الرياص - اسماء السيد - خصصت وسائل الإعلام الدولية مساحات كبيرة للحديث عن التوتر بين إيران من جانب والولايات المتحدة وإسرائيل من جانب أخر، وتصاعد لهجة الخطاب العدائي بين واشنطن وطهران، رغم الإعلان عن مفاوضات مباشرة بين الجانبين.
وفي صحيفة التايمز البريطانية، طرح الكاتب روجر بويس، تساؤلا عن "هل ترى الولايات المتحدة الآن إيران هدفًا سهلًا؟"، وقال في مقاله إن احتمالات نشوب الحرب تؤرق المسؤولين الكبار في إيران وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أمر الشعب أن "يستعد للمعركة"، لأنه يشعر بالقلق من أن إدارة ترامب ومعها الإسرائيليين يرون أن إيران أصبحت هدفا سهلا بعد ضرب أذرعها في المنطقة.
وأشار الكاتب إلى بعض الاستعدادات الأمريكية والإسرائيلية للمواجهة المقبلة، منها نقل طائرات شبح إلى قاعدة دييغو غارسيا الأمريكية الواقعة ضمن نطاق ضرب إيران، ونقل منظومة دفاع جوي من طراز ثاد إلى جنوب إسرائيل، وتكثيف القصف الأمريكي ضد الحوثيين، وكلاء إيران في اليمن، لذلك "يبدو أن هدف الولايات المتحدة هو تحييد أي محاولة من طهران للرد على أي هجوم أمريكي مُحتمل".
بين التهديدات والتفاوض: لماذا اختارت إيران عُمان للوساطة مع الولايات المتحدة؟
هل يستطيع ترامب إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي؟
هل تلعب السعودية دور الوسيط بين طهران وواشنطن؟
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، ومواقف دول الجوار من تحذيرات طهران؟
وعن اللقاء المقبل بين ستيف ويتكوف، المقرب من ترامب، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في أول مفاوضات مباشرة منذ 10 سنوات في سلطنة عمان، حذر المقال من أنه إذا تبنى ويتكوف موقف ترامب المتطرف بضرورة تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية ونقلها إلى دولة ثالثة آمنة مقابل رفع العقوبات، فإن المحادثات لن تسير بسلاسة.
كما أن "الخيار الليبي" المفضل لدى بنيامين نتنياهو، والذي تم خلاله نزع سلاح العقيد القذافي تحت إشراف دولي، لن يحظى بقبول واسع في طهران، خوفا من الوصول إلى مصير القذافي.
ويوضح الكاتب أنه بجانب الضغط العسكري، يهدد ترامب "بإعادة فرض العقوبات النفطية التي رفعتها إدارة بايدن"، وسوف يقايض ترامب إيران: إما الحصول على قنبلة نووية أو بيع النفط في الأسواق العالمية والحصول على عائدات.
ويوضح الكاتب أن جميع أذرع إيران معطلة حاليا، "حماس في غزة وحزب الله في لبنان، كما سقط نظام الأسد في سوريا، والمليشيات في العراق خارج الخدمة"، ولم يتبق سوى الحوثيون في اليمن ويتلقون ضربات قوية"، وهو ما سيضعف قدرات إيران التفاوضية.
ويحذر المقال من أن ترامب لم يعد يتعامل مع الأمور بمنطق حسابات المال كرجل أعمال يخشى خوض الحرب، لأنه أصبح "قائدا لديه ثقة أكبر من ولايته الأولى، وهو مستعد لاستخدام القوة العسكرية إذا كانت ستحقق نتائج سريعة".
"الاتفاق الأفضل" لإسرائيل
تحدثت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية عن "الاتفاق الأفضل" لإسرائيل، وقالت في تقرير للكاتب ديفيد هوروفيتز، إن الاتفاق يجب أن "يمنع" الأسلحة النووية الإيرانية بشكل دائم.
وقال الكاتب إن ما فعله ترامب مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في زيارته الأخيرة للبيت الأبيض كان "مفاجئا"، إذ لم يخبره مسبقا بنيته فتح مفاوضات مع إيران، "ووضعه أمام أمر واقع وطلب منه فورًا الجلوس والتعبير عن تأييده للقرار".
وأشار إلى أن ترامب كان يعتقد أنه يجامل صديقه وأنه يطلعه على المبادرة الدبلوماسية قبل إخبار بقية العالم، لكنه "أغلق الباب حاليًا أمام العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران".
وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو "ما كان سيقبل بهذا من أي رئيس أخر غير ترامب"، ولو كان نتنياهو في المعارضة، "لكان انتقد رئيس الوزراء الذي سيقوم بما قام به". وأضاف أن نتنياهو لم يفعل هذا لأن ترامب "حليفه".
وفي النهاية خرج نتنياهو ليقنع العالم وحلفائه في إسرائيل بأنه كان شريكا في القرار، وكأنه يوجه رسالة يقول فيها "انظروا، نحن متحدون في هدفنا المتمثل في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. إذا أمكن تحقيق ذلك دبلوماسيًا، وبشكل كامل، كما حدث في ليبيا، فأعتقد أن ذلك سيكون أمرًا جيدًا. ولكن مهما حدث، علينا التأكد من عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية".
"ترامب صانع الصفقات"

ونشرت صحيفة واشنطن بوست، مقالا للتعليق على ما يجري في الشرق الأوسط والمواجهة الأمريكية الإيرانية، للكاتب ديفيد إغناسيوس، بعنوان "طهران تتذوق طعم ترامب صانع الصفقات".
وجاء في المقال أن ترامب ألقى "قنبلة خطابية"، من قنابله التي لا يكون متأكدًا من مكان سقوطها، ويريد إجراء محادثات وجها لوجه مع إيران، مع التهديد بالعمل العسكري إذا فشلت الدبلوماسية.
وقال الكاتب إن إيران تبدو "مهتمة وغير مرتاحة في آن واحد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقال رأي نُشر يوم الثلاثاء في صحيفة "واشنطن بوست"، إن إيران ترى انفتاح ترامب عليها "محاولة حقيقية لتوضيح المواقف وفتح نافذة نحو الدبلوماسية"، وكتب: "لا يمكننا أن نتخيل الرئيس ترامب راغباً في أن يصبح رئيساً أمريكياً آخر غارقاً في حرب كارثية في الشرق الأوسط".
ويشدد الكاتب على أن ترامب يدرك أن إسرائيل ستكون "طرفًا ثالثًا" غير مرئي في أي مفاوضات مع إيران. لذا، حرص على وجود نتنياهو إلى جانبه عند إعلانه عن رغبته في إجراء محادثات مباشرة مع إيران، إلا أن أحد مسؤولي الإدارة توقع أن يكون مشهد المكتب البيضاوي وسيلة لإبقاء نتنياهو تحت السيطرة واستباق الانتقادات الإسرائيلية.
ويرى الكاتب أن "مسرح المكتب البيضاوي" سمح لترامب بإظهار أمرٍ كان صعباُ على الرئيسين الديمقراطيين، جو بايدن وباراك أوباما، ألا وهو إظهار أنه المسؤول الحقيقي والمسيطر حتى أمام نتنياهو.
ويؤكد الكاتب على أن "اللقاء الأخير بين ترامب ونتنياهو يختلف تماما عن اجتماعهما في أوائل فبراير/شباط الماضي. ركزت المناقشات آنذاك على آمال إسرائيل في أن يدعم ترامب عملًا عسكريًا محتملًا ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكن مسؤولين أخبروني لاحقًا أن ترامب كان أكثر حرصًا على الدبلوماسية من القصف".
وفي اجتماع مارس/آذار، أرسل ترامب رسالة إلى المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، مقترحًا إجراء محادثات نووية، لكنه حذر من أن إيران لديها مهلة شهرين فقط للدبلوماسية.
ويقول الكاتب: "يُعتقد أن إيران تمتلك من اليورانيوم عالي التخصيب ما يسمح لها في غضون أسابيع برفعه إلى المستوى اللازم لصنع عدة أسلحة، لكن المحللين يعتقدون أنها ستحتاج إلى عام أو أكثر لتطوير رأس نووي فعلي يُمكن تثبيته على صاروخ باليستي".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب قد يزور المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة الشهر المقبل، متساءلا: "أليس من المعقول أن يُضيف طهران إلى قائمة وجهاته لو أثمرت المحادثات الأولية بين ويتكوف وعراقجي؟"