شكرا لقرائتكم خبر عن «الكتابة التفاعلية».. الأدب حسب الطلب والان نبدء باهم واخر التفاصيل
متابعة الخليج 365 - ابوظبي - الشارقة: علاء الدين محمود
تجد الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، اهتماما كبيرا من قبل رواد تلك المواقع، وقد اتجه الكثير من المبدعين والكتاب نحو طرح كتابتهم على جمهورهم ومتابعيهم في المواقع، لتجد تلك الكتابات نقاشات وجدلا حول مضامينها.
الملاحظ أن بعض الكتاب، سواء في مجال (الشعر أو الرواية أو القصة) يقومون بتعديل مواضيعهم ومنشوراتهم بناء على طلب أو ملاحظات من قبل بعض المتابعين، لتكون الكتابة الإبداعية في هذه الحالة، نتاج تلك النقاشات والآراء . يرى البعض أن الكتابة التفاعلية هي بنت هذا العصر، حيث يصبح الكاتب على انفتاح مباشر مع جمهوره ومتذوقيه، بالتالي يجد نفسه أمام مجموعة من القراء والمتابعين، وعلى العكس من ذلك يرى البعض الآخر أن هذا النمط من الكتابة غير مشتغل عليه معرفيا، وغالبا ما يأتي غير ناضج كونه وليد اللحظة وينشد الشهرة والانتشار، وهو لا يحل بأي حال مكان الكتابة المتأنية المخدومة، فهذا النمط من الكتابة في نظر الكثيرين يبدو متناقضا مع مفهوم الأدب الذي يعالج القضايا ويطرح الأسئلة، ولا تبدو هذه المهمة ممكنة في كتابات عاجلة عفوية لا تنتج المعنى. وربما مما يوجد مثل هذا التباين العميق حول دور الوسائط والأدوات الجديدة اتصالياً ومعرفياً تجاه الكتابة، هو عدم وجود دراسة واضحة حولها تبلور مفاهيم الكتابة التفاعلية والأدب الرقمي.
القاص سعيد سالم الحنكي، يرى أن الكم المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي، على مستوى العالم العربي تحديدا، لا يرقى لمستوى الأدب والكتابة الحقيقية، وهناك مشكلة حقيقية في شكل ومضمون المنشور، حيث إن طبيعة التقانة الحديثة، والثورة في عالم الاتصالات والمعلوماتية، خلقت حالة من الاستعجال في نشر الفكرة أو النص أو الخاطرة، دون المراجعة أو التدقيق والتمحيص فيما كتب، ولا يمكننا أن نلوم تلك الوسائل، وإنما المطلوب من الكاتب التأني وعدم الانجرار مع الحالة السائدة فيها، فعليه أن يوزن فكرته أو عمله ويراجعه قبل الإقدام على النشر.
يشير الحنكي إلى أن الكتابة التفاعلية تتطلب قدراً كبيراً من المرونة من الكاتب، بحيث يستجيب لآراء المتابعين والمتداخلين الذين يعلقون على النص، لذلك فلا بأس من أن يغير القاص أو الشاعر، شيئا من نصه بطلب من المعلقين، ويرى الحنكي أن كل ذلك كان موجودا قبل الكتابة التفاعلية، فالكاتب عادة ما يعرض أعماله على مجموعة الأصدقاء المقربين، ويمارس التعديل اللازم، إذ اقتنع بضرورته، واليوم أصبح الأديب على علاقة مباشرة مع جموع القراء، وهذا واقع جديد، ينتج مفاهيم مختلفة، ويتطلب تعاملا مختلفا، فالكاتب على مواقع التواصل الاجتماعي يجد نفسه أمام جمع من النقاد، ربما هم غير محترفين، لكن لديهم الخبرة والذائقة، ويشبه الحنكي تلك المسألة بعرض الشعراء العرب في الجاهلية، قصائدهم في سوق عكاظ، حيث يتم نقد القصيدة بشكل فوري ومباشر، وهذا عينه ما يحدث في الكتابة التفاعلية الأمر الذي يستوجب احترام وجهة النظر المتباينة.
الشاعرة شيخة المطيري تحدثت عن تجربتها الخاصة في مجال الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجدت نفسها تكتب بشكل لحظي، كأن الشعر يأتي ارتجالاً، واصفاً ومختصراً ما مرت به أو ما أرادت قوله في ذلك الوقت، ليقدم النص الذي لا يتجاوز الثلاثة أبيات، الفكرة كاملة من دون إطالة، وقد وجدت تفاعلاً جميلاً، وردوداً على أبياتها في بعض الأحيان، فالشاعر يقدم في تلك اللحظة، سيرة شعرية مختصرة عن تجربته، من خلال الوجبات الأدبية الخفيفة.
وتذكر المطيري أن التعليقات الأخرى، والتي تجد فيها الآراء النقدية، كانت تجعلها بالفعل تعيد النظر في بعض الكلمات، ومن هنا تنبثق حياة أدبية يتواصل فيها المبدع والمتلقي.
تشير المطيري إلى أن الأدب ليس حكراً على أحد، ولعل في إمكان الهاوي أن ينتج أدباً جميلاً إذا أتيحت له فرصة المشاركة، أما الذين ينشدون الشهرة فهؤلاء لا يستطيعون الاستمرار، لأن الزمن كفيل بإزاحتهم، فوجود الأدب الراقي على مواقع التواصل الاجتماعي، يقلل المساحات الفارغة التي يمكن أن تستغل فيما لا يليق.
فيما ينفي القاص والمسرحي صالح كرامة وجود كتابات تفاعلية مبدعة، ويصف الكتابات على المواقع بشخبطات السذج والمتوهمين، الذين يرون أن الإبداع ينتج من جملة أو جملتين عفويتين، وكل تلك الظواهر الموجودة على صفحات التواصل الاجتماعي مصيرها النسيان، فمعظم هؤلاء لا يشتغلون على أنفسهم معرفيا بحفر داخلي عميق، ولا يتحصلون إلا على اليسير من الثقافة، وهم يلجأون إلى هذه الفضاءات التي تحقق لهم شيئاً من الشهرة والانتشار.
ويرى كرامة أن هناك بعض المواهب، لكن المسألة تحتاج منهم إلى اشتغال كبير على أنفسهم، فمواقع التواصل الاجتماعي لا تقدم تجربة أدبية حقيقة، ولا جمهورا حقيقيا، والإبداع يحتاج إلى عملية طويلة لإنتاج النص، وخبرة من خلال القراءة المتعمقة والاطلاع.
يشير كرامة إلى وجود أزمة قراءة في العالم العربي، ما يجعل بعض الكتاب المعروفين يتجهون نحو المواقع الإلكترونية، لنشر أعمالهم، وهؤلاء الكتاب لم يبدأوا مع مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ينقلون إليها كتاباتهم الناضجة والمعروفة مسبقا، وهذا أمر مفيد ليس من أجل الانتشار فقط، بل وكذلك لترقية الذائقة.
أما الشاعرة جميلة الرويحي فتشير إلى أن الزمن السائد الآن، يتصف بالسرعة في كل شيء، في الكتابة، وفي الاستجابة والتفاعل، فالكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي صارت تحقق الانتشار والوصول إلى أقصى مكان في الأرض، وهذا واقع جديد يفرض نفسه بقوة على كافة المجالات، وبالتالي فإن الكتابة التفاعلية ضمن هذا الواقع الذي أنتجته وسائل التواصل، تؤسس علاقة جديدة بين الكاتب ومتابعيه، وتتحقق قدرا من التفاعل الذي يثري النص الإبداعي.
تؤكد الرويحي أن الكتابة التفاعلية صارت أمرا واقعا، والمطلوب من الكاتب أن يتحلى بالمرونة، وتقبل النقد، فالنص بمجرد خروجه من الكاتب يصبح ملكا للجميع.
الشاعر عبيد موسى حارب يرى أن الكتابة التفاعلية، صارت من الممارسات المتداولة، لكنها لا ترقى لمستوى كتابة حقيقية أو إبداع حقيقي، فقد صارت مجالا لكل من لا يمتلك موهبة.
ويشير حارب إلى أن الكتّاب المعروفين الموجودين بكتاباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، قد جاؤوا إلى هذا الواقع الافتراضي، لينشروا أعمالهم المعروفة، ويتواصلوا مع متابعيهم وقرائهم، وذلك أمر مختلف عن السائد من وجود كتّاب يبذلون كتابات عفوية وساذجة تعتمد على المفارقة البسيطة، وتجد إعجابا من البعض.