الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من القاهرة: لقي الصحفي الفلسطيني أحمد منصور مراسل وكالة "فلسطين اليوم" مصرعه حرقاً، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، متأثرًا بإصابته واحتراقه بالكامل جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي خيمة صحفيين بمستشفى ناصر في خان يونس "الإثنين".
وأصيب أحمد منصور بحروق بعدما نشبت النيران في جسده بالكامل أثناء وجوده داخل خيمة الصحفيين بجوار مستشفى ناصر في خان يونس، على إثر قصف إسرائيلي.
وانتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو صادم يظهر لحظة احتراق الصحفي أحمد منصور، مما تسبب في الصدمة والغضب عبر منصات التواصل خلال الساعات الماضية.
كما أسفر القصف الإسرائيلي واستهداف الخيمة عن مقتل الصحفي حلمي الفقعاوي، والمواطن الشاب يوسف الخزندار، بالإضافة إلى إصابة 9 صحفيين آخرين، وترددت أنباء من مصادر إسرائيلية عن مصرع حسين اصليح الذي وثق أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وهو ما يطلق عليه "طوفان الأقصى"، وكذلك الحرب على غزة، ولكن لم يتم تأكيد خبر وفاته من أي مصادر فلسطينية.
كيف احترق أحمد منصور؟
وقد عم مزيج من الصدمة و الحزن بعد انتشار مقطع احتراق أحمد منصور، وروى الصحفي الفلسطيني، عبد الرؤوف شعث، اللحظات التي احترق فيها منصور قائلا: "لم أتخيل أن تأتي لحظة أهرع فيها إلى إنسان والنار تلتهم جسده، وفي حاجة لإنقاذه من الاحتراق".
وأضاف: "عندما استهدفت طائرات الاحتلال خيمة الصحفيين في مخيم ناصر، انفجر كل شيء من حولنا: الصوت، النار، الغبار، والذهول، التفت بسرعة، فإذا بالزميل أحمد منصور يشتعل أمامي، لا مجازًا، بل حقيقة تُفطر القلب".
كان يبحث عن النجاة في وجهي
وتابع: "لم أفكر، اندفعت إليه بكل ما في من خوف ومحبة وفطرة إنسانية، حاولت دون شعور ولا أعرف ماذا فعلت ولا أدري كيف تحركت، كأني أطفئ النار المشتعلة في قلبي، كان يصرخ، وعيناه تبحثان عن النجاة في وجهي، لم يكن ذلك مشهدًا من فيلم، كان وجعا حيا، حقيقيا، يحترق".
ومضي يقول: "نحن صحفيون.. نحمل الكاميرا، لا السلاح، نروي الحقيقة، لا نشارك في القتال، فلماذا نُقصف؟، ستبقى تلك اللحظات محفورة في ذاكرتي ما حييت، أحمد، زميلي، لا أملك وعدًا لك إلا أني حاولت بكل ما أستطيع.. وأنك ستبقى في قلبي، وفي عيوننا جميعًا، سامحني إن خذلتك لحظة، وسامح هذا العالم الذي لم يمنحك حق الحياة، ولا حتى حق النجاة من لهيب الظلم".
وأكد أن "المشهد كان قاسيًا إلى حدّ يعجز عنه الوصف؛ جسد يحترق، صرخاتٌ تخترق الدخان، وقلوبٌ تتفتت على أصدقاء لا نستطيع إنقاذهم بقدر ما نتمنى، مضيفا: "في تلك اللحظات، لا يملك الإنسان إلا ردّ فعل غريزي، بين الهرب، أو الاندفاع، أو الجمود التام، البعض أمسك بالكاميرا، لا لأنه أراد التصوير بدل الإنقاذ، بل لأنه شُلّت حركته، وفعل ما استطاع فعله في لحظة الرعب".
مشهد الرعب لا يمكن نسيانه
واختتم بقوله: "لا أحد يختار أن يرى إنسانا يحترق ثم يلتقط له صورة بقلب بارد، لكننا نذكر من يهاجم دون أن يشهد، أن الله لا يكلّف نفسًا إلا وُسعها، والحمد لله أنّ الله ألهمني المحاولة، وأن للذهول حدودًا لا تُقاس من خلف الشاشات، ما حدث لا يُنسى، ومن كان هناك لن يشفى بسهولة، لا من الحريق، ولا من العجز، ولا من قسوة الأحكام، رحم الله زملائنا الشهداء والشفاء العاجل للجرحى منهم".
وتعليقا على ذلك قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن جريمة استهداف الصحفيين في غزة، تعكس مدى الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين، وهذا الاعتداء الوحشي يأتي ضمن سلسلة متصاعدة من الجرائم التي تطال الصحفيين بشكل مباشر، في محاولة ممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني وتغييب الحقيقة.
اغتيال الصحفيين وتغييب الحقيقة
وأكدت الخارجية الفلسطينية في بيان صدر عنها، الإثنين، أن استهداف الصحفيين يأتي في سياق الحرب الشاملة التي تشنها قوات الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والتي تهدف إلى تغييب الحقيقة، ومنع توثيق الجرائم والانتهاكات المتواصلة بحق المدنيين، وتندرج هذه الجريمة ضمن سلسلة من الانتهاكات المتعمدة، التي تشمل القصف والقتل خارج إطار القانون، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، بهدف ترويع الصحفيين وردعهم عن أداء مهامهم الإنسانية والمهنية.