: في مدينة العلا السعودية ذات الطبيعة الساحرة، امتزجت الثقافة بالسياسة في جو ساده الود والصداقة خلال اللقاء الذي جمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني يوم الأربعاء الماضي.
هذا اللقاء الخاطف، الذي ناقش خلاله الزعيمان العلاقات بين بلديهما، فضلاً عن الأوضاع في المنطقة عمومًا وسوريا خصوصًا، تزامن مع مهرجان "شتاء طنطورة" في نسخته الجديدة بمحافظة العلا شمال غربي السعودية. ويُبرز المهرجان الفن والثقافة التي تزخر بها هذه المدينة، ويُعدّ أحد أنشطة تنشيط السياحة في العلا والمملكة ككل ضمن رؤية السعودية 2030.
وقد جلس الزعيمان في خيمة ملكية بالمخيم الشتوي، في صورة تعكس ليس فقط علاقة الصداقة التي تجمع بين السوداني ومحمد بن سلمان على المستوى الشخصي، بل تعبّر أيضًا عن الرغبة المشتركة في أن تستمر هذه العلاقة الطيبة بين الشعبين السعودي والعراقي لسنوات طويلة قادمة.
غير بعيد عن هذه الجلسة، كانت فعاليات النسخة الثانية من مهرجان "بين ثقافتين" تجري في العاصمة السعودية. وهو مهرجان أطلقته وزارة الثقافة السعودية في "ميقا استوديو" ببوليفارد سيتي في الرياض، ويهدف إلى الاحتفاء بالتقارب الثقافي بين المملكة والعراق، وتسليط الضوء على أوجه التشابه والالتقاء بين ثقافتي البلدين.
شهد المهرجان، في حفل افتتاحه، تكريم الشاعر العراقي الكبير الراحل كريم العراقي، تقديرًا لأعماله التي أثرت الأدب والفن في الوطن العربي. وتم هذا التكريم بحضور الفنان العراقي الكبير كاظم الساهر، الملقب بقيصر الأغنية العربية، الذي صدح من الرياض بمجموعة من أجمل أغانيه، أبرزها "بغدادية"، وهي قصيدة حب للعاصمة العراقية ومعالمها. كما غنى قصائد من تأليف الشاعر كريم العراقي.
عبّر كاظم الساهر عن سعادته بمشاركته في هذا المهرجان، وشكر الثقافة السعودية على جهودها في تنظيمه والجمع بين اثنتين من أعظم الثقافات في الوطن العربي. كما مازح الساهر وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، قائلاً إنه سيغني أي أغنية يختارها الأمير، الذي كان بين الحاضرين، ما أثار الهتافات الحماسية للجمهور.
ويستمر المهرجان حتى 11 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، تحت إشراف الأمير بدر بن عبد الله، الذي كتب على صفحته بموقع X أن المهرجان سيتناول أكثر من 100 عمل فني لفنانين سعوديين وعراقيين، بالإضافة إلى الكثير من التقاطعات الثقافية بين البلدين.
كما شهد المهرجان ندوة خاصة بالفنان العراقي سعدون جابر، تناولت حياته ومسيرته الفنية، وتم تكريمه خلالها على إبداعاته على مدى عقود من الطرب الأصيل. وقد غنى سعدون جابر واحدة من أشهر أغانيه، بعنوان "عشرون عامًا انقضت".
شهد المهرجان أيضًا ندوة عن العلاقات الاقتصادية السعودية العراقية ومدى تطورها في السنوات الأخيرة، والتي شهدت زخمًا ملموسًا في الفترة الماضية.
تمزج فعاليات المهرجان بين التجارب الثقافية والفنية للعراق والسعودية من خلال أربعة أقسام رئيسية. يستضيف القسم الأول المعرض الفني، الذي يضم أكثر من 100 عمل لكبار الفنانين السعوديين والعراقيين. أما القسم الثاني فيشهد مسار "حوار بين حضارتين"، الذي يجسّد العلاقات المتجذّرة بين البلدين على مر العصور. ويشمل القسم الثالث "شارع المتنبي"، الذي يضم جدارية الخط العربي وقصائد المتنبي، إضافة إلى القسم الرابع حيث مقهى "الشابندر".
كما يحتوي المعرض على متاجر للكتب ومساحات للتفاعل والحوار من خلال الندوات وورش العمل.
ويضم المهرجان أيضًا "مقام النغم والأصالة"، حيث المسرح والحفلات الموسيقية للفنانين السعوديين والعراقيين.
وأخيرًا، يبرز "درب الوصل"، الذي يستعرض مجالات متعددة في الثقافتين، مثل المأكولات التقليدية التي تجمع بين النكهات السعودية والعراقية، والمقاهي ذات الطابع العراقي، ومنطقة خاصة بالأطفال.
مهرجان "بين ثقافتين" يعلي من قيم التواصل والتقارب الثقافي بين السعودية والعراق من خلال لوحات فنية، عروض موسيقية، ومجسمات نحتية تعكس التراث العريق والتقاليد الأصيلة لكل من السعودية والعراق. وقد عكست جلسة القائدين السعوديين والعراقيين في العلا هذا التقارب بالتزامن مع افتتاح المهرجان في الرياض.