طفل هائم الملامح، يقف تائهًا وسط شوارع منطقة وسط البلد، تفضحه عينياه مخبرتان بوقوع مصيبة تفوق تحمله، ليلفت انتباه فتيات جامعيات مررن أمامه، قاطعًا حديثهن عن عدم مصداقية برامج "المقالب"، فتبدأ شروق خالد، طالبة، بسؤاله عن مشكلته، مكتشفة هربه من والده المتلذذ بتعذيبه، مستنجدًا بوالدته، التي لم تحتفظ ذاكرته سوى بصورتها وصوتها ورقم هاتفها، فتتطوع بالاتصال بها، لتصدم من عدم رغبتها في رؤيته، فتغالبها الدموع وسط احتضانها الطفل، عله يجد الأمان الذي فقده مع والديه بين زراعيها، لتزداد دهشتها باكتشاف أنها جزء من برنامج المقالب "الصدمة".
"مش مصدقة إن اللحظة اللي بقول فيها على برامج المقالب متفبركة، ألاقي نفسي روحت لمقلب برجليها، أنا لو بكتب فيلم مش هيحصل كده".. كلمات أعربت بها صاحبة الـ21 ربيعًا عن دهشتها من "مفارقات القدر"، راوية أنها ذهبت بصحبة رفيقاتها الأربعة، لتناول الغداء بـ"وسط البلد"، عقب انتهاء الامتحان الشفوي بكلية تربية رياضية، لتُصدم بقصة الطفل محمد مصطفى، التي دفعتها للتفكير بجدية في إيوائه بمنزلها، وتعوضيه عن الأمومة المفتقدة إليها بشدة، منذ اللمسة والدتها الأخيرة ليديها في 2014، قبل مغادرتها الحياة.
وتابعت: "إيمان صحبتي فكرت تتبناه كمان، خصوصا إن باباها وماماتها ماتوا، ومش عايزاه يجرب اليُتم"، رافضين وضعه في ملجأ أيتام، لعدم ثقتهن من حصوله على العناية اللازمة.
شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تفاجئت بها "شروق" منذ إذاعة الحلقة، وآلاف التعليقات المنبهرة بتصرفاتها الإنسانية مع "الطفل التائه"، بالإضافة إلى سيل هائل من المتابعات وطلبات الصداقة، وسط استغرابها من تسليط الضوء عليها تحديدًا، رغم ردود الأفعال الراقية من المشاركين بالحلقة، لتحكي اندهاشها من عشرات عروض الزواج المقدمة لها، بينهم أحد أقارب زميلتها بالكلية، المقيم بالكويت، والذي ألح على التواصل معها، للارتباط بها رسميًا، بالإضافة إلى تعليق أحد مستخدمي "فيس بوك": حد يقولها إني عايز أتجوزها، وأنا بطبخ وبغني، ومامتي حبتها جدًا، ودمعت على عياطها".
عبارات ثناء ومدح تلقتها "شروق" من أسرتها، منذ تجمعهم بمنزل جدتها في اليوم الثاني بشهر رمضان، متلقية اتصالات هاتفية من زملائها بالمدرسة وجيرانها القدامى، الفخورين بها، لتؤكد أن أكثر ما أسعدها الدعوات الجمة لها ولوالديها على تربيتهما، وشعورها بحب الناس إليها.
"لازم شروق تستفيد من الشهرة، وتظهر موهبتها في الغناء".. تعليق استفز الطالبة الجامعية، لإساءة تأويل نيتها، ظننا منه أنها ستستغل العمل الخيري في منفعة شخصية، مشددة أنها لن تسعى لذلك، مكتفية بعرض مقاطع صوتية لأغانيها على حسابها الشخصي بـ"فيس بوك".
فكرة "الصدمة" الهادفة، جعلت الفتاة العشرينية في التفكير في الإكثار من الأعمال الخيرية الخاصة بالأطفال الأيتام والفقراء، بعد اقتصارها على التبرع بكتب دراسية وملابس، داعية أصدقائها لمشاركتها في مساعدة الآخرين، مختتمة حديثها:"مكنتش أعرف برنامج الصدمة قبل كده، بس مبسوطة بكل الخير اللي هتشجع أعمله بسببهم".